أستمتع بخداع الآخرين والتلاعب بمشاعرهم، فهل ذلك طبيعي؟

2025-06-25 22:20:52 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

أمثل أنني مريضة، وأخدع المقربين والأطباء ذوي الخبرة، وبدون استفادة، ولا أشعر بالندم، وقد مثلت لمدة عشرة أيام أن رجلي مشلولة، ومرةً مثلت الانفعال، وكسرت الزجاج بيدي، وكذبت، وقلت: إنني نسيت ما حدث، وعندما كنت في عمر السابعة كنت أتعمد جرح نفسي؛ لأنني أحب شكل الندبات، وكنت أحب القتلة، والجرائم، وسماعها، وأعتقد أن داخلي شر كبير، وقدرة على الخداع، والتلاعب، واللعب بمشاعر الآخرين، ولكن أحاول أن أحجم نفسي، وأبدو كشخص رائع، ولكنني ربما لست كذلك، والكثير لم أذكره.

فهل هي مشكلة تستحق مني الاهتمام، أم أنها جزء من شخصيتي؟ أحيانًا أرى أنني كاملة ورائعة، وأحيانًا لا، فما هو رأيكم؟

وشكرًا لكم.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بكِ في إسلام ويب، ونشكركِ على تواصلكِ معنا.

أيتها الفاضلة الكريمة: الإنسان لا ينبغي له أبدًا أن يقبل لنفسه السلوكيات السلبية مهما كان نوعها، وحالتكِ هذه -التي تفضلتِ بذكرها- ليست حالةً نادرةً؛ فقليلٌ من الفتيات في مثل عمرك قد يحدث لهن شيء من هذا؛ لأن أبعاد الشخصية في هذه المرحلة قد تكون مضطربةً بعض الشيء، أو أن الشخصية لم تنضج النضج الكامل بعد، مثالها الشخصيات الحدِّية، أو الشخصيات النرجسية، أو الشخصيات البارونية، والشخصيات الهيستيرية، قد تلجأ إلى هذا النوع من السلوكيات.

نحمد الله أنكِ على وعي وإدراك، بأن هذا السلوك خاطئ، ولديكِ القدرة الفكرية والمعرفية للتمييز بين الخطأ والصواب، وبين الخير والشر، وبين الحلال والحرام، ولهذا ينبغي عليكِ أن تأخذي ما هو إيجابي، وأن تبتعدي وترفضي ما هو سلبي.

بكل أسف، الإنسان الذي يدعي المرض قد يمرض حقيقةً؛ فقد ورد في بعض الآثار أن من يدّعي المرض قد يُبتلى به حقيقةً في يوم من الأيام، والتَمارُضُ هو أن يرى من نفسه المَرَضَ وليس به، والقاعدة تقول: "الجزاء من جنس العمل"، ويكفي المسلم أن يعلم أن الكذب محرم، وأن التشاؤم والتوهم مذموم، وأن الله تعالى قد يبتلي الإنسان بما يكثر من ذكره من سوء، أو مرض، أو غيره، وورد النهي عن الطِّيَرَة والتشاؤم في عدة أحاديث، منها: "لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح" [رواه البخاري ومسلم].

إذًا، المطلوب هو الابتعاد التام عن مثل هذه السلوكيات، واستبدالها بالسلوكيات الحسنة المحترمة، وتوجيه طاقاتكِ نحو ما هو أفضل، فهذا هو الطريق الصحيح، والمبدأ المطلوب.

كما ننصحكِ بمصاحبة الصالحات من الفتيات، وأن تكوني بارَّةً بوالديكِ؛ فإن بر الوالدين يُهذِّب النفوس، ويرتقي بها إلى مقامات طيبة وجميلة في الدنيا والآخرة.

