هارون الرشيد.. خليفة عادل وإمام مجاهد
2008-01-20 13:04:52 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
من هو هارون الرشيد؟ وما هي إنجازاته؟ وهل كان ضيعف الشخصية وجباناً؟ وهل كان يستسلم أمام الجواري ويترك مساعدة المحتاجين؟ وهل كان يقتل وزراءه؟ وهل كان ديكتاتوراً؟!
علماً أن هذا هو ما يبث في التلفاز وكتب ألف ليلة وليلة وغيرها في المكتبات، فنرجو الإفادة، وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فما أكثر المظلومين في تاريخنا! وكم نحن مقصرون في الوفاء لأسلافنا! وكم تمنينا أن يجند خريجوا الجامعات أنفسهم لنفض الغبار عن تاريخنا وإزالة ظلم الأشرار عن عظمائنا! وأرجو أن يدرك أن الإنصاف مطلوب وأن الله سبحانه يقول في: ((وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ))[المائدة:8]^، فكيف بمن قدموا خدمات كبيرة لدينهم وأمتهم؟
ويؤسفنا أن نقول أن تاريخنا كتب في غالبه بأيدي الأعداء والمخالفين، والنصارى الحاقدين، والمستشرقين البائسين، كما أن كل دولة كانت يؤرخ لها بعد زوال سلطانها وهذا يفتح الأبواب للحاقدين والمخالفين، وربما كان المؤلف من فرقة مخالفة وقد يكون من طائفة منحرفة، ولهذا فإن تاريخنا يحتاج إلى تمحيص لرواياته ووقوف عند أحداثه وردم لفجواته وإنصاف لأبطاله.
ولا شك أن الإنسان المنصف لا يحكم على غيره إلا بعد أن يضع الحسنات في كفة والسيئات في كفة أخرى، وطوبى لمن انغمرت سيئاته في بحور حسناته والإنصاف عزيز فنسال الله أن يرزقنا الصدق والإخلاص والإنصاف مع غيرنا.
وأرجو أن يعلم الجميع أننا نعاني كثيراً من عرض الشخصيات الإسلامية في المسلسلات لما في ذلك من التشويه والإساءة والكذب، وأخطر من ذلك أن يتولى تمثيل شخصيات الأخيار طائفة من السكارى والحيارى والفاسقات والنصارى، ويؤسفنا أن يظن الناس أن الترفيه والمتعة لا تتحقق إلا بالتبرج والفجور والمبالغة، ومن هنا يتبين للعقلاء أننا نحارب بتشويه تاريخنا أيضاً.
وفي الحقيقة لا أريد أن أتكلم لك عن هارون الرشيد فالحديث عنه يطول، ولكن يكفي أن تعلم أنه كان يحج عاماً ويغزوا عاماً، وأنه كان يكرم العلماء والفضلاء، بل كان يصب على أيديهم الماء ليغسلوا أيديهم قبل الطعام وبعده، ونحن لا ننفي عن بشر الأخطاء، ولكننا ننفي عنهم الأكاذيب والسفاهة والجهالة، وليست كتب ألف ليلة وليلة وكتب الأغاني مصادر للتاريخ، وأنصحك بقراءة ما كتبه الدكتور عبد العزيز الحميدى، وما كتبه الدكتور محمد علي الصلابي، وما سجله الشيخ الدعيج في الأشرطة عن تاريخ الدول الإسلامية، وأتمنى أن تجالس المختصين في التاريخ الإسلامي في جامعاتنا، وانظر ما كتبه الدكتور عماد الدين خليل، والدكتور أكرم العمري، وقبل ذلك ما كتبه ابن العربي المالكي، ومؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام الذهبي وغيرهم.
كما أرجو متابعة المشاريع الكبيرة التي تشرف عليها بعض الجامعات الإسلامية تحت شعار إعادة كتابة التاريخ الإسلامي، وأنا سعيد بسؤالك وغيرتك، ونسأل الله أن ينفع بك.
وبالله التوفيق والسداد.