والدتي تريد وضع عراقيل في وجه خاطبي، فماذا أفعل؟
2024-08-19 03:10:46 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحببت شابًا يدرس معي في الجامعة، وهو محترم وأخلاقه طيبة، ومتدين، ويحبني، ويريد الزواج مني، ولكن أهلي لا يقبلون إلا بالزواج التقليدي؛ لأن أختي الكبيرة تزوجت من شخص معها في الجامعة ثم طُلقت.
والدتي ترفض الشاب الذي أحببته تمامًا؛ لأن ثياب أهله غير مرتبة، ولأنهم متخلفون -كما ترى-. حاولت إقناعها بأن الثياب لا تحدد قيمة الإنسان، لكنها مصرة على رأيها، وهي تعلم بأني أحبه وأريد الزواج مـنه، فهو في نظري يمتلك كُل الأخلاق والصفات المناسبة.
بدأت في التقرب إلى الله، وتغير لباسي وأصبح محتشمًا، ولكن والدتي تقول: بأنه متخلف، وأهله كذلك، وأنه أثر علي وعلى لباسي، وأني أصبحت مثل عائلته، وقالت: إنها سوف تطلب منه شروطًا تعجيزية عندما يتقدم لخطبتي: مهراً غالياً، وبيتاً قريباً من بيت عائلتي، رغم أنه يسكن في نفس المحافظة التي أسكنها، ولكنها تريد أن أسكن بعيدًا عَن أهله.
سؤالي: كيف أُلين قلب والدتي، وأجعلها تقتنع بأنه شخص جيد وعائلته أيضًا؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور الهدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُقدّر لك الخير، وأن يُصلح الأحوال.
نحن دائمًا نتمنّى من أبنائنا وبناتنا في الجامعات ألَّا يستعجلوا في تكوين العلاقات، ونتمنّى أن تكون البداية بإخطار الأهل، وليس في نهاية المطاف نُخبرهم بأن ثمَّةَ علاقة مكوّنة مع شاب، أو مع فتاة من طُلاب الجامعة. وأرجو أن تعلمي أيضًا أن التجربة الأولى لأختك الكبرى تركت آثارًا سلبية عند أفراد الأسرة، وليس في دين الله ما يُبيح للشاب أن يتواصل مع الفتاة، دون أن يكون هناك غطاء شرعي.
الحب الحلال هو الذي يبدأ بالرباط الشرعي، ويبدأ ببناء العلاقة على أساس الدين، يبدأ بمجيء البيوت من أبوابها، أمَّا أن تمتدّ العلاقة والتعارف، ثم بعد ذلك نأتي فنخبر الأهل، ولا نعرف إمكانية إكمال المشوار من عدمه، فهذا ثمنه غالٍ في كل الأحوال، ونتمنّى أن يتفهّم الشاب هذا الجانب، وأعتقد أن دوره كبير في إثبات عكس ما تتصور الأسرة، ولذلك نتمنّى أوَّلًا أن يتقدّم بطريقة رسمية، وأن يأتي معه بأصحاب الوجاهات، الذين يمكن أن يُؤثروا على الأسرة، وعليه كذلك أيضًا أن يتواصل بأعقل محارمك، كالأعمام والأخوال، والذين يمكن أن يُؤثروا على الأسرة.
إذا كان هذا الشاب حريصًا على الارتباط، فعليه أن يتقبّل أيضًا الكثير من التضحيات، والكثير من الأشياء التي تواجهه، وبلا شك ما تفعله الوالدة ليس صوابًا، لكننا أمام عادات وتقاليد ومراسيم لا بد أن نتفهمها، فقد يصعب على معشر الشباب المتعلّم أن يستوعب مثل هذه الأشياء، ولكن الوقوف في وجهها مباشرةً هو سباحة ضد التيار، وهي متعبة جدًّا للإنسان.
الشرع جعل أمر الزواج للفتى والفتاة، أنت صاحبة القرار وأنت صاحبة الاختيار، لكن هذا الاختيار لكي يكون صحيحًا، لا بد أن يبدأ بالبدايات الصحيحة، وعليه نحن ننصح أولًا بتوقُّف هذه العلاقة بينك وبين الشاب المذكور، حتى تُوضع في إطارها الصحيح، وعليه بعد ذلك أن يبحث عن السبل التي يمكن أن يأتي بها، ليطرق الباب ويقابل أهلك، ويُقدِّم نفسه بطريقة طبيعية، كما يفعل غيره من الشباب.
وأيضًا في الجانب الآخر عليكِ أن تجتهدي في كسب ودّ الخالات والعمّات، والمؤثرين من أفراد الأسرة من محارمك، حتى يقفوا إلى جوارك في مثل هذه العلاقة التي ترفضها الوالدة، وأنت أشرت إلى أن رفضها بسبب فشل علاقة شبيهة، وبكل أسف الناس يختلفون، فشل الأخت الكبرى لا يعني فشل التي بعدها، ولا يعني فشل الصغرى، فهذه أقدار يُقدّرها الله تبارك وتعالى، ونسأل الله أن يُعينك على تجاوز هذه الصعاب.
ومن المهم أيضًا أن تستمري في القرب من الوالدة والإحسان إليها، وتصحيح الفكرة عندها، وعلينا أن نُدرك أن الأشياء التي ذكرتها من ثياب أهل الشاب -وكذا- هذه أمور شكلية، فعلًا لا تُعطي ذلك المؤشر، ولكن أيضًا من المهم جدًّا أن تكوني حكيمة في التعامل مع الوالدة، وحريصة على أن تسيري بخطوات ثابتة، ونحن حقيقة لا نريد للعلاقة أن تتعمَّق؛ لأن العواطف عواصف.
نكرر دعوتنا بتوقف هذه العلاقة، حتى يعرف الشاب أيضًا الطريقة التي يدخل بها إلى الأسرة، ونسأل الله أن يُعينكم على الخير، وأن يجمع بينكم في الخير.
وفقك الله لكل خير.