النمش مع وجود مساحات بيضاء على أجزاء من الجسم
2007-02-22 09:54:47 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله
أتمنى أن أجد لديك علاجاً لمرضي - يا دكتور أحمد - فأنا أعاني من مرض جلدي ينتشر في جميع أجزاء جسمي، بالإضافة إلى وجود نمش في وجهي، المرض الجلدي يتمثل في وجود مساحات بيضاء على الجلد، وخاصة الأطراف.
مع العلم أنه لم يكن منذ الولادة، بل هو طارئ، وقيل لي إنه بسبب مواد وراثية، حيث إن والدي ووالدتي أقارب، وسألت عن إمكانية علاجه باستخدام الأشعة فوق البنفسجية ولكنهم قالوا إن المساحات واسعة، وبالنسبة للنمش حاولت معالجته باستخدام أشعة الليزر، ولكنها أعطت نتائج غير مبشرة، وبعض الأطباء نصحني بألا أستخدمها مرة ثانية.
أرجو من سيادتكم التفضل بالاهتمام بمشكلتي لما تسببه لي من آلام نفسية، وخاصة أني سوف أمر بمراحل في الحياة الشخصية، مرضي قد يكون عائقاً فيها.
ولكم منا جزيل الشكر وبارك الله فيكم ولكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ماجدة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولاً: النمش:
يجب أن نوضح أن ظهور النمش متعلق بتصنيف الجلد من الناحية الضوئية، فإن كانت البشرة بيضاء شديدة البياض مع شعر أصفر أو أحمر وعين زرقاء أو خضراء فهذه العناصر تعطي صاحبها تصنيف جلد نوع رقم واحد من ناحية التصنيف الضوئي، وهو غالباً ما يصاحب بنمش ويكون مبكراً أي في الطفولة.
وأما وصف النمش فهو تغير في لون الجلد على شكل نقاط صغيرة مبعثرة من التصبغات الأكثر اسمرارا من الجلد المحيط، ليس له ارتفاع أو انخفاض عن سطح الجلد تظهر عادة على الجزء المركزي من الوجه.
ومن ناحية أخرى فهناك نمش متأخر غالباً ما يظهر عند أصحاب البشرة البيضاء الذين لم يروا الشمس في طفولتهم بسبب إقامتهم في بلاد باردة غائمة ثم انتقالهم فيما بعد إلى دول حارة استوائية أو ذات شمس قوية، أو يظهر عند أصحاب البشرة شبه البيضاء إثر تعرض شديد لأشعة الشمس بدون إجراءات وقائية كافية.
هذا وإن الخطوة الأولى في علاج النمش هي الوقاية من الشمس بتجنبها أو باستعمال الواقيات من الشمس، وإن استعمال الواقيات هو أمر ضروري لتحسين الكلف الموجود أولاً، وللوقاية من زيادته ثانيا، ومن هذه الواقيات (أوول دي للويس ويدمر أو سن كير كريم أو لوشن)، استعمال مضادات التأكسد قد تفيد وقاية وعلاجا.
استعمال المساحيق التي تخفي اللون قد يعطي حلاً مؤقتا، استعمال بعض المواد القاصرة (المبيضة) قد يفيد ولكن يحتاج استشارة ومتابعة؛ وذلك لأن كلمة النمش تعني نقاطاً صغيرة مبعثرة من التصبغات ولا تعني مساحات واسعة، فكيف يمكن دهن النمش دون سواه من هذه المواد المبيضة.
الوايت أوبجيكتيف لفوتوديرما.
والديبيجمنتين.
والفيدينغ لوشن.
والأتاشي.
واليونيتون 4.
وسويا يونيفاي.
ومن الضروري أن نلفت نظر السائلة والقراء بشكل عام إلى أمر ضروري وهو أن النمش يعتبر جزءا من شخصية الإنسان فلماذا لا نرضى به، كما يرضى كل صاحب لون جلد بلون جلده، ويرضى كل صاحب لون شعر بلون شعره، ويرضى كل صاحب جنس بجنسه، وصاحب كل عرق بعرقه؟
وأكرر القاعدة الذهبية: كن نفسك أو كوني نفسك أو حتى لنكن نحن أنفسنا دون تصنع ولا تكلف، فهذا نحن وهذا قدرنا، وهو ليس من العيب أن نعيش بنمش يراه مئات الآلاف من الناس المصابين به على وجوههم، وهم سعداء به.
وختاماً: فقد قال لي أحد سكان إيرلندا (وهو طبيب استشاري كان يعمل في مؤسسة حمد الطبية في الثمانينيات): أنا سعيد بنمشي فهو عنوان انتمائي لبشريتي وخلقي وموطني وعرقي وأصلي، وأعتبر اختفاءه اختفاء لجزء من حياتي أو شخصيتي، فأنا لم أعالجه ولن أعالجه، وأنا أحبه وأحيا به سعيداً به.
