صديقي سرق مالًا من بيتي ولا أملك دليلًا عليه، فكيف أتصرف؟

2025-11-30 22:12:30 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

ما حكم التشهير بشخص كان صديقي، وفضحه بين الناس لأنه سرقني ولم أستطع أن آخذ منه حقي؛ إذ لم يترك دليلًا وراءه، لكنني متأكد أنه هو، فقد كنت أستضيفه في بيتي، لكنه اقتحم البيت في غيابي بمفتاح سرقه مني، وسرق مبلغًا كبيرًا من المال والذهب.

أريد أن أنتقم منه بفضحه، لأني لم أستطع أن أمسك عليه دليلًا ليأخذ جزاءه.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان.

نستشعر ألمك، ونعرف معاناتك، ولذا دعنا نجيبك من خلال ما يلي:
أولاً: الظلم ليس صدمة عابرة وفقط، بل هو تجربة تمسّ دين الإنسان ووعيه وأخلاقه، فهو يختبر ثباتك على المبادئ، وقدرتك على ضبط النفس، وصدق يقينك بأن الله لا يترك مظلوماً، يقول الله تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ)، هذه الآية تبني في قلبك عقيدةً واضحة: ما من ذرة ظلمٍ إلا وهي مكتوبة، مرصودة، مُهَيَّأ لها وقتُ حساب لا يتقدّم ولا يتأخر، ويقول سبحانه:(إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ)، فالظلم مهما خفي عن الناس، فهو مكشوفٌ عند الله، محفوظٌ في سجلٍّ لا يُمحى.

ثانياً: لماذا لا يكون التشهير طريقاً للمؤمن؟
التشهير ليس سبيلاً لإثبات الحق، بل هو باب يفتح على صاحبه ظلماً آخر؛ لأنه يعتدي على عرض إنسان بلا بينة قاطعة، فيوقع المرء في ما نهى الله عنه، لذا قال تعالى: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)، ومن معانيها ألا تنسب لأحد فعلاً في غياب دليل قاطع؛ فغلبة الظن مهما علت ليست دليلاً قاطعًا، والإسلام حذر المسلم من ذلك؛ لأن التشهير نوع من إيصال الأذى، ولو كنت تظنه عدلاً.

ثالثاً: الطريق الديني لا يعني الانسحاب أو السلبية، بل هو بناء موقف إيمانيّ واع يحمي قلبك وكرامتك من السقوط في دائرة الظلم المقابل، وقد جعل الله لك البدائل:

- دعاء المظلوم مستجاب، فالنبي حذر فقال: «اتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ؛ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ»، وهذا الحديث ليس مجرد فضيلة، بل قاعدة تربوية: فحين ترفع شكواك إلى الله فأنت منصور ولو بعد حين، لذا عليك بالصبر مع إمساك النفس عن الردّ غير المشروع.

- ثم إن تربية المسلم الإيمانية لا تسمح له أن يسقط إلى مستوى من ظلمه؛ لأن المؤمن يَحتكم إلى دينه ومبادئه، لا إلى غيظه، وقد قال تعالى:( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، وهذه ليست مثالية، بل تدريبٌ على ألا يتحول المظلوم إلى نسخة من الظالم.

رابعاً: كيف ينتصر الإنسان في مثل هذه المواقف؟ الانتصار الحقيقي ليس بإيذاء من ظلمك، بل بثلاثة أمور:
1. أن تحافظ على دينك فلا تقع في الظلم بالمقابل.
2. أن ترفع شكواك لمن لا يضيعها، وهو الله سبحانه.
3. أن تحمي قلبك من التلوّث بالغضب والانتقام.
فمن ظُلم في الدنيا، ولم يظلم، فقد اختار طريقاً يرفعه الله به.

وختامًا: التشهير يوسّع الجرح، أما التدين الحقّ فيُداوي الجرح ويلقي مظلمته للحكم العدل؛ فثق بأن الله لا يترك مظلوماً، ولا يغفل عن ظالم، ولا ينسى دمعة خرجت من قلب موجوع، ولا دعوة خرجت من صدر مخنوق.

نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.

www.islamweb.net