مخاوفي من السرطان تدمر حياتي وسعادتي، فما الحل؟

2024-11-25 01:06:57 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب مسلم، عمري 28 سنة، أعاني منذ طفولتي من الخجل والرهاب الاجتماعي وبعض الوساوس، شاء الله أن أهاجر من بلدي وأعيش وحيدًا، لتبدأ معاناتي، حيث أصبت بحصوات الكلى قبل 7 سنوات، وأجريت تصويرًا بالأشعة المقطعية (CT)، وخرجت الحصوات بعدها، ومنذ جائحة كورونا زاد القلق والوسواس لدي بشكل كبير، وأصبحت أفكر في الاختناق، السرطان، أمراض القلب، والموت، وأعيش في خوف دائم.

قبل سنتين، أصابني شد عضلي قوي في الصدر والظهر، من كثرة التفكيرو القلق، وكنت متأكدًا حينها أنني مصاب بمرض في القلب، عشت أيامي وأنا أنتظر الموت، لكن الفحوصات أكدت أني بخير، وتحسنت حالتي الجسدية -بفضل الله-.

بدأت بعدها أوسوس بشأن السرطان، وأصبحت مهووسًا بأن الأشعة المقطعية التي أجريتها قبل 7 سنوات ستسبب لي السرطان يومًا ما، لاحقًا ظهر لدي دم في البول، وأجريت فحوصات شملت تصويرًا جديدًا بالأشعة المقطعية مع صبغة في مرحلة متأخرة، وهنا كانت الكارثة، فكنت متيقنًا قبل الفحص أنني مصاب بالسرطان بسبب الأشعة قبل 7 سنوات، وبدأت أرتب حياتي وكأن النهاية قريبة، أصوم وأتصدق بما لدي، لكن النتائج طبيعية.

بعد الفحص، تضاعف خوفي وقلقي والوسواس لدي بمرض السرطان؛ بسبب أشعة فحص CT الجديد، أصبحت أبحث يوميًا عن السرطان وأعراضه، وأربط كل ألم أو حرقة في بطني بالصّبغة والأشعة، فتوقفت حياتي تمامًا، لا أستطيع الأكل في البيت، لم أعد أفكر في الزواج، ولا أركز في عملي، وأشعر أني معزول وأموت ببطء، عقلي يقسم لي بأن السرطان قادم لا محالة بسبب الأشعة، أتعرق بالليل، رأسي يؤلمني، إمساك وألم في البطن، منفصل عن الواقع وكأني أعيش في الخيال، ببساطة تدمرت، علمًا بأنني أصوم وأصلي ولدي لياقة رياضية.

ماذا أفعل بالله عليكم؟ جزاكم الله خيرًا.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية.

أخي: حالتك هذه مرت علينا كثيرًا، لست أنت الوحيد الذي تعاني من المخاوف المرضية، الناس أصبحت الآن غير مطمئنة بصفة عامة، الأحداث الحياتية والكُرب والابتلاءات والحروب، كل هذا نعتقد أنه ربما يكون لديه تأثير سلبي كبير على حياة الناس.

الأمراض النفسية مكتسبة، متعلمة، بمعنى أن الوراثة ليست هي السبب المباشر، ربما تلعب الوراثة دورًا، لكن الظروف الحياتية والأحداث الحياتية هي التي تؤدي إلى ظهور هذه الأمراض على السطح، بمعنى أنه إذا كانت هنالك قابلية وراثية، هذه نسميها بالأسباب المهيئة، تأتي بعد ذلك الأسباب المرسّبة، مثل: ظهور متلازمة الكورونا، وما تبعها من مخاوف ووفيات ومآسٍ، وبعد ذلك تعرف أن مرض السرطان هو مرض قاتل، ومنتشر جدًّا، هذا كله جعلك تعيش في قلق المخاوف هذا، فإذًا هذا التفسير أريدك أن تستوعبه، لأنه ضروري جدًّا.

أمَّا من ناحية العلاج، فالإنسان لن يصيبه إلَّا ما كتب الله له، هذه حقيقة يجب أن يؤمن بها الإنسان إيمانًا قاطعًا ويتأملها.

