الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يصلح لك ابنتك وأن يحفظها من كل مكروه وسوء وأن يجنبها الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يرزقكما المحبة والوئام والتفاهم والصدق والانسجام، وأن يعينها على أن تكون صادقة معك وأن يوفقك لانتشالها مما هي فيه، إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد برسالتك فإنه كما تعلمين أن هذه المرحلة السنية هي من أخطر المراحل التي تمر في حياة الفتى والفتاة، حيث إنها بعد البلوغ أصبحت تعاني من ظهور علامات الأنوثة بقوة ووضوح، وهو ما يسميه الناس بمرحلة المراهقة، وهذه المرحلة كما تعلمين بعد مرحلة البلوغ تصبح الفتاة امرأة كاملة، وتشتد لديها الرغبة في التعامل مع الرجال، وكذلك أيضاً يصبح الشاب بنفس الشيء؛ لأن الله -تبارك وتعالى- فطر الرجال على الميل للنساء وفطر النساء كذلك على الميل للرجال، وهذه المرحلة من أخطر المراحل التي تمر في حياة الشباب عموماً إذا لم تكن البنت مسلحة بسلاح الوعي والإيمان والخوف من الله -تبارك وتعالى- والثقة المتبادلة بينها وبين أهلها، وأن تكون واثقة في نفسها فإنها ستنجرف وستجرفها تيارات الفتن وتعصف بقيمها وأخلاقها ومبادئها، وهذه الحالة -كما تعلمين- ليست بنادرة وابنتك ليست وحدها التي تتصرف تلك التصرفات الغريبة، وإنما هناك الكثير من الفتيات يعانين من نفس المشكلة، وأنا أقول حقاً: إن ابنتك في مشكلة حقيقية، لأنها يبدو أنها أقامت شيئاً مما لا يرضيك من العلاقات وتحاول أن تغطي هذه العلاقة بغطاء مادي؛ ولذلك استعملت الكذب حتى تخرج من مؤاخذتك ومتابعتك، يبدو أنك تغلظين لها القول وتعنفينها، فهي أرادت أن تريح نفسها من عتابك ولومك ومن مؤاخذاتك وتعنيفك وتأنيبك لها، فلجأت إلى الكذب لتعالج الخطأ بخطأ أكبر منه؛ لأن الذي يكذب في المال قد يكذب في غيره أيضاً، والذي يفرط في ماله قد يفرط في عرضه -والعياذ بالله-.
لذلك أقول بأن المواجهة والعنف لا تنفع في هذه المرحلة، وإنما هذه المرحلة تحتاج إلى قربٍ وتحتاج إلى إعادة الثقة بينك وبينها، وإلى أن تساعديها على فتح قلبها لك، فأتمنى أن تنبذي العنف تماماً وألا تعاتبيها على شيء، وأن تظهري لها المحبة والمودة وأن تشعريها بأنه مهما كانت النتائج فأنت سوف تقبلينها، ولكن شريطة ألا تكذب عليك وألا تخفي عنك أي معلومة، فإن وفقك الله -تبارك وتعالى- ونجحت في إقناعها بأن تُفشي لك سرها وأن تُفضي إليك بمكنون قلبها فقد نجحت في حل المشكلة تماماً، لأنك ستعرفين حجم المشكلة التي هي فيها وتعرفين الخطر الذي تعرضت له أيضاً، فقد تكون هنالك علاقات محرمة -علاقات مشبوهة- تؤدي إلى أمور لا تحمد عقباها؛ ولذلك أتمنى بداية أن تقومي أنت بهذا الدور وحدك، وأن تجتهدي شريطة أن تغيري السلوك والتعامل معها الآن تماماً نهائياً.
فحاولي أن تتكلمي معها ولا تسأليها أين كنتِ، وإنما تكلمي معها بلطف وقولي لها أنا واثقة بأنك طيبة وأنك عفيفة وأنك إنسانة فاضلة، وأنك لن يضحك عليك أحد، حاولي أن تشعريها بهذا الكلام، وقولي لها: يا بنيتي إذا كانت عندك مشكلة فأنا أقرب الناس إليك، وقولي لها: ثقي وتأكدي أن سرك سيكون في بئر، وأنه مهما فعلت فأنا أمك التي ستستر عليك.
