حالات القلق النفسي الحاد المرتبطة بأحداث معينة .. تأثيراتها وكيفية علاجها
2006-08-10 13:09:33 | إسلام ويب
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منذ شهرين تقريباً استيقظت من النوم في الصباح وأنا مرعوبة وخائفة بسبب أنني كنت أحلم بأنني على وشك الموت، وكنت خائفة جداً في الحلم، وكنت أبكي بشدة.
ومن حينها وأنا مصابة بالخوف والرعب، أستطيع وصف الحالة التي كانت فيّ بعد الحلم واستمرت لأيام ولا زالت بالآتي:
تزايد وسرعة شديدة في دقات القلب، وألم في الصدر، ونغزة في القلب، استمرت عدة أيام ثم اختفت، خوف وهلع شديد، آلام في الظهر، الشعور أحياناً بتنميل في الأطراف اليسرى، شعور بالحزن والاكتئاب، وكره الحياة، وفقد الشهية للطعام، وقد نقص وزني في تلك الفترة 5 كيلو جرامات.
وكلما أتوتر أصاب بالسعال، فآخذ دواء السعال فيهدأ، أحياناً أشعر بالخوف أثناء الصلاة وقراءة القرآن، أشعر أنني في عالم غريب، أفكاري أصبحت سوداء، أخاف أن أفرح، دائماً أتوقع أن يحصل مكروه، وأشعر بالدوار أحياناً لفترة بسيطة، شعرت بالخوف حتى من رؤية الأشجار والسماء والأرض، ولكن زال عني هذا الشعور.
وأيضاً أحياناً أشعر بالخوف حتى من الذهاب للحمام (أعزكم الله) كنت طموحة ومرحة ومحبة للحياة، ولكن الآن صرت أكره كل شيء، ولا أحب التفكير في المستقبل، بسبب خوفي، كل هذا حصل لي بسبب ذلك الحلم، ولا أعرف لماذا؟! أريد التخلص من هذه المشاعر المزعجة.
ومنذ يومين تقريباً وعندما كنت نائمة استيقظت الساعة 3 فجراً على صوت صراخ، وعندما ذهبت إلى غرفة الجلوس اتضح أن هناك مشكلة حصلت في المنزل، المهم أني ظللت مرعوبة وخائفة بسبب أنني استيقظت على أصوات الصراخ، فأخذت دقات قلبي تتزايد، وكلما قست الضغط يكون منخفضا ودقات قلبي تصل إلى 112.
وأنا أكتب لكم الآن وأشعر بتحسن والحمد لله، ولكن المشكلة أن الأعراض التي ذكرتها في الأعلى تأتي ليومين مثلاً ثم تختفي، ثم تعود مرة أخرى، وأنا أخشى أن تعاودني الآن، فماذا أفعل؟ أريد أن أعيش حياتي طبيعية كما في السابق؟ فكم أشفق على حالي، وأبكي أحياناً فأنا ما زلت صغيرة، وأحمل هموماً كالجبال.
أنا ملتزمة بالفرائض والسنن والتلاوة والأذكار، وهذا ما خفف عني كثيراً من حالتي وخوفي، وأنا كثيراً ما أشك أن هذه الحالة التي أصبت بها قد تسبب لي مشاكل في القلب؛ بسبب الألم الذي أشعر به في صدري مصاحباً للسعال.
أنا الآن آخذ دواء السعال + أقراص أسبرين لتسكين آلام الصدر التي أحس بها.
ما أريده منكم هو معرفة ماذا أصابني؟ وكيف يمكن أن أتخلص من هذه الحالة للأبد؟ فأنا أريد أن أعود كما في السابق؛ لأني تعبت كثيراً، لا أريد لهذه الحالة أن تؤثر على دراستي الجامعية ولا علاقاتي في المجتمع.
وشكراً لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الابنة الفاضلة/ أميرة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فهذا الوصف الدقيق الذي ورد في رسالتك، أرجو أن تطمئني تماماً؛ فالحالة بسيطة جدّاً بالرغم من تقديري بأنها تسبب الكثير من الإزعاج لمن يعانون منها.