والأمر الآخر: أن الله خيرٌ حافظًا، الله هو الذي يحفظنا من الأمراض وغيرها، مع أهمية أن نأخذ بالأسباب، لأن يعيش الإنسان حياة صحية سليمة، وأنا أنصحك بأن تعيش حياة صحية صحيحة، والحياة الصحية تتطلب أولًا:
- أن تتجنب السهر، هذا مهم جدًّا.
- أن تمارس الرياضة.
- أن تُحسن إدارة وقتك.
- أن تكون حريصًا على العبادات.
- أن تطور نفسك على المستوى المعرفي والفكري، وفيما يتعلق بعملك.
- أن تكون لك آمال وطموحات وأهداف، وتضع الآليات التي توصلك إلى أهدافك.
- أن تكون بارًّا بوالديك.
- أن تقوم بالواجبات الاجتماعية.
- أن تهتم بتغذيتك.

هذه كلها أمور سهلة وفي متناول الإنسان، فأرجو أن تجعل لنفسك نصيبًا من السُّبل والطرق والأسباب التي تؤدي إلى الحياة الإيجابية، وفي ذات الوقت لا بد أن يكون لديك تواصل مع طبيب الأسرة، مثلًا: تقوم بإجراء الفحوصات الطبية الروتينية مرة واحدة كل ثلاثة أشهر، نعم هذه الفحوصات الآن متوفرة، والإنسان الذي يداوم على التواصل مع طبيبه قطعًا تقلّ مخاوفه.

هذا هو الذي أنا أوجهك إليه وأنصحك به، وطبعًا لا بد أن تتناول بعض الأدوية المضادة للمخاوف، خاصة المخاوف المرضية.

هنالك دواء يسمى: (سيبرالكس Cipralex)، هذا هو اسمه التجاري، واسمه العلمي: (اسيتالوبرام Escitalopram) نعتبره من أفضل الأدوية التي تساعد في علاج مثل حالتك هذه، يُضاف إليه دواء داعم يسمى: (اميسولبرايد Amisulpride).

يمكن أن أصف لك الجرعات -أيها الفاضل الكريم- بالنسبة للاسيتالوبرام: تبدأ بجرعة 5 ملجم، أي نصف حبة من الحبة التي قوتها 10 ملجم، تتناول جرعة البداية هذه لمدة 10 أيام، بعد ذلك تجعل الجرعة 10 ملجم يوميًا لمدة شهر، ثم تجعلها 20 ملجم يوميًا جرعة واحدة، وهذه الجرعة العلاجية، والتي يجب أن تستمر عليها لمدة 3 أشهر، ثم تنتقل إلى الجرعة الوقائية، وهي أن تتناول الجرعة 10 ملجم يوميا لمدة 4 أشهر، ثم تجعل الجرأة خمسة ملجم يوميًا لمدة شهر، ثم تجعلها خمسة ملجم يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناوله.

يتميز السيبرالكس بأنه دواء فاعل، دواء نقي، وسليم، وليس إدمانيًا، ليس تعوديًا أبدًا، ربما يفتح شهيتك قليلًا نحو الطعام، هذا هو الأثر الجانبي المعروف، وإن حدث لك شيء من هذا، فيجب أن تتخذ التحوطات اللازمة حتى لا يزيد وزنك.

والدواء الداعم يعرف (اميسولبرايد)، هذا هو اسمه العلمي، ويسمى تجاريًا (سوليان Solian)، أرجو أن تتناوله بجرعة 50 ملجم صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم تناوله بجرعة 50 ملجم صباحًا لمدة شهر واحد، ثم توقف عن تناوله.

إذًا -أخي الكريم- هذه التوجيهات التي أريد أن أوجهها لك، وأسأل الله العلي العظيم أن يحفظك، وكن دائمًا إيجابيًا في تفكيرك، وكن دائمًا متفائلًا، ويجب أن تعيش على الأمل والرجاء.

ويا أخي الكريم: حاول أن تعيش قوة الآن وليس ضعف الماضي، نعم، مرت عليك ظروف وانتقلت من بلادك، والآن تعيش في أوروبا، هذه كلها قد انتهت، وهي أصلًا لا تخلو من إيجابيات، حتى وإن كان فيها سلبيات، لكن عليك بقوة الآن، الآن نستطيع أن نتحكم فيه، نستطيع أن نخطط من خلاله، ونستطيع أن نضع الآليات التي تجعلنا نعيش حياة طيبة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net