كيف أوازن بين حاجاتي الشخصية واحتياجات والديّ؟

2025-07-31 01:20:14 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

أنا شاب، عمري ٢٧ سنةً، من عائلة متوسطة، استأجرنا شقةً أنا وعائلتي، ووالداي -بارك الله في عمرهما- لا يستطيعان أن يساعدا في تجهيزي، ولا أن يشاركاني إذا أقدمت على الزواج؛ على الرغم من أن والدي يعمل، ولكن طبيعة الحياة صعبة الآن.

وقد كنت أشارك معهما في الإيجار، وفي آخر فترة بدأت بتلبية احتياجاتي من سيارة، وتكييف، وأدفع بالتقسيط، ولكن -للأسف- قاما بالاعتراض علي ولومي لأنني اشتريت هذه الأشياء، وأنني بفعلي ذلك سأقصر في حقهما، فهل حرام علي، أو أنني ظلمتهما بفعلي ذلك، أو أن ذلك يعد عقوقًا للوالدين؟

أنا لم أتزوج بعد، ولم أجهز نفسي، فهل علي إثم في هذا الحال؟ وكيف أتعامل في هذا الوضع؟ فأنا أسمع منهما الكلام وأصمت دون رد، ولكن ينتابني شعور داخلي بأن اعتمادي كليًا على الله في تجهيزاتي إذا أقدمت على الزواج، فماذا أفعل؟

أريد النصيحة.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Omar حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وبعد:

دعنا -أخي- نجيبك من خلال ما يلي:

أولًا: فضل الوالدين في شريعتنا الغرّاء: لقد عظّم الإسلام شأن الوالدين تعظيمًا عجيبًا، فقرن حقهما بحقه جلّ وعلا، فقال: "وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا"، وما هذا إلا لفضلهم عليك، بل لا يوجد أحد في حياتك يستحق البر، والإحسان، والخضوع، والرحمة، كما يستحقه والداك؛ فهما من تعبا عليك صغيرًا، وسهرا على مرضك، وضحّيا من أجلك، فحقهما لا يُقابل بمثل، ولا يوازيه معروف.

وقد جعل النبي ﷺ بر الوالدين سببًا للجنة، فقال: "رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف، من أدرك والديه عند الكِبَر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة"، وجعل ﷺ رضا الوالدين من رضا الله، وسخطهما من سخطه، فقال: "رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد"، فالجنة والنار مرهونة ببرّك، ونجاحك في الدنيا والآخرة متعلق برضاهما.

ثانيًا: هل ما تفعله حرام؟ هل فيه عقوق لهما؟ هل فيه ظلم لهما؟
الجواب بوضوح: لا، ما تقوم به ليس حرامًا، ولا عقوقًا، ولا ظلمًا، ما دمت تفعل ذلك دون إساءة، أو تقصير في الواجب؛ فأنت شاب في السابعة والعشرين، تسكن مع أسرتك، وتشاركهما في الإيجار، وقد بدأت بتجهيز نفسك للحياة الزوجية، وهذا العمل –من الناحية الشرعية– محمود وليس مذمومًا، بل هو من باب الاستعداد للحياة الزوجية، وتحقيق الكفاية النفسية والمادية، ولا يتعارض مع بر الوالدين، طالما أنك لا تتعدى عليهما بقولٍ أو فعل، ولا تمنعهما ما يحتاجانه وأنت قادر، ولا تقصّر في النفقة الواجبة –إن وجبت–، ولا في البرّ واللطف.

وأما اعتراضهما: فربما يكون نابعًا من خوف، أو قلق، أو ضيق في الحال، وليس بالضرورة أن يكون رفضًا لك؛ فهما يريدان لك الخير، وربما تمنّيا أن يشاركاك، فحزنا لأنهما لا يستطيعان.

ثالثًا: كيف تتعامل مع هذا الموقف؟
- تلطّف في الحديث، واشرح نيتك بصدق.
- اجلس مع والديك، وقل لهما: "أنا لا أريد أن أتهرّب من المسؤولية، لكنني أحاول أن أجهّز نفسي، لأكون رجلًا مستقيمًا، قادرًا على أن أعيل زوجةً وأسرةً يومًا ما، دون أن أحمّلكما فوق طاقتكما، والله يعلم أنني ما قصدت ترفًا، ولا استعلاءً، بل أردت أن أرتاح لأستطيع مساعدتكما لاحقًا -إن شاء الله-".
- أشعرهما بأنك ما زلت ابنهما البار، فلا تجعل بينك وبينهما جفوةً، ولو ضاقا بك، أو لاماك، فاصبر واحتسب، وأحسن إليهما، وشاركهما بقدر المستطاع، ولو بشيء رمزي.

ختامًا: أنت في طريق سليم، فلا تتراجع عن حلمك، ولا تظن أنك عاقٌ لمجرد أن سلكت درب الاجتهاد في تأمين مستقبلك، ولكن لا تسمح للشيطان أن يُدخل عليك فتورًا، أو قسوةً تجاه والديك بسبب هذا الضغط، بل اجعل برّهما رصيدًا في قلبك، وصدقةً جاريةً في دربك.

نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، والله الموفق.

www.islamweb.net