كيف أوفق بين أمي وزوجتي وأعيد المياه لمجاريها؟
2025-07-27 00:47:05 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا متزوج منذ عشرين عامًا، وأنا الرجل الوحيد، وعندي أخوات بنات، وعندي خمسة أطفال، كنت أعيش مع زوجتي وأهلي في نفس البيت، وكانت أمي في مشاكل دائمة مع زوجتي، وأغلب ظني أنها بسبب الغيرة، وقد تفاقمت الأمور بينهما، وكنت أغلب الوقت في صف أمي، ولكن ليس دائمًا، فلم أحصل على رضا الأم، ولا رضا الزوجة، ولا أنكر أن أمي كانت تسيء لزوجتي وأهلها، ولا أنكر أن زوجتي ليست ودودًا حتى معي.
الآن مضى علي أكثر من خمس سنوات أعيش أنا وزوجتي في بيت مستقل، لكن الأمور لم تعتدل، ووالدتي تعيش وحدها في منزل مستقل، وزوجتي ترفض زيارة أمي أو أخواتي المتزوجات لمنزلنا، وترفض أن يزور أبنائي جدتهم.
وألاحظ أنني كلما قدمت لها تنازلات ازدادت في طلباتها؛ ففي البداية كنت أظن أنها مظلومةً، ولكني أصبحت أشك في ذلك بعد أن أصبحت تُحَرِّض الأولاد علي، وعلى أهلي، وبدأت أخسر أولادي، وأنا أزور أمي من حين لآخر، وأطمئن عليها هاتفيًا، فكيف أتعامل مع هذا الوضع؟
علمًا بأن زوجتي من النوع العنيد، والذي يرى أن طاعة الزوج ليس لها قدسيةً، فهل أنا مخطئ بعدم السكن مع أمي؟ أنا أرى بأن أمي وزوجتي كلتيهما على خطأ، ولكن كيف أتصرف؟ كما أن وضعي المادي متواضع.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فارس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أستاذي الكريم- في الموقع، ونشكر لكَ الاهتمام، وحُسن عرض السؤال، ونسأل الله أن يُعينك على أمر الوالدة، وألَّا تَظلم الزوجة؛ فإن الشرع الذي يأمرك بِبرّ الوالدة، هو الشرع الذي أمرك بالإحسان إلى الزوجة، ونسأل الله أن يهدي الوالدة، ويهدي الزوجة إلى أحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.
ولا يخفى على أمثالك من الفضلاء أنّ الغيرة موجودة بين الزوجة، والأم، وأخوات الزوج، ولكن نحن في كل هذا ينبغي أن نحتكم إلى هذا الشرع الذي شرّفنا الله -تبارك وتعالى- به، والغيرة ما جُبِلت عليه بنات حواء، ولكن لا بد من التذكير للزوجة، والأخوات، والوالدة بأن المؤمنة تضبط غيرتها، حتى لا تتحول إلى عدوان، وإلى غيبة، وإلى نميمة، وإلى شِقاق، وإلى سباب، وإلى ظلم، نسأل الله أن يُعيننا على الاحتكام لهذا الشرع الذي شرّفنا الله -تبارك وتعالى- به.
ومما ننصحك به في مثل هذه الأحوال:
- أولًا: أن تُقلِّل فرص الاحتكاك بينهما، وقد أحسنت بعزل الزوجة في منزلٍ آخر.
- الأمر الثاني: عدم مدح الوالدة عند الزوجة، والعكس؛ لا تمدح وتثني على الزوجة عند الوالدة.
- الأمر الثالث: إذا حصل احتكاك، تجنَّب الدخول المباشر في الخصام؛ لأن هذا سيُعقِّد المسألة أكثر وأكثر.
ودائمًا النزاع بين النساء له قواعد وضوابط؛ فكل واحدة تقول الذي عندها ثم ترتاح بعد ذلك، لكن الذي يُفسد الأمر هو دخول الأخ، أو دخول الزوج، أو دخول الابن، ودخولنا معشر الرجال هو الذي يُعقِّد هذه المسألة.
ونحن نحب أن نُنبِّه إلى أن حق الوالدة عظيم، فاستمر في برِّها، وزيارتها، والإحسان إليها، وأيضًا الزوجة لا تُقصِّر في حقها، اهتم بها وبأولادها، وشجِّع الأولاد على زيارة الوالدة.
وما تصنعه الزوجة بلا شك تجاوز للحدود، ولا يُقبل من الناحية الشرعية، ولكن عليك بالحكمة في معالجة كل ذلك؛ لأن الغَيْرَة تترك آثارًا سلبيةً، وخاصةً إذا كان هناك ضعف في الدين، أو ضعف في مراقبة الله تبارك وتعالى.
ونحب أن نُؤكِّد أن الأم هي صاحبة الحق الأعظم، وهي الأكبر سنًّا، وأرجو أن تُشجِّع زوجتك على الإحسان للوالدة، وأنت مقابل ذلك تُبالغ في إكرام الزوجة، والإحسان إليها؛ لأن هذا أيضًا من الأشياء المهمَّة.
ولا شك أن من أسباب ازدياد الغَيْرَة وجودك أنت كرجلٍ وحيدٍ بين أخوات؛ وفي مثل هذه الأحوال تشتد الغَيْرَة، وأتمنى من زوجتك أن تتفهم بعض ما يحدث من الوالدة، التي ربما تَشعر أن زوجة الابن جاءت لتشاركها في جيبه وفي حبّه، وجاءت لتنتزع فلذة كبدها، وهنا نُطالب بناتنا العاقلات -زوجات الأبناء- أن تُشعر أم الزوج أنها إضافة لبناتها، وأنها لم تدخل لتأخذ ولدها الوحيد، أو ولدها المفيد.
نسأل الله أن يُلهمنا الصواب والرشاد، وليس أمامك إلّا أن تصبر، وتهدأ الأمور، وتنقل الخير؛ تقول للوالدة: "ذكرتكم بالخير"، وإذا جئت للزوجة تقول: "ذكروكِ بالخير"، يعني هذا المؤمن يُنمِّي خيرًا، ويقول خيرًا، ويتجنَّب نقل الكلام الخبيث إن حصل هنا، أو هناك، ولكن يُذكِّر من تُخطئ بأنها تُعطي من حسناتها لمن تكلَّمتْ فيها، ولمن اغتابتها، ولمن نالتْ من عِرضها.
ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على الصبر، وعلى القيام بالواجبات -أعني الواجب الأول والأهم بِرّ الوالدة، ثم الواجب الثاني، وهو واجب الزوجة وحقوقها، ثم الحرص على رعاية الأبناء، والحرص على تربيتهم على البر والصلة، ولا ننصحك أن تُكلِّمهم عن زيارة الوالدة في حضور الأم طالما كان لها رأيٌ آخر، ولكن تحيَّن الفرص، وخذهم إلى المسجد، وانطلق بهم إلى والدتك، وشجِّعهم بعيدًا عن نظرها أن يقوموا بزيارة جدتهم، إلى غير ذلك من الحيل والطرائق.
نسأل الله أن يُؤلِّف القلوب، وأن يغفر الزلّات والذنوب.