ثانياً: المساحات البيضاء في الأطراف:
لا يمكن من الناحية المهنية أن نعطي بيانات ناقصة غيابياً ثم نتوصل إلى التشخيص والعلاج هكذا وبكل بساطة، فما يجب أولاً هو أخذ القصة السريرية ثم الفحص أو الدقيق السريري، ومعرفة المرض، وشكل البقع ولونها وحدودها، وهل هي مغطاة بوسوف أم لا؟ وهل هي عرضية أو لا؟ وهل يوجد حكة أم لا؟ وهل يصاحبها أي احمرار أو قشور؟ وهل هي متصاحبة بأي موجودات أخرى؟ وهكذا....
إن الاحتمال الأول هو وجود البهاق، والذي إن كان شديداً وشاملا كامل الوجه عندها يظهر النمش أو ما يشبه النمش، والذي ذكرتيه أعلاه.
إن سبب البهاق هو عدم قدرة الخلايا الملونة للجلد على إنتاج المادة الملونة، وقد يكون ذلك إما لكسل هذه الخلايا أو غياب هذه الخلايا، ولكن لا أحد يعرف لماذا يصاب أناس دون آخرين، ومواضع من الجسم دون أخرى.
وإن السبب اليقيني لغياب هذه الخلايا غير معروف، ولكن هناك نظريات:
أولاً: المناعة الذاتية (حيث يهاجم الجسم هذه الخلايا ويعتبرها غريبة ويدمرها) وهذا أيضاً ما يحدث في الداء السكري وبعض أمراض الغدة الدرقية وغيرها من أمراض المناعة الذاتية.
ثانياً: النظرية العصبية (وهي تبرر بوجود البقع البهقية عند بعض المرضى على مسير الأعصاب ).
ثالثاً: الحالة النفسية تؤثر على ما سبق فهي مساعدة على وجود وتطور المرض ولكنها ليست هي السبب.
رابعاً: أما الوراثة والتوزع العائلي فهو إلى الآن غير مثبت حيث فقط 30% من الحالات يمكن الوصول إلى وجود قصة عائلية ولكن 70% من الحالات هي فردية بدون وجود أفراد آخرين مصابين في العائلة.
أما إمكانية الشفاء الكامل الذي لا عودة للمرض معه فهي غير مثبتة إلى الآن، وذلك على الرغم من وجود علاجات فعالة.
يعتمد العلاج على درجة انتشار المرض ومدى تطوره، وعلى العوامل التي تثيره.
ومهما يكن فالعلاج هدفه التجميل وليس الضرورة، إلا أن يكون المريض يتعرض للشمس لفترات طويلة بحكم مهنته.
فالمرض المستقر والذي لا يزيد وهو محدد في مواضع مكشوفة (وليست مستورة) غالباً ما تستطب فيه الجراحة الترقيعية فيأخذ من جلد مخفي أي غير مكشوف شريحة تزرع على البقع المريضة المكشوفة، وأما البقع الأكبر والمنتشرة فالعلاج بالأشعة فوق البنفسجية، واتباعها يعتبر أفضل العلاجات وأولها.
وعند وجود مواضع مكشوفة ولا يريد المريض جراحة عندها يمكن أن يغطيها بالكريمات الساترة (كوفر مارك أو ديرم بليند) بما يناسب لون بشرته.
إن استعمال الواقيات من الضياء لحماية المواضع المكشوفة في المناطق الحارة أو صيفاً فهو ضروري.
أصحاب البشرة البيضاء جداً ينصحون بتجنب الشمس حتى لا يبدو التفاوت واضحاً بين لون الجلد ولون البهاق.
الحالة النفسية تؤثر على البهاق ومسيرته فيجب العناية بها، وتجنب أسباب القلق، ولو أن ذلك مستحيل في واقعنا المعاصر ( ولكن علينا ألا نقع فريسة الوهم أننا بسبب حزننا وقلقنا فنحن لن نشفى لأن التأثير جزئي وليس كلي وهو مجموعة من العوامل ).
أما المواضع المستورة فيفضل إقناع المريض بعدم علاجها؛ لأنها غير مرئية وغير معرضة للشمس، وغاية العلاج هي الجمال والوقاية من الحرق.
ختاماً: فكلما تم تزويدنا بتفاصيل المرض كلما كان قرارنا مرتكزاً على واقع نتائجه أفضل، أي لكل حالة علاج، ولكل وضع نقاش، وعلينا أن نكون أطباء للمرضى وليس أطباء للأمراض.
ننصح بمراجعة طبيب أمراض جلدية لوضع التشخيص لكل من الحالتين المذكورتين، والتي هي النمش والمساحات البيضاء، وبعد نفي أو إثبات التشخيص يتم اتخاذ القرار المناسب من ناحية التدبير والعلاج، وأفضّل عدم استعمال أي علاج موصوف سابقاً دون الرجوع للطبيب.
وبالله التوفيق.