الحالة التي تنتابك هي نوع من القلق النفسي الحاد، والذي يسمى بنوبات الهلع أو الهرع، وهذه الحالة دائماً تكون مرتبطة في بدايتها بحدث ما، وهذا ينطبق على حالتك، حيث أن البدايات كانت في أثناء الحلم.
كما ذكرت لك أرجو أن تطمئني تماماً أن هذه الحالة إن شاء الله سوف تنتهي، وذلك بابتاع الإرشادات التالية:
أولاً: من الضروري جدّاً أن تمارسي تمارين الاسترخاء، ويا حبذا لو تحصلت على أحد الأشرطة أو الكتيبات أو قمت بالاستعانة بإحدى الأخصائيات النفسيات لتدريبك على كيفية إجراء هذه التمارين، وإذا صعب عليك ذلك يمكنك اتباع الآتي:
أولاً: استلقي في مكان هادئ في الغرفة وأغمضي عينيك وافتحي فمك قليلاً، ضعي يديك على الصدر ثم بعد ذلك خذي نفساً عميقاً وبطيء وهذا هو الشهيق، ولابد أن يكون هنالك نوع من التأمل الداخلي الاسترخائي، املئي صدرك بالهواء ثم اقبضي الهواء لمدة 5 ثوان، ثم بعد ذلك يأتي الزفير – إي إخراج الهواء – ويكون بنفس البطء والقوة، كرري هذا التمرين 5 إلى 6 مرات بمعدل مرتين في اليوم.
هنالك تمارين أخرى كثيرة تتعلق باليدين وبعضلات الجسم تأخذ مجموعةً مجموعة، ابتداءً بعضلات القدمين ثم الساقين، ثم عضلات الحوض، فالبطن فالصدر، وهكذا.. هذه التمارين معروفة أنها ذات جدوى علمية ومفيدة جدّاً، هذا هو خط العلاج الأول بالنسبة لك.
الشيء الثاني: هذه الآلام والنغزات التي تحدث في الصدر هي ناتجة عن القلق، وذلك نتيجة لانقباضات عضلية تحصل؛ حيث أن التوتر النفسي يؤدي في بعض الحالات إلى توتر في العضلات، وأكثر العضلات تأثراً هي عضلات الصدر وعضلات الظهر، وكذلك الرأس، وبالطبع تمارين الاسترخاء سوف تفيد كثيراً في ذلك، ولا داعي لأن تتناولي الأسبرين فهو لا يمثل أي قيمة علاجية في مثل حالتك.
الجانب العلاجي الآخر هو العلاج الدوائي، أرى أنه مهم بالنسبة لك، وهنالك دواء يعرف باسم سبرالكس، سبرالكس من الأدوية الممتازة لعلاج الهرع، كما أنه يحسن المزاج، ويزيل -إن شاء الله- الضيقة والاكتئاب.
جرعة البداية هي 10 مليجرام ليلاً لمدة شهر، ثم بعد ذلك ترفع الجرعة إلى 20 مليجرام ليلاً أيضاً، وتستمري على هذه الجرعة لمدة خمسة أشهر، ثم تخفض بعد ذلك الجرعة إلى 10 مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم تخفض إلى 5 مليجرام لمدة شهر واحد، ثم يمكنك التوقف عن تناول الدواء.
كما ذكرت لك يعتبر السبرالكس أفضل هذه الأدوية، وذلك لأنه ينظم المادة الكيميائية التي يؤدي اضطرابها إلى حدوث القلق، وهذه المادة تعرف باسم سيرتونين.
أنا سعيد جدّاً أن أسمع أنك ملتزمة بالفرائض والسنن وتلاوة القرآن والأذكار، فأسأل الله لك القبول، وأسأل الله لك الثبات ولنا جميعاً، وهذا أمر يسر القلب، وبالتأكيد -إن شاء الله- سيكون ذلك عوناً لك لإزالة هذا القلق؛ لأنه بذكر الله تطمئن القلوب.
أرجو أن تحرصي في دراستك الجامعية، وأن تكون لك الدافعية والمثابرة، وأن تضعي الأهداف أمامك، وأن تحفزي نفسك وذلك بالانتظام في الدراسة والمذاكرة، وأن يكون هدفك الأساسي هو التميز والتفوق.
وبالله التوفيق.