تلاعب بمشاعري ثم تركني وخطب غيري، فهل ظلمني؟
2025-07-30 01:02:10 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعاني من تعب نفسي شديد، والتفكير أرهقني، وأتمنى من يجيب على سؤالي أن يجيبني برحمة.
تعرفت على شاب بالصدفة، وفي البداية كنت أريد الانسحاب من العلاقة دائمًا لأنني أعلم في داخلي أنها حرام، لكن تمسك بي هذا الشاب، وفاجأني برغبته في خطبتي بعد مدة قصيرة من تعارفنا، وكانت نيته الزواج، واستمررنا في الحديث، وحصلت تجاوزات، ولكن كل ذلك كان عبر الهاتف، ولم ألتقِ به أبدًا.
بدأت أمور الخطبة تسير، وفجأة حدث رفض من أحد أطراف عائلته، فصُدم كل منّا، وشعر بالخوف، ولم يرغب في المواجهة أمام عائلته من أجلي، وقال لي: إنه فعل ما عليه ولم يكن هناك نصيب، ووضعني ذلك في أذى نفسي شديد جدًا، أقسم بالله خلال هذه الفترة كنت أطلب منه أن يحاول ويعمل شيئًا، لكنه كان يرد بالرفض قائلاً: إنه يخاف المواجهة أمام أهله، وأهله لم يكونوا على علم بأننا نتحدث.
لقد وعدني أن يصون مشاعري، ولكن بعد ما حدث أصبح دائمًا يقول لي كلامًا يحط من قدري جدًا، وعلمت أنه تحدث عني بأشياء سيئة من ورائي، وتحدث مع فتيات بعد انفصالنا مباشرة، وقال لإحداهن: إنه كان يستطيع أن يأخذني إذا أراد، ويقف بوجه أهله، لكن أهله أهم عنده، وبعد فترة ابتعدت عنه تمامًا.
لجأت إلى الله تعالى بالدعاء أن يعيده إليّ، وتبتُ إليه توبة نصوحة، ثم علمت لاحقًا أنه خطب، وعندما علمت بذلك تحدثنا مرةً أخيرة، وقال لي: أنا ما ظلمتك، ولقد صنتك، لكنه كسر مشاعري وقلبِي، ووضعني في حالة نفسية وجسدية سيئة جدًّا، ولم يكن رجلًا.
أنا أعلم أنني كنت في علاقة محرمة، لكنني تبت إلى الله توبةً نصوحة، ولن أعود إلى هذه العلاقات أبدًا، ومنذ ذلك الوقت وأنا أدعو عليه من شدة الألم، قلبي لا يحمل الحقد عادةً، لكن هو وضع في قلبي جرحًا كبيرًا.
قرأتُ لأنني كنت في علاقة محرمة فلا حق لي عنده، لكنني قرأت في موقعكم عكس ذلك، بأن لي حقًا عنده بسبب الوعد والظلم، فهل هو ظالم لي؟ وهل لي حق بالدعاء عليه؟ ومع أنه أذاني وكسرني، لماذا وفقه الله للخطبة؟ أرجو أن تخففوا عني.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بكِ -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لكِ الاهتمام والحرص على السؤال، ونهنئكِ بالتوبة، وندعوكِ للثبات عليها؛ فإن هذا هو أكثر المكاسب، والله يحب التوابين ويحب المتطهرين، بل إن ربنا التواب الرحيم يفرح بتوبة عبده، ويفرح بتوبة أمته، ويفرح بتوبة من يتوب إليه، فاحمدي الله الذي وفقكِ، وحفظكِ، وأخرجكِ من هذا الذنب، واستمري في الطاعة لله تبارك وتعالى.
واحرصي على طي تلك الصفحات المظلمة، واعلمي أن حق المظلوم لا يضيع، لأن الله ينصره ولو بعد حين، والخوف على الظالم وليس على المظلوم.
وما حصل من الشاب كان فيه تجاوزات، وفيه أذىً بلا شك، مع وجود جزء مشترك من الخطأ، ولكن "التوبة تَجُبُّ ما قبلها"، و"التائب من الذنب كمن لا ذنب له"، فهنيئًا لكِ بهذه التوبة.
وندعوكِ إلى طي تلك الصفحات ونسيانها، وقطع أي صلة مع الشاب، والتخلُّص من أي أرقام أو ذكريات خاصة بتلك الأيام السوداء التي كانت بينكما، وهي سوداء؛ لأنها كانت أيامًا فيها مخالفات ومعصية لرب الأرض والسماوات، واجتهدي في أن تستأنفي حياتكِ بأملٍ جديدٍ، وبثقةٍ في ربنا المجيد سبحانه وتعالى.
ومثل هذا الشاب الذي له عدد من النساء، وله علاقات متعددة لا يصلح الارتباط به، وأحمد الله الذي سلَّمَكِ من الارتباط به؛ لأنه اتضح أنه على شر كثير، وأنه مخادع لبنات الناس، لا يُراعي الله في الأعراض، ومن كان هذا حاله ولم يتب؛ فمصيره ومستقبله مخيف -عياذًا بالله تبارك وتعالى-.
وإذا حصل أن خطب أو تزوج، فهذا لا يعني أن الله راضٍ عنه، فإن الله يُعطي الدنيا لمن يحب ولمن لا يحب، يُعطي الدنيا لمن يؤمن ولمن لا يؤمن، ولو كانت هذه تزن عند الله جناح بعوضة ما سُقي كافر منها جرعة ماء.
فلذلك هذا ليس معيارًا، كونه تزوج أو كونه خطب، أو كونه كذا؛ لا يعني أنه نجح، ولا يعني أن الله راضٍ عنه، فقد يكون في زواجه حتفه، وقد يكون في الطريق الذي مشى فيه سبب للانتقام منه، الإنسان لا يدري كيف تمضي الأمور؛ لأن هذا الكون مِلْك لله، فوالله يقول: {وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم}، أيضًا {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم}، فالأمور لا تُحكم بهذه الطريقة؛ وعلى كل حال لا نريد منك الوقوف عند وضع هذا الشاب، فأمره إلى الله، وثقي تمام الثقة أن الله يختار لك الأفضل، ولو كان في الشاب خير، وكان قد كتب لك وكتبت له؛ فلن يذهب لغيرك.
لذلك لا تطيلي التفكير في هذا الأمر كثيراً، وحاولي دائمًا أن تشغلي نفسكِ بالطاعات، واعلمي أن الشيطان يُعيد للإنسان شريط الأحداث المؤلمة، لأن همَّ الشيطان أن يُحزن أهل الإيمان، وهو يريد أن يقعدكِ عن المعالي، يريد أن تعودي إلى الوراء، وأن تشغلي نفسكِ بالدعاء عليه أو بمتابعة أخباره، ونحن نريدكِ أن تنشغلي بما يُصلح حالك، وحددي مستقبلكِ، وحاولي طي أي صفحات مظلمة، ولا تقولي: لو كان كذا كان كذا، فإن لو تفتح عمل الشيطان، وهذا كله من الشيطان من أجل أن يُحزنكِ ويشوش عليكِ.
حاولي التخلص من كل الآثار القديمة لهذه المعصية، وغيرها من المعاصي، واستقبلي حياتكِ بأملٍ جديدٍ، وبثقةٍ في ربنا المجيد، واسألي الله التوفيق والسداد، واستري على نفسك، ولا تتكلمي عن هذا الذي حدث، فالمؤمنة مطالَبة بأن تستر على نفسها، وأن تستر على غيرها.
نسأل الله لنا ولكِ التوفيق والسداد.