مخطوبتي تريد تأجيل الحجاب لبعد الخطبة، فهل لها ذلك؟
2025-07-14 23:31:12 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا مقبل على خطبة زميلة لي في الكلية، وفيها كل ما تمنيته من الله، من حب، وحنان، وشخصية مهذبة، وجميلة، وأسرتها تحبني، وكذلك أسرتي، ولكنها ليست محجبةً، وقد تحدثت معها في موضوع الحجاب، وأنه يجب علي أن أنصحها بارتدائه؛ بحكم أنني سأصير زوجًا لها في المستقبل، وهي لم ترفض ارتداءه، بل هي متقبلة له، ولكنها تريد فعل ذلك بعد الخطبة، فهل يحق لي قول تلك الأمور الخاصة بالحجاب قبل الخطبة أم بعدها؟
هي تريد فعل ذلك بعد الخطبة، وأنا ليس عندي مشكلة؛ وذلك لأنها ستكون حقًا لي في هذا الوقت، ولكن أردت أن أعلم هل هذا صواب أم خطأ؟
كما أن والدتي تريدها أن ترتدي الحجاب قبل الخطبة، وهي بالفعل تحبها، ولكنها تفضل ارتداءها للحجاب قبل الخطبة، ولا أعلم ماذا أفعل؟ وكيف أصل لحل؟ ولا أعلم من أستشير؟ أتمنى أن ترشدوني وتنصحوني.
هي الرزق الذي تمنيته من الله سبحانه وتعالى في الدنيا والآخرة، وهي تحبني مثلما أحبها وأكثر، وأريدها أن تقوم بذلك من داخلها، ومن دون ضغط عليها، فهل من الصواب أن تقوم بارتداء الحجاب من أمر وطلب مني قبل الخطبة، أم أن ذلك طبيعي ومن حقي؟
وشكرًا جزيلاً لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زياد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك –ابننا الفاضل– في الموقع، ونشكر لك اهتمامك وحرصك على السؤال، ونسأل الله تعالى أن يهدي الفتاة لأحسن الأخلاق والأعمال، وأن يُعينها على طاعة الكبير المتعال، وعليها أن تعلم أن الحجاب شريعة الله -تبارك وتعالى- القائل: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا﴾ [الأحزاب: 36].
فالحجاب أمرٌ من الله، يجب أن يُلبَس لله -تبارك وتعالى- لا مجاملةً لأحدٍ، بل يجب أن يكون ارتداؤه مبكرًا، منذ أن تبلغ الفتاة مبلغ النساء، وقد أمر الله -تعالى- زوجات وبنات النبي -صلى الله عليه وسلم-، ونساء المؤمنين، بلبس الحجاب، فقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾[الأحزاب: 59] وهذه الآية نصٌّ صريح في وجوب الحجاب على نساء المؤمنين كافةً، كما أنه خطاب مباشر للنبي ﷺ بأن يأمر زوجاته وبناته ونساء المؤمنين بلبس الجلابيب؛ وهي اللباس الفضفاض الواسع، الذي يُغطّي البدن سترًا وعفّةً.
وقد أحسنتَ بذكرك ما فيها من إيجابيات، وما في أسرتها من الخير، وما حصل من رضا وقَبول بين الأسرتين، وهذا يُبشّر بخير، ولكن عليها أن تُثبت صدق محبتها لله أولًا، وفي طاعتها لربها ابتداءً، وأنها تفعل هذا الشيء امتثالًا لأمر الله تعالى، لا لأنه مرتبط بالزواج أو الخطبة، ثم بعد ذلك لا بأس أن يكون في التزامها بالحجاب تعبيرًا عن حبها الحقيقي لك، لكن الأصل هو الالتزام لله تعالى.
ونتمنى أن تُشجّعها على التواصُل مع الموقع، حتى تسمع التوجيه من جهة شرعية محايدة؛ فالصواب بلا شك ما طلبته الوالدة؛ وهو أن تُعجّل الفتاة بارتداء الحجاب، ولا تتأخر فيه؛ لأن الأمر متعلق بطاعة الله تعالى.
وإذا كان أهلها يقدّرونك، ويحترمونك، فبإمكانك أن تُكلّمهم، وخصوصًا إخوتها؛ لتُبيّن أن هذا الأمر لا إشكال فيه، وأنكم سعداء بهذا التعارف، ولكن من باب النصح والحرص، وشجّعوا ابنتنا على أن ترتدي الحجاب؛ لأنه من شريعة الله -تبارك تعالى-، وليس لأنها الآن مخطوبة أو زوجة، بل الأفضل أن ترتدي الحجاب أولًا قبل الخطبة أو الزواج، حتى لا يُقال أنها ارتدته مجاملةً لزوجها، أو لأن زوجها أجبرها، فينبغي أن تقتنع بأن الحجاب أمر إلهي لا يقبل المساومة ولا التأجيل، وأنّ تأخيره مخالفة لأمر الله عز وجل.
ونتمنى أن يكون لأخواتك ووالدتك أيضًا دور في هذا الجانب، وكذلك إن كان هناك داعية مؤثّر، أو امرأة داعية مؤثرةً، فنتمنى أن يكون لها دور في النصح لهذه الفتاة، وذكّرها أن تحمد الله تعالى الذي جاءَ بمن يطرق بابها، في وقتٍ تنتظر فيه الفتيات مَن يطرق الأبواب من الفضلاء، فحرصك على الحجاب ينبغي أن يرفع قِيمتك عندها وعند أهلها؛ لأنك تُعينها على طاعة الله -تبارك وتعالى-، وتدلّها على ما يُرضيه، ونسأل الله أن يهديها للخير.
وأرجو أن تُكثروا وتُكثّفوا المحاولات لترتدي الحجاب عاجلًا غير آجل، ولا يعني هذا أن الإنسان يهمل بقية الجوانب؛ لأن التديّن يأخذ المعنى الكامل، مع أن الحجاب ركنٌ أساسي في هذا التديُّن، لكن لا بد أن يُصاحب ذلك المحافظة على الصلاة، والطاعة، وما عندها من الحياء، وما عندها من أعمال صالحة، هذا كله يجب أن يراعى، ويجب أن نصطحبه، لكن يظل الحجاب هو عنوان المرأة المسلمة، ورمز حيائها، والحياء لا يأتي إلا بخير، كما قال النبي ﷺ: «الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ» [رواه البخاري ومسلم].
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.