كيف أتعامل مع من يهمزونني ويذكرونني بسوء في غيبتي؟
2025-03-27 03:37:26 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
يوجد شخصان أعلم جيدًا أنهما يتحدثان عني في غيابي، ويغتابانني، ويتحدثان في عرضي، وهذا يُسبِّبُ لي أذىً نفسيًا كبيرًا، خصوصًا وأنا لا أعلم مدى أو حدود هذا الكلام.
فللأسف تنصتُّ عليهما لأعلم ما يُقال في غيابي، كي أكون أكثر حذرًا، فهما يُفسران أفعالي وطريقتي وكلامي بشكل خاطئ، أو حسب أهوائهما، فكنت أريد أن أعلم ما يفكران فيه عني وكيف يفسران تصرفاتي، لأكون أكثر حذرًا من أفعالي، وأتجنب أي شيء يُسبِّب لهما هذه الظنون الخاطئة، فتنصتي عليهما وعلمي بما يدور خلفي مع هذين الشخصين سيساعدني.
هذان الشخصان يفرحان لحزني ويغتابانني، ويسخران مني ومن تصرفاتي، بل ويفسرانها حسب أهوائهما، فكنت أريد أن أفهم كل شيء كي أتجنب أي شيء يجعلهما يتكلمان عني.
أعلم أن التجسس حرام، ولكن نيتي كانت أن أعلم ما يحدث من ورائي وما يقولانه عني، وللأسف سمعت ما لا تشتهيه النفس، فهما يتحدثان في ما لا يجب أن يتحدثا به عن فتاة.
وقد سمعتهما يضحكان ويقولان عني أنني عندما أراهما معًا أقول في نفسي بكل تأكيد يتحدثان عني، يعني هما يعلمان أني أعلم أنهما يتحدثان عني، ويضحكان على هذا الأمر!
ما حكم ما فعلته؟ وما حكم ما يفعلانه تجاهي من همز ولمز وغيبة وسخرية مني؟
ما حكم الدين فيهما؟ وهل بهذه الغيبة يظلمانني ودعائي مستجاب فيهما؟
أرجو إخباري بحكم الدين في ما فعلته أنا، وفيما يفعلانه هما تجاهي، فأنا مدمرة نفسيًّا بسببهما. هل من حقي قول (حسبي الله ونعم الوكيل) فيهما؟ هل ما يفعلانه تجاهي حرام؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب. نسأل الله تعالى أن يتجاوز عنك ويغفر لك ما فعلتِ.
لا شك أن ما فعلته تصرُّفٌ يُؤذيك في دينك، ويُؤذيك في دنياك، وهو مع كونه تجسسًا، هو أيضًا يُوقعك في أنواعٍ من الضيق؛ بسبب ما تطلعين عليه من إساءات الآخرين، فننصحك بالمبادرة إلى التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، وأن تسلكي سبيل التغاضي والتغافل؛ فالتغاضي والتغافل من أخلاق العظماء، وهو السبب الأكيد لدفع العداوات، وإراحة النفس، كما أنه دليل على علوّ منزلة صاحبه، وسموّ نفسه، ولذلك كثر في كلام الشعراء مدح التغابي، والتغابي هو أن يُظهر الإنسان نفسه بمظهر الغبي، وهو ليس غبيًّا، ولكنّه يتغافل ويتظاهر بمظهر مَن لا يعلم أشياء ما ينبغي أن تُعلم، وقد قال الشاعر:
لَيْسَ الغَبِيُّ بِسَيد في قَوْمِهِ *** لكنَّ سيِّد قومهِ المُتغابي.
فننصحك باتباع هذه الطريقة، وهي من طُرق الكرماء، وفي الوقت نفسه هي طريقة لإراحة النفس، قال ابن حِبّان -رحمه الله تعالى- في كتابه الجميل (روضة العقلاء): "مَن لم يُعاشر الناس على الإغضاء عمَّا يأتون من المكروه، وترك التوقع لِمَا يأتون من المحبوب؛ كان إلى تكدير عيشه أقربُ منه إلى صفائه".
فهذه هي فائدة البحث والتنقيب عمَّا خفي عنك، ولذلك كان من التوجيهات القرآنية قول الله سبحانه وتعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}.
وأمَّا ما فعله هؤلاء الناس فهو حرامٌ بلا شك، لأنه من الغيبة المحرّمة، والاستهزاء، وكلاههما ذنبٌ محرَّم، وسيُجازيهم الله تعالى بما فعلوا، ويجوز لك أن تدعي على مَن ظلمك؛ فإن الدعاء على الظالم جائز، ولكنه انتصار كما ورد في الحديث: "مَن دعا فقد انتصر" أي فقد أخذ حقَّه.
وخيرٌ من هذا كلِّه العفو والمسامحة، فمن عفا عفى الله عنه، ومن تجاوز تجاوز الله عنه، فإن الجزاء من جنس العمل. فإذا قدرت على كظم غيظك، وصبرت، وتجاوزت عنهم، وسامحتهم، فذلك خيرٌ لك، وقد قال الله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.