ضرب الأبناء والشعور بكرههم
2006-11-06 10:01:54 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أرجو أن تساعدني على عمل تحليل نفسي بسؤالي مجموعة أسئلة وأرد عليها لتتعرف على شخصيتي، حيث أني أعاني من عصبية شديدة مع أولادي، ولا أستطيع أن أتعامل معهم وخصوصاً الصبي الذي أضربه كثيراً جداً، لدرجة أني لا أحس أني أحبهم، وأحس أني أكره أولادي، وهذا يسبب لي مشاكل كثيرة بيني وبين زوجي، فضلا عن نفور أولادي مني.
لا أعرف هل هذا بسبب أن حماتي تدلع الولد عن البنات! مع أنه توأم لبنت، وتوجد أخت صغيرة، أم بسبب أني أحس أنهم السبب في بقائي في هذا المنزل الذي أكره بقائي فيه، ولا أعرف ماذا افعل؟! فالآن أنا أضربه وهو في الثانية عشرة، وبعد عشرة أعوام سأحتاج له وسيضربني، لا أعرف ماذا أفعل!
أنا لا أطيق أن ألعب معهم أو أحتضنهم أو أضحك معهم، لا أفهم لماذا مع أني عندما كانوا صغارا كنت عكس هذا تماماً، زوجي يقول لأني تربيت تربية عسكرية شديدة، وأحياناً يقول: لابد أن أعطيه الحب والحنان ولكني لا أقدر، ويقول لي: أنت إنسانة غير طبيعية.
ساعدني بالله عليك وجزاك الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هذا التصرف ربما يدل على عدة أشياء:
أولاً: الشيء الطبيعي هو أن يحب الآباء والأمهات أبناءهم؛ لأن هذا هو الأمر الجبلي والغريزي في الإنسان، والعكس تماماً، حب الأبناء لآبائهم وأمهاتهم ليس حبّاً فطرياً أو غريزياً، إنما هو حب يكتسب وينشأ، ويلعب الآباء دوراً في ذلك، إذا عرضوا أثر محبتهم ومودتهم لأبنائهم هذا بالطبع سوف يعضد ويقوي هذه العلاقة، ويجعل الأبناء يشعرون بمحبة والديهم.
إذا رجعنا للقرآن الكريم نجد أن القرآن قد أوصى في كثير من الآيات الأبناء بأبنائهم، وقلَّ ما أوصى الآباء بأبنائهم؛ لأن حب الآباء للأبناء – كما ذكرت – أمر غريزي وجبلي، فأرجو أن تراجعي مع نفسك هذه القاعدة؛ لأنها قاعدة ضرورية جدّاً.
أما إذا أردنا أن نضع الأمر في القالب النفسي، فالمدرسة التحليلية خاصة المدرسة التي تزعّمها سلموند فرويد، فهو يرى أن الأب يكون أكثر ارتباطاً ببنته أو تكون البنت أكثر ارتباطاً بأبيها، والعكس تماماً يكون الولد أكثر ارتباطاً بأمه، هذا هو المنهاج الذي رآه فرويد، وبالطبع لا يمكن الاتفاق معه لأنه قد بنى الأمر على علاقة جنسية بحتة، ولم يثبت أن هذا الكلام صحيح.
الشيء الآخر في حالتك: وهي كراهيتك لولدك وضربه وخلافه، هنالك من يرى بعض الدفاعات النفسية ربما يستعملها الإنسان في بعض الأحيان، الإنسان يكون ليس على توافق مع جهة ما، أو لديه بعض الكراهية لهذه الجهة، ولكن يصب غضبه على من هو أضعف، وإن كان المقصود بالغضب هو شخص آخر، أرجو ألا يكون ذلك منطبقاً عليك.
الإنجليز لديهم مثل يقول: إذا غضب الزوج من زوجته يقوم بضربها وهي تقوم بضرب الأولاد والأولاد يقومون بضرب الخادم والخادم يقوم بضرب الكلب، أي أن كلا منهم يضرب من هو أضعف منه.
أرجو ألا تكوني قد نقلت غضبك وعدم رضاك عن زوجك على ابنك، هذا يسمى بالـ Displacement ويمكن أن نسميه النقل أو الانتقال، هذه ربما تكون هي التحليلات التي أراها.
هنالك شيء آخر، وهو ربما تكوني في الأصل مصابة بالاكتئاب النفسي، وظهر هذا الاكتئاب في صورة عنف داخلي متولد تم توجيهه نحو الابن وكراهية الذرية بصفة عامة.
أرجو أن تراجعي نفسك تماماً، وأرجو أن تعرفي أنك في نعمة حرم منها الكثير من الناس، الذرية نعمة وهبة من هبات الله لنا ولابد أن نقدر ذلك، ولابد أن تبني علاقة حميمة قائمة على المودة والمحبة والسعادة بينك وبين أبنائك.
تأملي الحب وتأملي الرأفة، يجب أن يكون ابنك بالنسبة لك مثل يوسف عند يعقوب عليهما السلام، هذا أمر ضروري جدّاً، لا أقول لك يجب أن يدلع أو يجب أن يترك له الحبل على الغارب، التربية تتطلب التوازن ولكن قطعاً الكراهية ليست من أصول التربية بأي حال من الأحوال.
أيتها الأخت الفاضلة! سوف أقوم بوصف أحد الأدوية المضادة للاكتئاب لك؛ لأني أرى أن ذلك ربما يكون هو السبب في تصرفك هذا، الدواء المضاد للاكتئاب يعرف باسم سبراليكس، أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة بسيطة نصف حبة – 5 مليجرام – لمدة عشرة أيام، ثم ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة – 10 مليجرام – لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفضيها إلى نصف حبة لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناوله.
إذا لم يتيسر لك السبراليكس هنالك دواء بسيط يعرف باسم موتيفال، يمكن أن تتناولي منه جرعة حبة واحدة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم ترفعي الجرعة إلى حبة صباح ومساء لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضي الجرعة إلى حبة واحدة ليلاً لمدة شهر، ثم يمكن التوقف عنه.
أسأل الله لك الشفاء، وأسأل الله أن يبني حبّاً في قلبك حيال أبنائك، وتذكري أن هذه نعمة عظيمة، وتذكري أن التربية المتوازنة ضرورية جدّاً حتى ننشّئ أبناءً يكونوا أكثر طاعة وبرّاً بوالديهم وقبل ذلك تقوى ومخافة الله.
وبالله التوفيق.