كيف نجعل حياتنا الزوجية مباركة ويعمها الخير؟

2025-11-16 00:16:17 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أبلغ من العمر 32 عامًا، و-بإذن الله- سيتم عقد قراني قبل نهاية هذا الشهر، أعاني من بعض التخبط في الالتزام بأداء الفروض بسبب ساعات عملي، حيث أعيش في الخارج، نيتي أن أترك العمل بعد شهر من الزواج؛ لأتفرغ لعباداتي ومسؤولياتي الزوجية، وهو قرار يشاركني فيه خطيبي، إذ يعاني هو الآخر من نفس التحديات.

منذ أن بدأنا الحديث عن الزواج، كان همّنا الأكبر هو أن نُركّز على عباداتنا، خاصة أننا نعيش في الغرب، وننوي الاستقرار لاحقًا في بلد مسلم، إذ لا نرغب في الاستمرار في العيش في الغرب.

كما أن لديّ هاجسًا يؤرقني، وهو خوفي من أن عدم التزامي قد يكون سببًا في أن يعاقبني الله في زواجي، وهذا الشعور لا أستطيع التخلص منه بسهولة.

سؤالي: ما نصائحكم لنبدأ حياتنا الزوجية بنور الله وبركته؟

شكرًا جزيلًا لكم مقدمًا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مجهولة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بكِ -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يُقدّر لكِ الخير، وأن يبارك لكِ فيما يعطيكِ، وأن يتمّم لكِ زواجكِ ويبارك لكِ فيه.

نبدأ أولا -ابنتنا الكريمة- بالتنبيه، والحث على ما ينبغي الاشتغال به في هذه الساعة التي أنتِ فيها، وهو الالتزام بأداء الفروض، وعدم التساهل والتسامح في تضييعها، وخصوصًا فريضة الصلاة.

والإنسان المسلم ينبغي أن يكون حريصًا على محاسبة نفسه، عن تكاليف الساعة التي يعيشُها، ومطلوبٌ منه أن يُخطط للمستقبل، وأن يعزم في قلبه على أن يكون هذا المستقبل مشغولًا فيه بطاعة الله تعالى، ولكنَّ الأهم هو الاشتغال بواجب الوقت.

فينبغي أن تُدركي أن الفرائض المؤقتة بأوقات محددة كالصلوات؛ يجب على الإنسان المسلم أن يؤديها في هذه الأوقات، كما قال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ‌كِتاباً ‌مَوْقُوتاً} [النساء:103] وأن العمل ليس عذرًا -بإطلاق- يُبرِّر تضييع الصلوات أو تأخيرها عن أوقاتها التي حدّدها الله تعالى، ولا شك أن مبادئ التوفيق وأسباب الخير تبدأ في التزام الإنسان بما فرض الله تعالى عليه، وقد حذّرنا النبي ﷺ من الذنوب والآثام وأنها سبب للحرمان، فقال -عليه الصلاة والسلام-: «إِنَّ الرَّجُلَ ‌لَيُحْرَمُ ‌الرِّزْقَ ‌بِالذَّنْبِ ‌يُصِيبُهُ» (رواه أحمد وابن ماجه).

فحاولي أن تُلْزمي نفسكِ أداء الفرائض المؤقتة في أوقاتها، وأن تُؤدِّي ما أوجب الله تعالى عليكِ، وأن تستعيني بما أمكنكِ من الوسائل المعينة على هذا المقصود التي توصلكِ إلى هذا المطلوب، ومن ذلك الرُّفقة الصالحة، فتعرَّفي على النساء والفتيات الصالحات، وحاولي إنشاء علاقات معهنَّ، وأكثري من التواصل معهنَّ، وستجدين نفسكِ -بإذن الله تعالى- تُؤدِّين فرائض الله تعالى على أحسن وجه، نسأل الله تعالى لكِ التوفيق.

وأمَّا بالنسبة للزواج فنحن نشارككِ الرأي، ونرى أنكِ مُسدّدة في آرائكِ، وموفّقة في اختياراتكِ، فالقرار في البيت بالنسبة للمرأة هو الخيار الأفضل، وهو الأصل في حياتها، فإنها مُعدَّة لأداء دور في هذه الحياة، وأعظم هذه الأدوار التي تقوم بها الأمومة للأطفال، بالتربية والتوجيه، وحسن التنشئة، والقيام بحق الزوج، وحسن التبعّل له، وهذا كله يستدعي قرارها في بيتها، فإذا تمكنت المرأة واستغنت عن الخروج؛ فهذا أفضل ما يمكن أن تفعله، فإذا تمكنتم من هذا فهو خير وبركة.

وقد أحسنتِ -ابنتنا العزيزة- حين أُلْهمتِ أن تبدئي حياتكِ الزوجية بالسؤال عن النصائح التي تنوّر هذه الحياة، وهذا من توفيق الله تعالى لكِ، ونوصيكِ بكثرة التثقيف لنفسكِ في هذا الجانب، بقراءة الرسائل والكُتيبات الصغيرة التي تتحدث عن بناء الأسرة المسلمة، وهي كثيرة، وفي موقعنا هذا شيء كثير من ذلك.

ولا يخفى عليكِ اعتناء الشرع الإسلامي ببناء الحياة الزوجية على أصولٍ من التوجيه النافع، وتلاحظين هذا في كل مراحل الحياة، فإن الله تعالى أمر بالتزويج، وحثّ على الزواج في كتابه العزيز، فقال: {‌وَأَنْكِحُوا ‌الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ} [النور:32].

والرسول ﷺ حثّ على حُسن الاختيار، فقال في حق الرجل: «إِذَا أَتَاكُمْ (خَطَبَ إلَيْكُم) مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ» أو قال: «مَنْ تَرْضَوْنَ أَمَانَتَهُ ‌وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ» (رواه عبد الرزاق وابن ماجه والترمذي)، وقال في حق المرأة: «فَاظْفَرْ ‌بِذَاتِ ‌الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ» (رواه البخاري ومسلم)، وعندما نهنئ المتزوج بعد عقد الزواج نقول له: «بَارَكَ اللَّهُ لَكُمْ، وَبَارَكَ عَلَيْكُمْ، ‌وَجَمَعَ ‌بَيْنَكُمَا ‌فِي ‌خَيْرٍ» (رواه أحمد وابن ماجه وأبو داود والنسائي) فالشريعة الإسلامية حريصة على أن تبني هذه الأسرة على نور من الله تعالى.

نحن نوصيكِ بدوام التعلّم، وأن تتعرفي على حقوق الزوج عليكِ؛ لتثابري وتجاهدي نفسكِ على أداء هذه الحقوق، وعلى التخلُّق بالأخلاق الفاضلة من الإيثار والتسامح والصبر، وكلُّ هذه الأخلاق كفيلة -بإذن الله تعالى- أن تنوّر الحياة الزوجية وتُديم الألفة والمحبة فيها.

أمَّا انتقالكم من البلاد الغربية إلى بلاد إسلامية؛ فهو خير لكم وأفضل إذا تمكنتم من ذلك، وسهل عليكم العيش في البلاد الإسلامية، فهو خير لكما وخير أيضا لأولادكما من بعدكما، فإن الإنسان ابن البيئة التي يعيش فيها.

نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يقدّر لكم الخير حيث كان، ويُرضِّيكم به، ويكتب لكم السعادة.

www.islamweb.net