انتهت فترة عملي في الغربة ولا أريد العودة للوطن!

2025-07-30 01:09:22 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا في حيرة شديدة جدًّا، جئتُ إلى بلاد الغربة معلمةً، وقمتُ بعمل التحاقٍ لعائلتي وزوجي، و-للأسف- كان زوجي جالسًا في البيت ولا يعمل، ولم يكن يبحث عن وظيفة إلا قليلًا جدًّا على مدى سبع سنوات، والآن انتهت خدمتي، وحائرة بين العودة إلى بلدي أو الاستمرار في بلاد الغربة، ومحاولة البحث عن فرص عمل أخرى، خصوصًا أن زوجي ليس لديه وظيفة في وطننا، ما هو الحل؟

صليت صلاة الاستخارة أربع مرات، وفي ثلاث منها، حلمت بأمي المتوفاة في بيتنا القديم، تُعطيني طعامًا، إما لحمًا طيبًا، أو خبزًا، أو فطائر، ولا أعرف هل لهذا الحلم علاقة بالقرار أم لا؟ مع العلم أنني أشعر بعدم الراحة للعودة إلى الوطن، وأنا في حيرة من أمري، وأعلم أن الوضع صعب سواء في بلاد الغربة، أو في العودة إلى الوطن.

أرجو المساعدة في اختيار الحل والقرار المناسب لي ولعائلتي، خصوصًا أن لدي ولدين في الجامعة، وبنتًا صغيرة في عمر الروضة.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أ ح س ع حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ في إسلام ويب، ونسأل الله أن يكتب لكِ الخير فيما اختاره لكِ، وأن يُلهمكِ الصواب، ويشرح صدركِ، ويهيئ لكِ من أمركِ رشدًا، وما تعانينه حاليًا من حيرة وضيق أمرٌ مفهوم وطبيعي في مرحلة مفصلية من الحياة، خصوصًا حين تتعلق القرارات بمستقبل الأسرة، وواقع الزوج، ووضع الأولاد.

لنقسّم الجواب على هيئة نقاط تُعينكِ في اتخاذ القرار:

أولًا: القرار يجب أن يُتخذ من منطلق الإيمان، لا من ضغط الواقع فقط، فأنتِ امرأة مسلمة ومتدينة، تربين أولادك تربية صالحة في بيئة غربية، ومع ذلك ثبتّ -بفضل الله- طوال هذه السنوات، تؤدين رسالتك التعليمية والدينية، وتُعيلين أسرتك بصبر واحتساب.

لذلك فإن أي قرار تتخذينه لا بد أن يُراعى أثره على دينك ودين أولادك، لا مجرد الظروف الاقتصادية أو الاجتماعية، فسؤال المرحلة هو: أيهما أصلح لدينك ودين أولادك؟

-إن كان بقاؤك مؤقتًا في الغربة يُتيح لهم تعليمًا أفضل، وبيئة إيمانية متماسكة، وموردًا ماديًا يُعين على الاستقامة، فهو أولى.
- وإن كانت العودة تفتح لهم أبواب الصحبة الصالحة، والاحتواء العائلي، فالنظر إليها من هذا الباب، فالقرار لا يُبنى فقط على الصعوبة والراحة، بل على النتيجة الإيمانية والمعيشية معًا.

فالقاعدة الذهبية: القرار للأصلح لا للأسهل، هكذا علمنا الإسلام، أن نختار ما فيه المصلحة الدنيوية والأخروية، لا ما فيه الراحة المؤقتة، أو الهروب من الضغوط.

ثانيًا: رؤية الأم المتوفاة في المنام: رؤية أمك المتوفاة وهي تُعطيك طعامًا طيبًا: لحمًا، خبزًا، فطائر، هي رؤيا خير، -إن شاء الله-، لكن تخصصنا ليس تفسير الأحلام، لذا لا نستطيع أن نعطيك رأيًا مفصّلًا في تفسير الرؤية.

وعلى الرغم من ذلك، فلا يُبنى على الرؤى الحكم، ولكن إذا تكررت بعد الاستخارة، فلا بد من الرجوع إلى مفسر ثقة ومأمون.

ثالثًا: الوضع الواقعي: قراءة هادئة للمعطيات:
- أنت المعيلة الوحيدة للأسرة، وزوجك لم يتحمّل مسؤوليته لا هنا ولا هناك، وهذا الوضع ينبغي أن يتغير بهدوء، ووضع حلول عملية.

- لديك أبناء في سن الجامعة، وبنت صغيرة، وكلهم في حاجة إلى استقرار تربوي وتعليمي ونفسي.

- في وطنك، لا مورد رزق واضح، ولا وظيفة لزوجك.

- في بلد الغربة، رغم ضيق الفرص، لا تزال لديكِ مهارات وخبرة وتعليم، ويمكنك البحث بجدية عن عمل آخر.

في ضوء هذا فإن الاستمرار في بلاد الغربة مع الحفاظ على التدين والسعي الحثيث للعمل، هو الخيار الأفضل إن قدره الله لك .

رابعًا: خطة عملية لاتخاذ القرار:

- اكتبي على ورقة: ما هي آثار العودة؟ ما هي آثار البقاء: دينيًا، ماليًا، تربويًا، نفسيًا.

- استخيري الله، لا لأجل أن يُريك منامًا فقط، بل ليفتح لك طريقا للخير، فلا يلزم من الاستخارة رؤية منام، بل الاستخارة يعقبها الخير، فإن قدر الله البقاء فهو الخير، وإن أغلق الله الأبواب فهو الخير.

- استشيري أولادك الكبار، فهم شركاء في المسؤولية، ومستقبلهم جزء من القرار.

- أعطي نفسك ثلاثة أشهر إضافية للبحث عن فرصة عمل هنا، فإن لم تتيسر، فعودي دون ندم.

- لا تبني قرارك على تغيّر الزوج، بل على المعطيات الواقعية.

وأخيرًا: ثقي أن الله معك، وأنك بإيمانك وصبرك لست تائهة، بل ممتحنة، ومن اجتاز الابتلاء بالإيمان، كتب الله له خيرًا كبيرًا، قال تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}.

نسأل الله أن يشرح صدرك لما فيه الصواب، وأن يجعل أبناءك قرة عين في الدنيا والآخرة. والله الموفق.

www.islamweb.net