خسارتي لاستثماراتي: هل هي رسالة من الله لتقويم مساري؟

2025-08-23 23:27:21 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم..

أنا أسكن في بلد غربي، في الآونة الأخيرة تعرضت لاحتيال كبير من قبل أشخاص، يديرون شركة تداول البتكوين، كل سنوات تعبي راحت سدى، إضافةً إلى أنني أصبحت مدينًا، فهل هذا خطئي لتحسين مستوى المعيشة، أم غباء مني، لأني وثقت بأناس لا أعرف عنهم سوى أن لديهم وسائل عديدة للاحتيال؟ أم أنها لفتة مباركة من الله لتقويمي، وتصحيح مسار حياتي، والعودة إلى الإيمان؟

وشكرًا جزيلاً لكم.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Khalid حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخانا الفاضل- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

بدايةً: نسأل الله أن يبارك لك في أهلك ومالك، وأن يجعل ما أصابك كفارةً، ورفعةً في الدرجات، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا همٍّ ولا حزن، ولا أذى ولا غمّ، حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه» فالصبر، وحسن الظن بالله تعالى سبيلك للطمأنينة، والرجاء في عوض الله وفضله، قال تعالى: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ۝ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).

أما عن قولك: "هل هذا خطئي لتحسين مستوى المعيشة؟" فلا شك أن النفس تحب أن تتهرب من التبعات والمسؤوليات عند أي خطأ! إن السعي لتحسين المعيشة أمر مشروع ومحمود، بل هو من نعم الله على عباده، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)، والأفضل أن تحاسب نفسك أين وقع الخطأ؟ وكيف؟ ولماذا؟ بكل شفافية وصدق.

والسعي ينبغي أن ينضبط بأمرين أساسيين:

- الأول: ألا يشغلك طلب الرزق عن غايتك العظمى وهي عبادة الله تعالى، والاستقامة على أمره.
- الثاني: ألا يكون بطرق محرمة أو مشبوهة؛ لأن في ذلك ظلمًا للنفس، أو للآخرين.

فإذا حققت عبودية الله، وسرت على شرعه قولًا وعملًا، وكان رزقك حلالًا طيبًا، فذلك لا يعد خطأً، بل هو عين الصواب.

واعلم -أخي الكريم- أن البلاء قد يكون رسالةً من الله لعبده، إما لتذكيره إذا غفل، أو تنبيهًا إذا قَصَّر، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)، فالتغيير للأفضل، أو للأسوأ نتيجة حتمية لسلوك الإنسان إيجابًا أو سلبًا.

وكان يجدر بك من باب العمل بالأسباب، والحرص على المال، والسعي للحلال الطيب، التنبه إلى أن بعض الشركات التي تستثمر فيها الأموال قد يكون نشاطها محرمًا، أو مشبوهًا، وكان الأجدر بك التثبت من حكمها، ونشاطها قبل الدخول فيها، لا بعد الخسارة، فكثيرًا ما يدفع الطمع في الربح السريع إلى التغافل عن الضوابط الشرعية، أو تجاهل استشارة أهل الخبرة، فيقع الإنسان في قرارات متسرعة تعود عليه بالخسارة.

أخيرًا: تذكّر أن كل ما يجري إنما هو بقدر الله تعالى، قال -صلى الله عليه وسلم-: «من رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط» فكن راضيًا بما قضى الله، واستفد من التجربة درسًا يرسخ في قلبك أن رضا الله وشرعه فوق كل رغبة دنيوية، وأنك ستُسأل عن مالك (من أين اكتسبته، وفيم أنفقته) واعلم أن رحمة الله واسعة، وأن من الحكمة أن ننظر إلى المواقف بعين الاعتبار؛ فهي محطات تربية وإصلاح لسلوكنا وحياتنا.

وفّقك الله، ويسّر أمرك، وأخلف عليك خيرًا مما فقدت.

www.islamweb.net