زوجي كثير التحكم والتهديد بالطلاق، فما توجيهكم؟
2025-03-19 02:46:13 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
زوجي كثير التحكم بي، فهل يجوز له أن يظلمني ويمنعني من الذهاب إلى طبيب لعلاج مرض الغدة؟ مع العلم أن منعه ليس بسبب أن الطبيب رجل، ولكنه يمنعني بسبب التكلفة المادية للزيارة، ويتحجج بدراستي، ويقول: عندما تنتهين من دراستك اذهبي إلى الطبيب.
وهل يجوز له أن يتحكم بي في مسألة تعليمي؟ فأنا أنهيت دراستي في الأزهر، وهو يجبرني على إعادة الدراسة لأتمكن من العمل بعد ذلك، فأنا أدرس، ولكن لا أستطيع التركيز ولا الحفظ، بالإضافة إلى أنه يهددني بالطلاق إذا لم أنجح! فهل يجوز له فعل ذلك؟ لقد تعبت من تحكمه بي، وكأنني دمية في يديه، يتحدث معي متى شاء، ويتجاهلني متى شاء، وكأنني غير موجودة.
حالتي النفسية تتدهور بسبب معاملته لي! وعندما أخبره أنني متعبة، يسخر مني ويقول: "طوال الوقت متعبة؟" أنا متعبة لأنه يهددني بالطلاق باستمرار، إذا تأخرت في الاستيقاظ يهددني، وإذا انكسر مني طبق بالخطأ يهددني، بل إنه يضربني ويطردني.
لقد تعبت كثيرًا، ولا أعرف ماذا أفعل، في كل مرة أستعيذ بالله من الشيطان، وأسامحه، وأعاتبه، وأطلب منه ألا يكرر تهديده لي؛ لأن تهديده المستمر يجعلني أكره نفسي وأكره الحياة، ولكن لا حياة لمن تنادي!
بالإضافة إلى ذلك، يمنعني من الحمل، بحجة أنه إذا فقد وظيفته، فمن أين سينفق علينا، وهو موظف حكومي؟ أريد توضيحًا، هل يجوز له فعل ذلك بي؟ وكيف يمكنني طاعته وأنا مُكرهة؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رحاب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحُسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يهدي زوجك بهدي النبي (ﷺ) في التعامل مع النساء، وأن يهديه لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.
أرجو أن يعلم زوجك أن النبي (ﷺ) كان يُحسن إلى أهله، فكان في بيته ضحَّاكًا بسَّامًا، يُدخلُ السرور على أهله، ثم أطلقها مُدوِّية فقال: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي»، وقال: «خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ»، وقال: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِكُمْ»، وقال (ﷺ): «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا»، وقال: «اتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ؛ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ»، وحرّج حق الضعيفين اليتيم والمرأة، فقال: «إِنِّي أُحَرِّجُ عَلَيْكُمْ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ».
ما يحصل من زوجك بلا شك يحتاج إلى وقفات، ونتمنّى أن تنجحي في تشجيعه حتى يتواصل مع الموقع ليسمع التوجيهات المباشرة، فإن التوجيه ينبغي أن يكون له، وسيكون مفيدًا جدًّا له، وعندما يسمع التوجيه من إخوانه الخبراء الرجال، سيعرف الطرائق الصحيحة للتعامل مع المرأة، أمَّا أنت فندعوك إلى الحرص على طاعته تقرُّبًا إلى الله -تبارك وتعالى- ونُبشرُك بأنك مأجورة على كل هذه الصعوبات التي تواجهك، ونبشرك بقوله (ﷺ): «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَصَّنَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا دَخَلَتْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَتْ».
عليه أن يعلم أن هذا ليس في مصلحة الأسرة، وليس في مصلحة استقرارها النفسي، أو الحياة، أن يكون دائمًا أسلوب التهديد؛ لأن هذا يُفقد المرأة أمنها وأمانها، وأكبر ما تحتاج إليه المرأة الحب والأمان، فإذا وفّر لها الزوج ذلك غمرته بالتقدير والاحترام، وحاجة الرجل التقدير والاحترام، وعليه أن يعلم أن القوامة التي شرعها الله لحسن الإدارة هي رحمة، وليست تحكّماً وتسلُّطاً بالطريقة المذكورة، وقد قال الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19]، وقال: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} [النساء: 34].