هذا هو رأينا في هذا الأمر، ونسأل الله لكِ التوفيق والسداد.
_________________________________________
انتهت إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم -استشاري الأمراض النفسية-.
وتليها إجابة الشيخ الدكتور/ أحمد الفرجابي -استشاري أسري وتربوي-.
__________________________________________

مرحبًا بكِ -ابنتنا- في الموقع، ونشكر لكِ هذه المشاعر النبيلة التي دفعتك لكتابة هذا السؤال، وذكر هذه الاعترافات، وندعوك الآن إلى سرعة التوبة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى؛ فإن الكذب من الكبائر، ومن الجرائم الكبرى، ويوشك الكذَّاب أن لا يجد من يصدّقه بعد ذلك.

فتعوذي بالله من الكذب والخديعة، ولا تتمني الشر، كما أشار لذلك الدكتور/ محمد، وأرجو أن تستفيدي من نصائحه، وعليكِ أن تعلمي أن الناس أيضًا سيكتشفون هذا الخلل، وهذا الكذب، وهذه الممارسات التي تقومين بها، وعندها ستخسرين كثيرًا؛ لأن الإنسان إذا فقد ثقة من حوله فيه، فإنه من الصعب إعادة بناء هذه الثقة.

والسؤال الموجه لك: هل ترضين أن يمارس عليك أحد هذا السلوك المخادع، وأن يمثل عليك، ويجعلك تعيشين الخدعة، وهو يضحك؟ لا أعتقد أن العاقل فينا يرضى بممارسة هذا السلوك عليه، فالناس لها مشاعر، ولها أحاسيس يجب أن تحترم، فما تقومين به لا يراعي أي مشاعر لهم، ضعي نفسك في مكانهم، بينما هم يحزنون عليك، ويخافون، في اللحظة نفسها أنت تعيشين فكرة (يا له من نجاح، لقد خدعتهم).

لذلك تعوذي بالله من شيطانٍ يدعوكِ إلى مثل هذه الأمور الغريبة، وهي في الحقيقة محرّمة؛ لأن الإنسان لا ينبغي له أن يكذب، ولا أن يدّعي ما ليس عنده، فإن (المُتَشَبِّع بِمَا لَمْ يُعْطَ كلابِسِ ثَوْبَي زُورٍ) [متفق عليه].

فاتقي الله في نفسك، واجتهدي -وأنتِ في هذا العمر- في أن تعكسي الصورة الجميلة للفتاة المطيعة لربها، الصادقة في تعاملاتها، الحريصة على رعاية مشاعر الناس، وأرجو أيضًا أن تبحثي عن المشاعر بطريقتها الصحيحة، ولا تحاولي لفت أنظار الناس بالغرائب والعجائب، فإن هذا أيضًا يكوّن صورة سالبة عنكِ.

وغدًا ستصبحين فتاةً ناضجةً، وعندها سيطرق الخُطّاب بابكِ، وعندها قد يتذكرون هذه الممارسات الخاطئة، فأنتِ تُشَوّشين على نفسك ومستقبلك بهذه السلوكيات الخاطئة، والأخطر من ذلك أنكِ تقعين في ذنوب لا ترضي الله -تبارك وتعالى- من خلال ممارسة الكذب؛ والمؤمن لا يكذب، ولعنة الله على الكاذبين.

ومن الكذب المحرّم أن يدّعي الإنسان المرض، أو يدّعي ما ليس له، وهذا كله مما أرجو أن تتوقفي عنه فورًا، وكوني دائمًا حريصة على أن تتحلي بالسلوكيات الجميلة، وكتابتك لهذا السؤال دليل على أنكِ تدركين الخطأ، وتدركين الصواب، فكوني على الخير والصواب، وتعوذي بالله من شيطان يريد أن يشوش عليكِ، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكِ التوفيق والسداد.

واعلمي أن الإنسان الكاذب يُفضَح عاجلًا أو آجلًا، فينكشف للناس؛ لأن الله يفضحه، والناس أيضًا أذكياء، وليس الأمر كما تتصورين، والأطباء أيضًا بعضهم قد يجاملونك، ولكن في قرارة أنفسهم يعلمون أنكِ تمثلين، وأنكِ غير صادقة، وكل هذا خصم على شخصيتك، وإساءة للملف الخاص بك.

نسأل الله -تبارك وتعالى- لنا ولكِ الهداية والتوفيق والثبات.

www.islamweb.net