حاولي معها أن تعيدي إليها الثقة في علاقتها معك وأن تشعريها بأنك على استعداد أن تقبلي بأي نتيجة وصلت إليها، ثم بعد ذلك أنا أريدك أن تصارحيني حتى أطمئن، أريد أن أطمئن عليك، وتأكدي أني لن أوجه لك أي عتاب، ولكني فقط أريد أن أقف معك.
قولي لها: ثقي وتأكدي بأني سأساعدك، وحاولي معها بأي وسيلة من وسائل المحبة والمودة وإعادة الثقة وإعادة المياه لمجاريها وإظهار المحبة والاحترام والتقدير، وحاولي أن تضميها إلى صدرك بقوة وأن تكرري ذلك وأن تعبثي في شعرها وأن تضعي يدك على كتفها وعلى ظهرها لتشعريها بالعاطفة والحنان لاحتمال أنها فقدت هذا النوع من التصرف أو السلوك من فترة طويلة، فبحثت عمن يوفر لها ذلك وقد يكون الطريق غير سليم.
حاولي معها كما ذكرت، وتحايلي عليها، وإن أفشت إليك بشيء من هذه الأسرار وأخبرتك بالحقيقة وأنت قطعاً ستعرفين لأن الكذب يُبيَّن ويتضح، والذي يكذب يستطيع أن يكذب مرة ولكنه لن يكذب العمر كله، فإذا لم تستجب لك وأصرت فقولي لها: اسمحي لي لابد أن نذهب للطبيبة لنعرضك عليها لأني أشعر بأنك في حاجة إلى مساعدة، وأنا حاولت أن أمد لك يد المساعدة بنفسي ولكنك لم تقبلي، فلابد أن أستعين بآخر ليساعدني بذلك، هدِّديها بذلك بأنك ستذهبين بها إلى الطبيبة لتتعرف على وضعها ولتعطيك تقريراً عن حالتها النفسية والبدنية، وعندها أعتقد أنها من الممكن أن تتساقط وأن تتهاوى وأن تخبرك بالحقيقة تحت التهديد.
أتمنى ألا تصلي إلى هذه المرحلة إلا متأخرة، وأريد -إن شاء الله تعالى- أن تجعلي هذا بينك وبينها، وحتى إن وصلت إلى أي أمر -أيا كانت النتيجة- فهي الآن في مشكلة تعاني منها تريد مَن يتدخل لحلها، اتهامها بالانحراف أو اتهامها بالكذب أو غيره لن ينفع؛ لأن توجيه الاتهام لن يحل المشكلة، وإنما لا تتهميها، أشعريها بأنك معها وأنك تقبلينها على أي صورة كانت وعلى أي وضع هي عليه، وأنك أقرب الناس إليها وأنك ستبذلين أقصى ما تستطيعين لمساعدتها، وأن ما تخبرك به سيكون سرّاً بينك وبينها.
إذا لم تستجب لهذه العبارات العاطفية فقولي لها: إذن سأذهب إلى الطبيب ولابد أن تأتي معي لأطمئنَّ عليك وعلى نفسيتك؛ لأني أشعر بأنك غير طبيعية، إن أخبرتك فبها ونعمت وإن لم تخبرك فلا مانع من عرضها على أخصائية نفسانية، وأعطيها فرصة لتتكلم معها ولتستمع منها إلى ما يمكن أخذه من معلومات تساعدك في حل مشكلتها.
أتمنى أن تعتبري ابنتك في مشكلة وأن تقفي معها ولا تقفي ضدها؛ لأن الوقوف ضد التيار سيعصف بك أنت أولاً قبل أن يعصف بابنتك، وسنخسر الأم ونخسر الفتاة معاً، ولن يعوض ما فات، ولكن بالمودة والمحبة والدفء العاطفي وإعادة الثقة المتبادلة بينكما أعتقد أنك ستعينينها على تجاوز هذه المشكلة، وتعيدين إليها الثقة، وتعطينها القدرة على ترتيب أوراقها بطريقة صحيحة.
أسأل الله أن يكون قد حفظها فيما مضى، وألا تكون قد تعرضت لأي شيء يشوه صورتها أو يفسد سمعتها أو يجعلك أنت أيضاً في وضع ليس حسناً، أسأل الله أن يسترنا وإياكم بستره الذي لا ينكشف وأن يعيننا وإياكم على طاعته ورضاه.
هذا وبالله التوفيق.
----------------------------------
ولمزيد من الفائدة حول أساليب التربية، إليك هذه الاستشارات: (
2594 -
243253 -
2961 -
279627).