أتضايق من لطف زوجي مع زميلته في الدراسة، فهل أنا مخطئة؟

2025-08-25 03:09:04 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

زوجي يدرس دبلوماً، ومعه زميلة كانت تعمل معه سابقًا في إحدى الشركات التي اشتغل فيها، فهل من الطبيعي أن تسأله عن أمور تخص الدراسة؟ وإذا غاب في يوم تسأله لماذا لم يحضر، وتبلغه بما تم في المحاضرة؛ أنا أرى أن هذا ليس من حقها، وأنه تواصل لا ضرورة له، وتضايقت أكثر عندما رأيت زوجي يرد عليها، وعندما سألته عن سبب غيابه، قال لها: إنه كان مريضًا.

صحيح أن الكلام لم يطل، وهي أخبرته بموعد الامتحان فقط، لكنني لم أرتح لهذا، أنا لا أشك في زوجي، والكلام لا يحتوي على تجاوزات، لكن الأمر أزعجني كثيرًا، كان بإمكانه ألا يرد، أو يقول لها: وما شأنك، لكن زوجي يتعامل بذوق مع الجميع، وهذا طبعه، هل لي حق أن أتضايق؟ هل الموضوع عادي وأنا أضخّمه؟

مثل هذه الأمور تحزنني وتدفعني إلى تجاهل زوجي، رغم أنه يحبني كثيرًا، ويعاملني بالمعروف، وهو محترم، ويتقي الله ويعرف حدوده، ولا أستطيع أن أتكلم معه في هذا الأمر؛ لأنه سيعرف أنني تجسست عليه، ولن يتقبل ذلك.

أرجو مساعدتي.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ -ابنتَنا الفاضلةَ- في موقعكِ، ونشكر لكِ الاهتمامَ وحسنَ عرضِ السؤال، ونسألُ اللهَ أن يوفِّق زوجكِ، وأن يهديَه لأحسنِ الأخلاقِ والأعمالِ، فإنَّه لا يهدي لأحسنِها إلَّا هو.

سعدنا باهتمامكِ بأمر الزوجِ، وبثنائكِ عليه بأنَّه يخافُ اللهَ -تبارك وتعالى- ويتقيه، وسعدنا أيضًا لانزعاجكِ لهذا التواصل، ونسألُ اللهَ أن يعينَه على أن يتواصل مع الرجالِ من زملائه، ونسألُ اللهَ - تبارك وتعالى - أن يعينَنا جميعًا على فَهمِ قواعدِ وضوابطِ هذا الشرعِ الحنيفِ الذي شرَّفنا اللهُ - تبارك وتعالى - به.

ونحبُّ أن نقول: هذا الضيقُ يكون في مكانِه إذا كان في الأمرِ ريبةٌ، وأنتِ أشرتِ إلى أنَّ الكلامَ لا يتجاوزُ الحدودَ المعقولةَ والمقبولةَ، وأشرتِ إلى أنَّ الفتاةَ المذكورةَ هي زميلةٌ له في العمل، وهي زميلةٌ له كذلك في الدراسة، مع تحفُّظِنا على كلمة "زميلة"، لأن الزمالة ينبغي أن تكونَ في ظلالِ المحرميَّة، أو في إطارِ الحياة الزوجية: إمَّا أن تكونَ خالةً أو عمةً لإنسانٍ، أو تكونَ زوجةً له، ولكن يؤسفنا أنَّ الناسَ توسَّعوا في استخدامِ هذه المصطلحات.

ولا نؤيِّد مفاتحةَ زوجكِ أو مناقشتَه في هذا الأمر، لأنَّ الأمورَ - بكل أسف - تمضي بين الناسِ مثل هذه الأشياء بطريقةٍ عاديَّة، وهناك ضوابطُ لتعامُلِ المرأةِ مع الرجل إذا احتاج أو احتاجت لذلك: أن يكونَ الكلامُ في المعروف، وألَّا يكونَ هناك خضوعٌ في القول، وأن يكونَ الكلامُ أيضًا بقدرِ الحاجة، ويبدو أنَّ هذه الأشياءَ متوفِّرة، ولكن نتمنى أن يجدَ الزوجُ شبابًا ليتواصل معهم من الزملاءِ بدلًا من هذه الزميلةِ المذكورة.

ونشجِّعكِ على القُرب من زوجكِ، والدخول إلى حياتِه، والقيامِ بتلبيةِ طلباته، والاهتمامِ بعملِه وبحياتِه، وزيادةِ القواسم المشتركة بينكِ وبينه، وهذه من أكبر الضمانات، مع التذكير دائمًا بمراقبةِ ربِّ الأرضِ والسماوات.

والتناصُح بين الزوجين مطلوبٌ، لكن ليس في هذا الموطن؛ حتى لا يظنَّ - كما أشرتِ - أنَّكِ تراقبين هاتفَه، أو أنَّكِ تتابعين مثلَ هذه الأمور، ولكن ليكن الكلامُ عامًّا، وفي وقتٍ غيرِ هذا الوقت، تخبرينه أنَّكِ حريصةٌ عليه، وأنَّكِ تخافين عليه لا تخافين منه.

والرجل ينبغي أن يعلم أنَّ في النساءِ شريراتٍ، وأنَّه ينبغي أن يلتزمَ القواعدَ الشرعيةَ في التواصل، وكذلك بالنسبة للمرأة؛ فإنَّ الشريعةَ وضعت قواعدَ لهذا التواصل إذا احتاج الناسُ إلى هذا التواصل، ونسأل الله - تبارك وتعالى - أن يؤلِّف القلوب، وأن يغفر الزلَّات والذُّنوب.

فالموضوع إذًا ينبغي أن يأخذ حجمه، مع أننا لا نستطيع أن نحكم على هذا الأمر، ولكن الشريعة عمومًا تُباعد بين أنفاسِ النساءِ وأنفاسِ الرجالِ، وتريد للعلاقة إذا اضطروا إليها في الكلام والسؤال عن شيءٍ في العمل؛ أن يكون ذلك بغير خضوعٍ في القول، وبغير إطالة في الكلام، وأن يكون محصورًا في طلب الحاجة المحددة التي يتم السؤال عنها، ونسألُ اللهَ أن يهيأ لهذه الأُمَّة أوضاعاً يُباعد فيها الناس بين أنفاس النساء وأنفاس الرجال، في وظائفهم ودراستهم وحياتهم، وأن يردَّنا إلى كتابِه وإلى هديِ نبيِّه -صلى الله عليه وسلم- ردًّا جميلًا، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

www.islamweb.net