الضغوطات النفسية وارتباطها بالوسواس القهري المتعلق بالطهارة والصلاة

2006-07-23 12:26:10 | إسلام ويب

السؤال:
أعاني من مرض الوسواس القهري (الانهيار العصبي والاكتئاب) لمدة 16 سنة، سبب لي النسيان التام للصلاة والوضوء وحتى التيمم، مع العلم أني تناولت كل الأدوية والمسكنات، بالإضافة أنني دخلت مرتين إلى مستشفى الأمراض العقلية، ماذا أفعل؟ أنا خائفة من عقاب الله تجاه تارك الصلاة، مع العلم أني فتاة متحجبة ومؤمنة.

أفيدوني ما العمل؟ أطلب الموت ليلاً ونهاراً، ولا أكف عن البكاء، لقد سئمت من نفسي والله لدرجة أني بدأت أرفض الخروج من المنزل أو الضحك، أصبحت وكأني آلة ولست إنسانة، كل شيء أصبح سوداوياً في نظري، بالإضافة إلى حزني الشديد على مرض أمي المزمن، فأنا الآن تحملت كل أعباء البيت بما فيها الاهتمام بأمي وكل الأعمال المنزلية، لا أرغب في الحياة، وكلما زرت طبيباً نفسياً كتب لي رسالة بدخول المستشفى للأمراض العقلية، ومسكنات مللت من تناولها بسبب الأعراض الجانبية، لأنها تسببت لي في قرحة المعدة، ونوم طيلة اليوم، مع التعب الشديد.

ساعدوني في إيجاد حل لمشكلة الوسواس القهري في الوضوء والتيمم والصلاة، فلا أريد أن أدخل جهنم وأنا التي دائماً كنت أحافظ على أداء الصلاة، عقدة الذنب تقتلني، ما العمل؟ فأنا لا أتذكر إطلاقاً، أبقى لساعات وساعات في تأدية الصلاة، عرضت نفسي على عدة معالجين بالرقية، فالجميع أثبت أني أعاني من المس بسبب حادث حرق تعرضت له في ظهري ورجلي اليمنى في سنة 1991 عندما التحقت بالجامعة، والله لقد حرت في أمري، أتمنى أن لا تهملو رسالتي هذه، ولكم مني كل الاحترام والتقدير، والأجر والثواب المضاعفين من الله عز وجل، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ نادية حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأرجو أن تبشري وأن تستبشري؛ فلا أظن أن الحياة بهذه السوداوية التي تتصورينها، فأنت الحمد لله في مقتبل العمر وأنت الحمد لله في خير أمة أخرجت للناس، وأنت الحمد لله الآن متوفر العلاج لك وهو كثير جدّاً.

الشيء الذي أود أن أؤكده لك: أرجو ألا تأخذي كثيراً بما قيل لك أنك تعانين من المس، المس حقيقة ونحن نعترف به، ولكن هنالك الكثير من الأمور الظنية التي سوف تزيد من عقد الناس، الإنسان الذي يلتزم بصلواته وأذكاره وورده القرآني ويرقي نفسه إن شاء الله محفوظ من هذه الأمور، أرجو أن يكون هذا هو منهجك وديدنك، هذه حالة طبية يصاب بها البر والفاجر، وأرجو ألا يتعدى الأمر ذلك مطلقاً.

الوساوس القهرية يمكن أن تعالج، هنالك علاج سلوكي وهنالك علاج دوائي، وفوق ذلك لابد أن يكون لديك الإصرار على التحسن، لابد أن تعملي من أجل التحسن، حقيقة أنا لا أجد عذراً مطلقاً في التهاون في أمر الصلاة، وإن كنت أجد لك بعض العذر في أنك سوف تتعبين في الصلاة لأن الوساوس بالتأكيد مؤلمة نفسية.. الذي أرجوه هو أن تتبعي الخطوات الآتية:

أولاً: قومي بكتابة كل الوساوس التي تعانين منها، ابدئي بأقلها أو أصغرها من ناحية المضايقة النفسية لك، ثم بعد ذلك ضعي الكلمة أو الجملة المضادة لهذه الوسوسة أو الكلمة، ضعي هذه الكلمة وهذه الجملة ورددي الكلمة المضادة لعدة مرات، ردديها 50 مرة في اليوم لمدة 15 أو 20 يوماً، هذا إن شاء الله سوف يؤدي إلى إضعافها.

