أريد إهداء كتاب إلى أحد أقاربي من أجل هدايته، فماذا تقترحون؟

2025-10-14 23:14:38 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولًا: أود شكركم على مجهودكم الذي تقدمونه لنفع المسلمين.

أحد أقاربي شخص عادي طيب الأخلاق ومعروف بتميزه وأدبه، ولكنه ليس ملتزمًا، ومتساهل في كثير من المعاصي، مثل: الموسيقى، وحلق اللحية، والتصوير، ومشاهدة الأنمي والمسلسلات بحجة أنها ليست حرامًا، أو مختلف فيها، أو قد تكون مكروهة، وأكثر من مرة أحاول إقناعه وأعطيه أدلة، إلا أنه يصر على أفعاله.

اقتربت مناسبة، وأود أن أهديه فيها كتابًا كهدية، وفكرت أن يكون هذا الكتاب من الأنواع التي تجعله يفكر وينظر للحياة بنظرة مختلفة، ويتأمل هل هو على الطريق الصحيح أم لا، ويعيد التفكير هل هذا ما يريده، وهل الحياة أغوته فنسي الموت؟ أريد أن تدخل قلبه لحظة نور لعل الله يهديه، مع العلم أنه بسيط جدًا في الدين، فمن الممكن أن يكون لا يعرف أسماء الأئمة الأربعة، وكل مرة أتكلم معه فيها أجد أن تفكيره ليس مستمدًا من الدين بشكل كبير، فأريد نصيحتكم: أي كتاب أهديه؟

شكرًا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظك ويرعاك.

فما أجمل ما تفكر فيه! فالهداية أحيانًا تبدأ من هدية صغيرة يفتح الله بها بصيرة الشخص، وقريبك -كما وصفت- رجل طيب الأخلاق، حسن العشرة، لكنه غافل أكثر من كونه معاندًا، يسير في حياة يغلب عليها التساهل والتبرير، ويحتاج إلى من يوقظه بلطف لا بجدال، وبحكمة لا بتأنيب.

أولًا: ما الهدف من الهدية؟ الغاية ليست أن تُعلّمه الأحكام، أو تُذكّره بالمحرّمات، بل أن تهديه ما يجعله يفكر في معنى وجوده، ويتساءل: هل هذه هي الغاية التي خلقت من أجلها؟ وهل أنا راضٍ عن لقائي بربي على حالي؟ نريد أن نوقظ فيه الوعي لا الخصومة، والإحساس لا الدفاع.

ثانيًا: صفات الكتاب المناسب، اختر له كتابًا يجمع بين:
• سلاسة الأسلوب.
• عمق المعنى.
• واقعية الفكر.
• وتأثير القلب دون خطاب مباشر.
كتاب يشعر القارئ أنه يفهمه لا أنه يؤنّبه.

ثالثًا: نحن نرشح لك ما يلي:

1. رحلتي من الشك إلى الإيمان: د. مصطفى محمود، كتاب يحكي رحلة عقل كان غارقًا في الفكر المادي، ثم اهتدى إلى الله ببرهان العقل والقلب معًا، أسلوبه فكري شيّق يناسب من يحب النقاش والتأمل ويظن أنه "يفكر بحرية".

2. لأنك الله: كتاب صغير، لكنه عميق، يعرّف القارئ بالله من خلال أسمائه وصفاته، يُحبّب القارئ في الإيمان ويجعل قلبه يأنس بالقرب من الله دون خوفٍ جاف، سهل القراءة، يصلح هديةً تُذكّر دون أن تُجادل.

3- صيد الخاطر – ابن الجوزي (نسخة مبسطة)، كلام ابن الجوزي درر لا تموت، يجمع بين عمق الفكر وجمال العبارة، فيه تأملات عن النفس والنية والتوبة والدنيا، يصلح لمن يأنس بالحكمة ويحب الأسلوب الأدبي القوي.

رابعًا: طريقة تقديم الهدية، احرص على أن تكون الهدية مهداة بأسلوب واثق هادئ، لا بصيغة نصيحة، قل له مثلاً: "قرأت هذا الكتاب وأعجبني جدًا، فيه أفكار جعلتني أعيد النظر في بعض الأمور، ظننت أنه قد يعجبك أيضًا"، عبارة بسيطة كهذه تجعل القارئ يفتح الكتاب بفضول لا بحذر.

خامسًا: كلمة إهداء تضعها في أول الكتاب، يمكنك أن تكتب بخطك على الصفحة الأولى: "أهديك هذا الكتاب لأن في قلبك خيرًا أرجو أن يزداد، ولأنني أحب أن أراك أقرب إلى الله، أصفى عقلًا، وأهدأ قلبًا، لعل الله يجعل بين صفحاته لحظة صدقٍ تفتح لك باب النور".

سادسًا: الصحبة الصالحة مهمة جدًا في تليين القلب، فابحث له عن صحبة صالحة من غير أن تكون مقصودة.

سابعًا: تذكير لك -أيها الأخ الكريم-: تذكّر أن الهداية بيد الله وحده، وأن دورك هو أن تفتح الباب وتدعو له بالثبات، فالقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، يقلبها كيف يشاء، ولا تستخف بالدعاء، فرب هدية مصحوبةٍ بدعوة في جوف الليل تغيّر مصير إنسان.

قال أحد السلف: "من لطف الله بعبده أن يسوق إليه الموعظة في ثوب المحبة، فيقبلها القلب ولا ينفر" فاجتهد في الدعاء مع ما ذكرنا لك، ونسأل الله أن يصلحه، والله الموفق.

www.islamweb.net