أريد خطبة فتاة وتأجيل الزواج إلى ما بعد التخرج، فما نصيحتكم؟
2008-05-29 07:02:42 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما رأيكم في أن يقوم الشاب بخطبة فتاة ويؤجل الزواج إلى ما بعد التخرج بسبب عدم توفر العمل مؤقتاً مع العلم أنها موافقة على الزواج منه؟
ملاحظة: لم يتم سؤالها بصورة مباشرة بل عن طريق محرم.
فما رأيكم في العلاقة بيني وبينها وما رأيكم في التقدم إليها؟
ولكم مني الشكر ومن الله الثواب.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك - يا ولدي - وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن ييسر أمرك وأن يفتح عليك وأن يعينك على إتمام دراستك على خير وأن يمنَّ عليك بزوجة صالحة تكون عوناً لك على طاعته ورضاه.
أما بخصوص ما ورد برسالتك – ابني الكريم محمد – فالذي أحب أن أبينه لك أن إقبالك على الزواج الشرعي أمرٌ طيبٌ ورائعٌ وإبداء رغبتك لهذه الفتاة عن طريق المحرم يدل على أنك على خير عظيم، ويدل على أنك تحب الله ورسوله، ويدل على أنك حريص على التزام شرعه وعدم مخالفة سنة نبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم لأن هناك من الشباب من يحاول أن يقيم العلاقة ما بينه وبين من يرغب في الزواج منها بعيداً عن أسرتها وبذلك يخالف شرع الله ويعرض نفسه لسخط الله وغضبه.
أما رأينا في أن تقوم بخطبة فتاة وأن تؤجل ذلك إلى بعد التخرج بسبب عدم توفر العمل مؤقتاً، فهذا - أخي الكريم – متوقف على أشياء:
الأول المدة التي سوف تقضيها أو التي ما زالت بينك وبين التخرج، وفيما يبدو لي أنك في العشرين من عمرك معنى ذلك أنك تقريباً لا زلت في السنة الثانية أو الثالثة وقد يكون أمامك عام أو عامان أو أكثر، فأنا أقول: لماذا تشغل نفسك من الآن وأنت ما زالت أمامك هذه الفرصة؟ ولماذا تربط نفسك بفتاة أنت تظن أنها أول الدنيا وآخرها وقد يكون هناك أفضل منها في المستقبل؟ ولذلك نصيحتي لك كوالد ألا تفعل ذلك الآن؛ لأن المسافة طويلة وقد يترتب على ذلك أن تقع في أشياء معها أنت لا تحبها ولا ترضاها، أيضاً قد تملّها لأن طول المسافة يظهر عيوباً كثيرة، أما إذا كانت المسافة قليلة فإن العيوب عادة لا تظهر بصورة واضحة، وإن ظهرت بعد الزواج فالزوج يتحمل زوجته والزوجة تتحمل زوجها، أما المشكلة الكبرى أن تظهر هذه العيوب وأنتما ما زلتما كل واحد منكما في بيت أهله، فهذه العيوب تتضخم وتسبب مشاكل كثيرة حقيقة، وقد تؤدي لنوع من التنافر وقد يحدث الفراق؛ عدا أنك قد تُشغل بها فيحول بينك وبين الاجتهاد في دراستك، بل قد تكون متميزاً فتحرم هذا التميز: لأن الله جل جلاله قال: (( مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ))[الأحزاب:4].
ثالثاً: – ولدي الكريم محمد – ألست مؤمناً بأن ما قدره الله كائن؟! ما دمت كذلك فلماذا العجلة؟ ثق وتأكد أنها إن كانت من نصيبك فسيصرف الله عنها الأنظار والأبصار والعيون حتى تأتيها فتجدها في انتظارك، وإذا لم تكن من نصيبك - يا ولدي – فصدقني لو عقدت عليها الآن لانفسخ هذا العقد لتتزوج بغيرك، فلا تشغل بالك بهذا الأمر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرك بقوله: (واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك)، فالذي قدره الله لك سيكون لك قطعاً، والذي لم يقدره لك لم يكن من شأنك مطلقاً؛ ولذلك نصيحتي ألا تفعل ذلك الآن، وأن تترك هذا الأمر - بارك الله فيك – حتى تتخرج وحتى تجد عملاً مناسباً؛ لأن هذه مشغلة – يا ولدي -، صدقني من خلال موقعنا هذا نتعرف على هذه المشاكل يومياً مرات ومرات ومرات، ونرى مدى معاناة الشباب بعد أن تعلقوا بالطرف الآخر، فالفتاة تُشغل ومجهودها يقل وتفكيرها يتشتت وتظل معظم الليل تناجي النجوم، وبدلاً من أن تُشغل بطاعة الله تُشغل بالتفكير في هذا، خاصة مع تيسر سبل الاتصال من الجوالات والهواتف الأرضية وعبر النت، فوسائل الاتصال كثيرة وتظل ساعات الطوال مع رجل وعدها بأنه سيتقدم إليها وقد يضطرهم الأمر إلى أن يدخلوا في أمور محرمة؛ لذا أنصحك – ابني الكريم المبارك – أن تصرف النظر عن هذه الفكرة تماماً وألا تشغل بالك الآن.
وكم أتمنى لولدي الحبيب محمد أن يجتهد في أن يكون متميزاً في دراسته، إذا أردت أن يحترمك الناس، وإذا أردت أن تخدم دينك، وإذا أردت أن تجد فرصة عمل سريعة فلماذا لا تحصل على تقدير امتياز أو دونه بقليل؟ إنك عندما تقدم شهادة بهذا التقدير لأي جهة سوف تحتفي بك لأنها ستعلم أنك شخص متميز، والكل سوف يسارع إليك، ولعلك أن تكون عضواً في هيئة التدريس في الجامعة وعندها ستجد الآلاف المؤلفة من الفتيات والآباء والأمهات الكل يرغب في أن يرتبط بك وأن يحظى بشرف أن تكون ابنته زوجة لك.
أما إذا كنت شخصاً عادياً فإن زواجك سيكون عادياً وفتاتك ستكون عادية، وقد يردك أقرب الناس إليك لأنك لست متميزاً في شيء، واعلم – ولدي محمد – أن (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف)، والقوة ليست بدنية فحسب أو إيمانية وإنما أيضاً قوة علمية وقوة مالية واقتصادية وقوة ثقافية وفكرية، فاستعن بالله ولا تعجز، فالإسلام في أمس الحاجة إليك - بارك الله فيك – لتكون جندياً من جنوده ترفع رايته في هذا الزمن الصعب.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يشرح صدرك للذي هو خير وأن يوفقك لكل خير، وأن يجعلك من العلماء المتميزين ومن طلبة العلم النجباء وأن يجعلك ممن يرفع راية الإسلام ويعز الله به هذا الدين، إنه جواد كريم، ويسرنا أن نلقاك في استشارة أخرى.
والله ولي التوفيق.