أحتاج لتوجيه لمن يشعر بالفراغ الداخلي.
2007-11-08 21:01:22 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم..
أشكركم على هذا الموقع المبارك والمفيد لكافة الناس في كل مكان، لا أعرف بماذا أبدأ هذه الاستشارة، فأنا بحاجة لمن أتكلم معه ويعطيني الإرشاد والنصح، فلم أجد أحداً يسمعني أو حتى يفهمني، فأمي بعيدة عني ولا تعرف من هي أنا، وأبي مشغول في شغله، وإخوتي صغار، وأختي الصغيرة متزوجة مشغولة عني بأجواء الدنيا..وغيرها.
أما بالنسبة لصديقاتي، فمنهم من تزوجت وذهبت إلى طريقها، ومنهم من يسمع ولكن لا يفهم، ماذا أقول؟ ومنهم من يتحدث عن نفسه فقط ولا يسمع، والحمد لله على كل حال، أعرف من الفتيات الصالحات وأحاول أن أدعو بطريقة غير مباشرة إلى الله وأن أقول قولاً صالحاً، لكن شيئاً يسمى الفراغ الداخلي يزعجني، فعندما لا أجد أحداً يفهمني أبكي ولا أدري ماذا أفعل! ولا أريد أن أبقى على هذه الحالة حتى لا أصل إلى مرحلة اليأس، فحياتي جداً عادية لا يحصل فيها أي تغيير، اليوم مثل غد، وغدٍ مثل أمس، فتاة عادية جداً، حتى أنني عندما أنظر إلى الفتيات اللواتي حولي وأرى ماذا يحدث معهن من أمور ومغامرات وغيرها أستغرب لوضعي وأقول: لماذا؟ فأنا حياتي بلون واحد، أقسم بالله إني حاولت أن أغير هذا اللون لكن الظروف التي حولي لا تساعدني، فعندما أسمع كلام الفتيات يتحدثن عن أنفسهن لا تصيبني الغيرة أبداً، بالعكس أفرح لشأنهن وأحزن لشأني، على الرغم من أني ما زلت طالبة أدرس في الجامعة، حتى أن معظمهم يقول لي: ألم تمري بفترةٍ حب أو أحد أُعجب بك؟ وعندما أقول: لا، ينظرون إلي نظرة غريبة بأني أكذب، مع أني فتاة عادية والحمد لله، فحياتي تتعبني لأن ليس فيها شيئاً من التغيير، جامعتي قريبة من بيتنا أذهب إليها وأرجع إلى البيت، بعدها أدرس وأرى إذا كان هناك مساعدة أقدمها لأمي، وفي الليل أخرج مع صديقتي، وأتكلم معهن ويتكلمن عن أنفسهن، لكن كلامي قليلٌ معهن؛ لأنه لا يوجد شيء أقوله، سئمت من هذا الروتين المستمر وأخاف أن تستمر حياتي هكذا إلى أن يأتيني الموت، ولا أريد أن أتشاءم، بل تأتيني عزيمة قوية وإرادة أن أتغير إلى الأفضل لكن الظروف كما هي فأتعب وأتمنى أن يحدث شيء يميز حياتي كي أحس بالتغير، فالجامعة أذهب إليها للدراسة ولم تحدث معي قصص الفتيات والحمد لله، الأمر الذي أفكر فيه ليس أني أحسد الآخرين ولا الغيرة، وإنما أقول لنفسي: هل أنا فتاة أم أني فيّ شيء ناقص؟! لا أدري ماذا أفعل!؟ لا أعرف لمن أتكلم فلجأت لكم، وشكراً لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Lana حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يُسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يبارك فيك، وأن يكثر من أمثالك، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يشغلك بطاعته ورضاه، وأن يحقق لك جميع أمنياتك وأن يجعلك من السعداء.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنه من المؤسف حقاً أن يشعر الإنسان بأنه في هذه الحياة لا دور له وكأنه خلق لغير غاية، مما يترتب عليه الشعور بالملل والسآمة، وأحياناً يصل به الحال إلى أن يفكر في التخلص من الحياة كلها، وهذه كلها بسبب الضياع والتيه والفراغ القاتل، رغم أننا الأمة الوحيدة التي وضع لها مولاها برامج تنظم حياتها كلها على مدار الساعة، بل إن الواجبات لديها أكثر من الأوقات، وسبب ذلك كله إنما هو سوء التوجيه وانعدام القيادة الواعية وفقدان التربية المرشدة الهادفة الموجهة فمع الأسف الشديد ليست هذه حالتك وحدك وإنما أمثالك من الشباب والشابات كثير وكثير، كل هؤلاء وغيرهم ضحايا سوء التربية وعدم الوعي الأسري على الأقل، وانشغال الأسرة نتيجة الجهل أو الظروف الصعبة عن القيام بدورها المطلوب، ورغم هذا فالمسلم الصادق الواعي لا يعرف اليأس ولا يجوز له أن يستسلم لهذا الواقع المؤلم وإنما يجب عليه أن يسعى في إنقاذ نفسه بشتى الوسائل الممكنة خاصة وأن الطريق مرسوم رسمه لنا الإسلام منذ أيامه الأولى، ولذلك تعالي نبدأ أولى خطوات البرنامج والتي على رأسها ضرورة الشعور الصادق بالحاجة إلى التغيير فهذا أهم عامل من عوامل العلاج والنجاح وهو الشعور الصادق بالرغبة في التغيير.
ثانياً: الاستعداد لعملية التغيير بالأخذ بالأسباب الممكنة لأن الحق جل وعلا أخبرنا بقوله: ((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ))[الرعد:11]^، فلم ولن يحدث التغيير إلا إذا كنا راغبين فيه جادين في حدوثه.