على كل حال: نحن نبشّرك أوَّلًا بأجر الصبر وثواب الصابرين، وأجر الصابرين بغير حساب، {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]، وندعوك إلى دعوة الزوج إلى أن يتواصل مع الموقع، ويتحاور معنا عن هذا الذي يحدث، ونحن بحاجة إلى أن نستمع إلى ما عنده، ثم بعد ذلك يستمع للتوجيه من المختصين.
ونكرر أن هذا الذي يحدث بالطريقة المذكورة لا يمكن أن يُقبل من الناحية الشرعية، وسعدنا أنك تستعيذين بالله من الشيطان، وتغفرين له، وتُراجعين نفسك، وهذا ما ننتظره من أمثالك ممّّن درسنَ في الأزهر، ودرسنَ العلوم الشرعية، أن تصبر على زوجها؛ لأن الصبر على الزوج ممَّا يُوصل إلى رضوان الله -تبارك وتعالى- بل الكثير من الزوجات سيفزنَ برضوان الله لصبرهنَّ على الأزواج، فاستمري على ما أنت عليه من الخير، وحاولي أن تجعليه يتواصل مع الموقع، حتى يسمع التوجيهات، ونناقشه في هذا الذي يحدث، ومن حقه أن يقول أيضًا ما في نفسه؛ لأننا عند ذلك نستطيع أن نُعطي التوجيهات الصحيحة التي تُحقق مصلحة الأسرة.
بقي أن ننبه إلى مسألة المنع من الحمل: لا مانع من أن يتفق الزوج مع زوجته على هذه المسألة، لكن الخطورة أنه يقول: (من أين سيصرف؟) علينا أن نُوقن أن هذا إشكال؛ لأن الرزّاق هو الله -تبارك وتعالى- ولا يجوز أن نُحدد الحمل أو النسل، أو نمنع الولادة بدعوى من أين نُطعمهم؛ لأن هذا من المخاوف التي كانت عند أهل الجاهلية؛ ولذلك قال الله: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} [الإسراء: 31]، قدّم رزق هؤلاء الصغار؛ فالطفل يأتي برزقه، وواهم مَن يظنّ أنه يُطعم أولاده أو يُطعم أهله، فالزوجة تأتي برزقها، والأطفال يأتون بأرزاقهم، و«هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ» فربما كان مجيء الطفل سببًا للتوسعة؛ لأن رزقه واسع، ويُبارك الله في الطعام، فـ «طَعَامُ الاِثْنَيْنِ كَافِي الثَّلَاثَةِ، وَطَعَامُ الثَّلَاثَةِ كَافِي الْأَرْبَعَةِ».
لذلك إذا أردتم أن تُنجبوا أطفالًا فهذا لكم، وإذا أردتم أن تُؤخّروا الإنجاب فهذا لكم بالاتفاق بين الطرفين، شريطة ألَّا يكون السبب في ذلك هو من أين نصرف؟ وكيف ننفق عليهم؟ لأنا لسنا مسؤولين عن هذا، وكم من رجلٍ توفّي ومضى إلى الله، وسعدَ أبناؤه فطعموا وشربوا؛ لأن الرزّاق حيٌّ لا يموت سبحانه وتعالى.
نسأل الله أن يُعينك على الخير، ويُعين زوجك على تفهّم هذه الأمور، ونسعد جدًّا بتواصله مع الموقع، أو بكتابة استشارة مشتركة، ومن حقكم أن تطلبوا حجبها لتظلّ سِرًّا، وستجدون التوجيه من مختصّين.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والاستقرار والسعادة، وأن يؤلّف بين قلوبكم، وأن يُصلح ذات بينكم، إنه وليُّ ذلك والقادرُ عليه.