مدرسي رجل صالح يرغب بالزواج بي ولكنه متزوج، فهل أقبل به؟
2025-08-21 00:56:30 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة في العشرين من عمري، خلال فترة دراستي الثانوية كان هناك أستاذ يدرسنا في المدرسة، وكان ذو علم وخلق ودين، ونحسبه -والله حسيبه- من الصالحين.
عندما علم أنني بدأت دراسة العلم الشرعي، عرض عليَّ المساعدة فوافقت، لكنني سرعان ما لاحظتُ ميله تجاهي، وبدأتُ أشعر بميل متبادل في قلبي، فحرصت على الابتعاد لتجنب التعلق بشيء شبه مستحيل، ولأحمي نفسي من وساوس الشيطان.
كان مجرد أستاذ لي، وفجأة صرح بأنه كان يفكر بالزواج من ثانية، وبعدها بفترة صرح بأنه يود الزواج مني، لرجاحة عقلي وفكري ونضجي، ولتوافق اهتماماتنا وتشابه عقولنا.
هو يكبرني بـسبعة عشر عامًا ومتزوج، وأنا لا أمانع من التعدد بشرط العدل، ولا أمانع من فارق السن إذا توافق عقلي مع عقله.
لكنني خائفة من الموافقة والتحدث مع أهلي في الأمر، وخائفة من المستقبل؛ هل سيكون فرق السن مؤثرًا على تعامله معي أو مع أولادي، حينما يشيب هو وأنا ما زلت في ريعان شبابي؟ هل سيهملني حينها، أم هل أضحي لأجل علمه ودينه وباقي صفاته النادرة؟ وماذا عن نظرة المجتمع؟
الأمر المهم أنه بعد التصريح عن مشاعره، قال إنه يخاف من ردة فعل أهلي، خصوصًا أنهم يعرفونه شخصيًا، ويخاف أن يظنوا به ظن السوء لغرابة الأمر، وقال: رغم أني أريدك، إلَّا إني أخاف أن أظلمك؛ فأنت صغيرة ومن حقك أن تفرحي بزوج في نفس عمرك وتكوني الأولى في حياته، كان يقصد أنه يريد الزواج مني، لكنه خائف من عرض الموضوع، والذي قد يجلب له المشاكل، لذلك يفضل كتم مشاعره وإنهاء العلاقة.
أود أن أتيح له فرصة للتفكير، ولا أريد التسرع في رفض الأمر.
وسؤالي -جزاكم الله خيرًا-: هل أرفضه دون أن أخبر أهلي بالأمر، أم أخبرهم وأستخير؟ وهل يجب أن أضحي ببعض متع الحياة الزوجية المبكرة؟ وكيف أُخبر أهلي وأقنعهم وأواجه ردود أفعالهم؟ وكيف أتعامل مع نظرة المجتمع؟ وهل قد يؤدي فرق السن إلى فشل العلاقة؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رحمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بكِ -ابنتَنا الفاضلةَ- في الموقع، ونشكرُ لكِ الاهتمامَ وحُسنَ عرضِ السؤال، نسألُ اللهَ أن يُقدّرَ لكِ الخيرَ ثم يُرضيكِ به، وقد سعدنا بهذا الكلامُ الواضحُ الذي كتبْتِه في هذه الاستشارة، والذي يدلّ على نُضجٍ ووعي، ونسألُ اللهَ -تباركَ وتعالى- أن يُلهمكِ السدادَ والرّشادَ، فهو القادر على ذلك.
أمّا بالنسبة لهذه العلاقة مع هذا الأستاذ أو الشيخ المذكور، فهو الذي ينبغي أن يطرُق الباب، ويبحث عمّن يتكلّم بلسانه من أصحاب الوجاهات، إن كان لا يُريد المواجهة، وبعد ذلك يكونُ الأمرُ لكِ ولمَحارمِك، وهذه هي الطريقة المشروعة للزواج، ونحن في بيئاتٍ للأسر فيها أثرٌ كبير، فلا بدّ أن يكون المدخل عن طريقهم، ولا بدّ أن يتقدّم بطريقةٍ رسميّةٍ وشرعيّة.
وحتى يحصل هذا، ينبغي أن تبتعدي عنه، وتتوقّف هذه المشاعر؛ لأنّنا لا نعرف ما هي النتائج، فنحن لا نريد للمشاعر أن تتمدّد دون أن نعرف إمكانية إكمال هذا المشوار؛ لأن هذا الأمر إذا لم يتمّ فسيكون مصدرَ تعبٍ للطرفين، ولذلك لا بدّ من التوقّف والابتعاد التام، ثم بعد ذلك إن أراد فعليه أن يأتي من الباب، ويُقابل أهلَكِ، ويتقدّم بطريقةٍ رسميّة، وهذا يرفع الحرج عنك.
بخلاف ما لو أظهرتِ رغبتكِ في الارتباط به؛ فإنّ ردّةَ الفعل في مجتمعاتنا المعروفة تكون صعبةً جدًّا على الفتاة، وربما أيضًا يُساء بها الظنّ، مع أنّ هذا الأمر من الناحية الشرعيّة لا غبارَ عليه، وهذه العلاقة لا تُعرف فيها فوارقُ الأعمار؛ والتوافقُ العقليّ له أثرٌ كبيرٌ جدًّا، والنبي ﷺ تزوّجَ عائشةَ -رضي الله عنها- وكان يكبرها بأكثرَ من أربعين سنةً، وتزوّجَ من خديجةَ -رضي الله عنها- وكانت أكبرَ منه في سنوات العمر.
فهذه المسألة لا علاقة لها بالأعمار، ولكن من المهمّ أن يعرف الإنسانُ خصائصَ المجتمع الذي يعيش فيه، والطرائقَ المتعارَف عليها للوصول إلى أي الفتاة، بأن يأتي الرجلُ ويطلبَ بطريقةٍ رسميّة، أو يُرسلُ من يتكلّم بلسانه، وفي ذلك رفعٌ للحرج بالنسبة له.
لذلك أُكرّر الدعوةَ إلى التوقّف وعدم التمادي في هذه المشاعر، حتى تتّضحَ الصورةُ، وحتى تعرفا إمكانيةَ إكمال المشوار؛ لأنّ هذا يُسهّل عليكما مهمّة الانفصال، بخلاف ما لو أُهمل الموضوعُ وتمدّدت المشاعرُ والعواطف والتي هي عواصف تتمدد، فإنّ هذا مصدر إزعاجٍ ومصدر تعبٍ، وله أثرٌ على حياتكِ الأسريّة المستقبليّة وعلى حياته أيضًا.
ولذلك دائمًا الرجلُ إذا أعجب بامرأةٍ؛ فعليه أن يتوقّف عن الكلام معها ويطرُقَ بابَ أهلها كأوّل إجراء، هذا الإجراء ينبغي أن يكون مبكّرًا، ولا نتأخّر فيه؛ وكلُّ تأخّرٍ ليس فيه مصلحةَ، حتى لو حصلت الموافقةُ، التأخير ليس فيه فيما مصلحة، لأنّنا نكون قد عبثنا بالرّصيد العاطفي لهذه العلاقة.
ولذلك الشرعُ يأمرُنا ويأمرُ أي رجلٍ يجد في نفسه ميلًا إلى فتاةٍ أن يطرُقَ بابَ أهلها، ويأمرُ كلَّ فتاةٍ تشعر بأنّ أي رجلَ يقترب منها تدلُّه على محارمَها، حتى يأتي إلى دارها، ويُقابل أهلَها.
نسألُ اللهَ أن يُقدّرَ لكِ الخيرَ ثم يُرضيكِ به.