ثالثاً: لابد من دراسة الواقع دراسةً متأنية، وهل أنت فعلاً تعانين من مشكلة حقيقية أم أن هذا وصف غير دقيق وبالتالي لا توجد مشكلة؟ فإذا نظرت في واقع حياتك بدقة وحللت نظامك اليومي بطريقة دقيقة قطعاً ستخرجين بنتائج طيبة تساعدك في تحديد مقدار التغيير المطلوب إدخاله على حياتك ونظامك اليومي من حيث المحافظة على الصلاة في أوقاتها والأذكار والقرآن.
رابعاً: بعد الشعور الصادق بالرغبة في التغيير يأتي برنامج التغيير والذي يرتكز على:
1- المحافظة على الصلاة في أوقاتها.
2- تخصيص وقت يومي لحفظ ولو آية واحدة من القرآن وعدم إهمال ذلك مهما كانت الأسباب.
3- قراءة بعض الكتب الإسلامية خاصة النسوية أو غيرها بصفة يومية.
4- المحافظة على الأذكار خاصة في النهار مع الإكثار من الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
5- الاجتهاد في صيام النوافل مع شيء من قيام الليل.
6- تحديد وقت محدد للدراسة والمراجعة بصفة يومية حتى تصبح المذاكرة عادة وليست حسب الظروف.
7- أن تضعي في اعتبارك التفوق الدراسي وبذلك تستغلي معظم الأوقات في المراجعة.
8- إذا وجدت أي كتاب في تنمية الذات يكون جيداً، مثل كتاب (اعتن بحياتك) أو كتاب (من يشد خيوطك) أو كتاب (كيف تكون سعيداً) أو غيرها من الكتب التي تتحدث عن تنمية الذات فسيكون شيئاً رائعاً إن شاء الله.
واعلمي أختي الكريمة أن الفراغ هو سبب هذه المشكلة، فإذا ما استطعت أن تحسني استغلاله بطريقة جيدة فسوف تكونين من أسعد الناس إن شاء الله.
9- ما ذكرت من كونك لا تغارين من زميلاتك في مجال الدراسة أو حصول خير لهن في الحياة، فالحقيقة أعتقد أن هذه صفة إيجابية ينبغي أن تحافظي عليها، ويخطئ كثر من الناس في التفريق بين الغيرة المحمودة وهي التنافس الشريف من غير حسد أو حمل غل على الآخرين أو تمنى زوال ما هم عليه من النعمة والخير والأخرى المذمومة التي فيها كل الصفات السلبية السابقة، فهنيئاً لكل مؤمن مخموم القلب عف اللسان، ونحن نبحث جاهدين عن هذه الصفة لنتخلق بها، فنتمنى أن تعطينا منها شيئاً!
ولا تنسي قصة ذلك الصحابي الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة..وكانت صفته أنه لا يحمل في قلبه غلا ولا حسدا على أحد من المسلمين، فهنيئا لك هذه الصفة الجميلة، التي عز وجودها في هذا الزمان.
10- لا ننسى أن نشير إلى ما ذكرته أنت من أمر استغراب الشباب كونك لا ترتبطين بعلاقات حب ونحوه!! وهذا في الحقيقة -أيضا- وسام شرف ثان لك!!
فقد درج كثير من الشباب للأسف على خوض تجربة الحب قبل الزواج! وهي تجربة ثبت فشلها على أرض الواقع، والدليل على ذلك كثرة المشاكل بين الجنسين وغالباً لا تتوج هذه العلاقة المحرمة بالزواج المشروع؛ لأن ما بني على باطل فهو باطل، والبدايات الخاطئة لا تقود إلى نتائج صحيحة، فكان الرأي السديد، هو البعد عن هذه العلاقات عقلاً وشرعاً، وحسم هذا الأمر بدون تردد.
11- نعيد التذكير بأن التغيير يبدأ من الداخل، وإذا علم الله صدق نيتك وفقك لكل خير، وشغلك بطاعته، وجعل لك سبلاً كثيرة -لا سبيلاً واحداً- للدعوة إلى دينه وهداية عباده: ((وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ))[فصلت:33]، وأنصحك بسماع محاضرات تحض على هذا الأمر من قبيل محاضرة قديمة للدكتور الداعية إبراهيم الدويش عنوانها (الرجل الصفر)، وأمثالها من المحاضرات التي تنمي فيك الإقبال على الدعوة وطلب العلم، كما لا يفوتنا أن نذكرك بوسيلة ناجعة، وهي الصحبة الصالحة، وحبذا لو كانت في مراكز دعوية إسلامية، أو مراكز لتحفيظ القرآن الكريم، فهناك ستجدين الصحبة الصالحة، فمصاحبة المتفوقين تنتج شخصاً متفوقاً، ومصاحبة الكسالى والبطالين، فإنما عاقبتها الإخلاد إلى الأرض والشعور بالنقص والدونية، والشعور بالغربة والتيه في هذه الحياة، فالزمي الصالحات القانتات الداعيات، وستجدين بعد ذلك فرقاً كبيراً في تذوق الحياة، بل ربما جاءتنا رسائلك مستقبلاً تشكو إلينا ضيق الوقت وعدم اتساعه لتحقيق أهدافك وطموحاتك الدعوية والشخصية في هذه الحياة!!
وليس هذا من قبيل المزاح!! بل جربي.. وكما قيل: التجربة خير برهان.
أسأل الله لك كل خير، وأن ينير دربك، ويهديك إلى السبيل الأقوم، إنه هو الأعز الأكرم.