ثانياً: نفس هذه الكلمة أو الجملة الوسواسية حين تأتيك أرجو أن تقولي مع نفسك: قف قف، هذه وسواسية لعينة لن أتبعها.

ثالثاً: حين تأتيك هذه الفكرة عليك أن تقومي بإيقاع أي نوع من الألم على نفسك، أقصد الألم النفسي، بأن تضربي على يديك على جسم صلب، أو على أصبعك.. وهكذا، إذن فاقتران الألم الشديد مع الفكرة الوسواسية يؤدي إلى إضعافها.. هذه أمور أساسية في علاج الوساوس ولكنها تتطلب الالتزام والصبر والاعتقاد الجازم بأنها مفيدة.

بالنسبة للصلاة وبالنسبة للوضوء، أرجو أن تحددي كمية الماء، لا تتوضئي من الحنفية أو الماسورة، خذي ماء في إناء وحددي كمية هذا الماء، وتكون الكمية معقولة، وقولي لنفسك مسبقاً أن هذا هو الماء المتاح لي وتوضئي به.

أما بالنسبة للصلاة فيمكنك أن تستعيني بأهل بيتك، لا مانع في ذلك مطلقاً، عليك أن تستعيني بهم وتصلي معهم صلاة الجماعة، مع أخواتك وغيرهم، وإن شاء الله هذا التقيد بمنهج الجماعة سوف يجعل الوساوس تقل لديك، مما يمكّنك إن شاء الله من الصلاة وأنت مفردة.

هذا هو الذي أراه ولابد أن تحددي وقتاً أو زمنا لتستغرقه الصلاة، قولي إنني لن أزيد عن سبع أو ثمان دقائق في صلاة الظهر مثلاً، مهما كان، وأرجو ألا تأخذك الوساوس ولا يأخذك التردد، فقد أفتى العلماء الأجلاء - جزاهم الله خيراً – على أن صاحب الوساوس إن شاء الله لا حرج عليه وحتى رأى بعضهم ألا يسجد للسهو، أرجو أن تتبعي ذلك، هذا إن شاء الله كله يساعدك كثيراً.

أنت قلت أنك قد سئمت من الأدوية، لماذا تسأمين من الأدوية؟ الأدوية نعمة من نعم الله، ما جعل الله من داء إلا جعل له دواء فتداووا عباد الله، علمه من علمه وجهله من جهله، نحن جميعاً نريد أن نكون من فئة علمه من علمه.

مهما استعملت هذه الأدوية هنالك الآن أدوية حديثة وفعّالة، والذي أرجوه هو الالتزام بالجرعة والالتزام بالدواء بصورة مطلقة، كثيراً من الإخوة والأخوات يوصف لهم الدواء الصحيح ولكنهم لا يصبرون أو لا يتناولون الجرعة بالوقت والكمية وللزمن المطلوب، أرجو ألا تقعي في هذا الخطأ.

الدواء الذي سوف يفيدك هو العقار الذي يعرف باسم بروزاك، أرجو أن تتناوليه بمعدل كبسولة واحدة في اليوم بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم ترفعي هذه الجرعة إلى كبسولتين في اليوم بعد الأكل أيضاً وتستمري عليها لمدة تسعة أشهر، ثم بعد ذلك خفضيها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، هذا الدواء يتميز بأنه سليم ولا يسبب أي آثار جانبية، كما أنه يؤدي إلى النشاط والدافعية ويقلل من العصبية والاكتئاب، بجانب أنه معالج للوساوس.

أرجو أيتها الأخت الفاضلة أن تتفاءلي وأن تكون ثقتك بالله قوية، ثم بعد ذلك تكون ثقتك في نفسك، ويجب ألا تتباطئي ويجب ألا تتكاسلي في تطبيق البرامج والإرشادات السلوكية السابقة الذكر مع ضرورة الالتزام بالعلاج، وعليك بالحرص على الصلاة فهي إن شاء الله شارحة للقلب ومزيلة لكل الوساوس ولكل ألم نفسي.

وبالله التوفيق.

www.islamweb.net