زوجي لم يدفع لي مهرًا ويطالبني بثمن الإقامة!
2025-08-26 01:35:09 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاةٌ يتيمةٌ بلا أهل، مقطوعة النسب، ملتزمةٌ -والحمد لله-، ومنقبة، رغم عملي المختلط، وذلك للضرورة، وليس لي مصدر دخلٍ غير عملي.
لدي زميلٌ في العمل وقع في ضيقة، ودون تردد أقرضته مبلغًا كبيرًا من المال، ونتج عن ذلك توطيد العلاقة بيننا، فطلب الزواج مني، مع العلم أنه أصغر مني بثمان سنوات، لكن الفارق الشكلي والعقلي بيننا لا يظهر، فوافقتُ، وخطَبني في البداية دون علم أهله؛ لأنهم لن يوافقوا أبدًا.
ثم طرأ أمرٌ أنه سيسافر للعمل خارج البلاد، فاضطررنا في تعجيل الزواج، ثم ذهب بعدها كلٌّ مِنَّا إلى بيته، على أملٍ منه أن يرسل إليّ بعد ثلاثة أشهر وأسافر معه لأعمل معه معلمة، لكنه فاجأني بأنني بعد أن أعمل وأقبض راتبي سيأخذ مني ثمن الإقامة، وهو أربعة آلاف ريال، وكل ما أفكر فيه أنه لم يدفع مهرًا، ولا ذهبًا، ولا أيًّا من الأمور الزوجية، بالإضافة إلى أنه سيجعلني أدفع ثمن إقامتي معه!
فهل لأنه لا يوجد لي والد يحاسبه، أصبح الأمر عنده قليل القيمة، أم أنه يراني كبيرة السن ويرى نفسه في مقام أعلى، فلا يريد تكلف عناء الزواج، أم أنني أظلمه بظني السيئ؟
أقسم بالله، إنه لم ينفق عليّ شيئًا منذ أن رأيته قبل ثمانية أشهر، إلَّا إنه أعاد لي ثلاثة أرباع المبلغ الذي أقرضته له في البداية على شكل هدايا طوال فترة الخطبة، والتي امتدت ثمانية أشهر.
أمَّا بالنسبة لعلاقته المادية بأهله فهو كريم جدًّا، وعلاقته المادية بأصدقائه فهو كريم بشكل معتدل.
فماذا ترون؟ أفِتوني في أمري، فأنا -والله- أشعر أنني ضيعت نفسي بهذا الزواج، وأريد الطلاق، وقد مرّ على زواجنا ثلاثة أسابيع فقط.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بكِ -أُختنا الكريمة- في موقعكِ إسلام ويب، ونسأل الله أن يكرمكِ، وأن يقدّر لكِ الخير حيث كان.
دعينا نجيبكِ على استشارتكِ وفق العناوين التالية:
أولًا: الحقوق الشرعية في الزواج:
• الزواج يقوم على المودة والرحمة والعدل، لا على استغلال طرفٍ للآخر.
• المهر والنفقة والسكنى من واجبات الزوج، لا من واجبات الزوجة، فلا يحق له أن يجعل إقامتكِ معه على حسابكِ ما دمتِ تحت عصمته.
• كونُه كريمًا مع أهله وأصدقائه، لكنه متشدّد معكِ في حقوقكِ؛ علامة على خللٍ في ميزان أولوياته تجاه زوجته.
ثانيًا: الفارق بينكما وأثره على استقرار الزواج:
• الفارق العمري ليس عائقًا شرعًا ولا عرفًا إذا كان هناك قبول، لكن المشكلة أن أساس العلاقة بدأ مضطربًا: إخفاؤها عن الأهل، استعجال الزواج بسبب السفر، وعدم وجود سندٍ يحفظ حقكِ، وهذا أحد الأسباب التي يجب التعامل معه بحذر.
• إحساسكِ بأن كونك يتيمة جعله يستهين بحقوقكِ إحساسٌ مفهوم، وقد يكون فيه شيء من الصحة، خاصة إذا كان يتعامل معكِ ببرودٍ في الواجبات المالية.
ثالثًا: هل هذا استغلال أم تقصير؟
• من كلامكِ: هو ردّ جزءاً مما اقترض منكِ، لكن على هيئة هدايا خلال فترة الخطبة، وهذا لا يعد مهرًا ولا نفقة.
• طلبه منكِ دفع ثمن الإقامة، مع علمه أنك بلا سند وأنك خرجتِ معه للغربة لأجله، أمر غير محمود، ويدل على ميل للاستغلال أو على الأقل قلة مسؤولية.
• حتى لو لم يقصد الاستغلال، فإن الزواج لا يستقيم مع من لا يحفظ للزوجة حقها.
رابعًا: الخطوات العملية التي عليكِ اتخاذها:
• جلسة واضحة وصريحة معه: ضعي أمامه كل ما في قلبكِ بهدوء، وأخبريه أنكِ تحتاجين مهرًا معلنًا، وسكنًا ونفقة واضحة، وأنكِ لا تستطيعين دفع تكاليف معيشتكِ في بيت الزوجية.
• اختبري جديته: هل يتغير حين تواجهينه بالحق، أم يزداد تصلبًا واستعلاءً؟
• استخارة: صلي ركعتين بنية الاستخارة في الطلاق أو الاستمرار، واسألي الله أن يقدّر لكِ الخير حيث كان.
• لا تظلمي نفسك: فالزواج ميثاقٌ غليظ، لا يجوز أن يُبنى على شعورٍ بالمهانة أو الاستغلال.
خامسًا: متى يُعد الطلاق خيارًا مشروعًا؟
• إذا أصرّ على أن تبقي بلا مهر، وبلا نفقة، وبلا اعتبار لمكانتكِ.
• إذا أحسستِ بعد هذه المواجهة أن قلبكِ لا يطمئن إليه، وأن العشرة معه ستتحوّل إلى همّ لا إلى سكن.
• ثلاثة أسابيع ليست زمنًا طويلًا، وإن كان الطلاق مؤلمًا، لكنه أهون بكثير من سنوات عمر تضيع في علاقة غير عادلة.
• يا أختي، الزواج ستر ورحمة، فإن لم تجدي فيه سترًا ولا رحمة، فلا تترددي في اتخاذ قرارٍ واضح، ولكن بعد الاستخارة ثم الاستشارة، وثقي أن الله سيقدّر لكِ الخير بعد ذلك.
نسأل الله أن يقدّر لكِ الخير حيث كان، وأن يرزقكِ الزوج الصالح الذي يسعدكِ في دينكِ ودنياكِ، والله الموفّق.