الاختلاف بين الزوجين بسبب تقديم العرف والعادات على أوامر الشرع

2008-08-03 13:26:46 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عاقد على فتاة متدينة إلى حدٍّ ما، ومن أسرة محترمة، وقد عاهدتها أن يكون أساس التعامل في الحياة بيننا هو الإسلام أولاً ثم العادات، وقد رأيت منها ما يبرهن على قبولها لذلك، ولكن كلما اقترب موعد الزفاف أجد منها اعتراضات على أمور شرعية مثل المكياج أو مواصفات فستان الزفاف.

علماً بأننا كنا قد انتهينا من مناقشة تلك الأمور من قبل مرات عديدة، ولكنها تفاجئني بتقديم العرف مما يصيبني بإحباط شديد والخوف على مستقبلنا، رغم أني أبذل قصارى جهدي لكي أكون زوجاً مثالياً، متأسياً في ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، وأحكِّم الإسلام دائماً في نقاشنا، وأجد أنها أحياناً تعترض على ذلك مما أرهقني جداً ودعاني إلى أن أفكر في الانفصال، ولكنها تمسكت بي لأنها تحبني، فأرجو إفادتنا لأنني في حيرة كبيرة.

وشكراً جزيلاً.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يبارك لك في أهلك وأن يبارك لأهلك فيك، كما نسأله تبارك وتعالى أن يعينكما على تأسيس حياة طيبة مباركة، وأن يجعل خطيبتك عوناً لك على طاعته سبحانه وأن يجعلك عوناً لها على طاعته ورضاه وأن يديم بينكما المحبة والوئام والتفاهم والانسجام.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن الرجل منا إذا اختار فتاة على أساس دينها وخلقها فإنه يريد أن لا يقع منها أي زلة تخالف ما تم الاتفاق عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عندما أوصانا بقوله: (فاظفر بذات الدين تربت يداك) اشتاقت نفس كل رجل يحب الله ورسوله أن تكون امرأته معينة له على طاعة الله تعالى، فإذا وجد منها خلاف ذلك فإنه ينزعج فعلاً؛ لأنه كان يتمنى أن تكون زوجته معينة له على الطاعة وآخذة بيده إلى الجنة.

ولذلك فإنها عندما تتكلم أو تعرض الأمر بطريقة موافقة للعرف بعيدة عن الشرع أو تقع في زلة من الزلات فإن ذلك يكون مزعجاً للطرفين؛ لأن الفتاة إذا تزوجت شاباً على طاعة الله تعالى ثم وجدت منه بعض التجاوز فإنها تنزعج أيضاً، وقد تفكر في الانفصال نتيجة حرصها الشديد على أن تكون حياتها حياة موافقة للكتاب والسنة.

ولكن ما تتحدث عنه فيما يتعلق بقضية دخول العرف في حياة الناس فهو أمر من الصعب التخلص منه فعلاً؛ لأن غالب الناس لم يتلقوا القدر الشرعي الكافي لتأسيس حياتهم على الكتاب والسنة، فإذا كان الله قد منّ عليك بذلك فهذه نعمة عظيمة تحمد الله تبارك وتعالى عليها، ولذلك فإنك تجد بعض الأسر قد تركز على بعض الجوانب، فنجد عند بعض الأسر الاهتمام بالصلاة، ونجد في بعضها الاهتمام بحفظ القرآن الكريم، وبعضها نجد عندهم الاهتمام بعدم الاختلاط وعدم ظهور الفتيات أمام الرجال الأجانب، وبعضها نجد فيها الأمانة والأخلاق، وقلَّ أن تجد امرأة كاملة من جميع النواحي، فإن وجدت فيها بعض الجوانب الخيرة فقد تجد فيها بعض الجوانب التي قد تزعج، وقد أخبرنا النبي عليه الصلاة والسلام بهذا الأمر بقوله: (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر)، ومعنى (لا يفرك) أي: لا يبغض الرجل زوجته أو أن يكرهها لمجرد أن فيها بعض العيوب أو الزلات، لأنها إذا كان فيها شر فقطعاً هي فيها خير.

ولذلك فإنني أقول لزوجتك الكريمة الفاضلة: كم أتمنى أن تحتكما في كل صغيرة وكبيرة إلى شرع الله تعالى حتى يبارك الله لك ولزوجك، وأن لا تقدمي الأعراف أو العادات أو التقاليد على دين الله تعالى؛ لأن الله تعالى يقول: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ))[الحجرات:1]، واعلمي أنك لن تكوني سعيدة إلا من خلال الالتزام بالكتاب والسنة، ومن خلال المحافظة على تعظيم حرمات الله والبعد عما يغضب الله تعالى.

فهذه الرسائل ينبغي أن تكون معلومة لديك، وأنه على قدر استقامة الناس على منهج الله تأتيهم السعادة والأمن والأمان في الحياة، وإذا وقعوا في بعض التجاوزات فإن السعادة تنقص بقدر هذا التجاوز الذي وقعوا فيه، فكوني عوناً لزوجك على طاعة الله سبحانه وعلى إحياء سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، خاصة وأنكما بدأتما حياتكما على الكتاب والسنة، وأنه اختارك على أنك فتاة متدينة وأنك من أسرة محترمة، فهذه الأمور ينبغي أن نحافظ عليها.

وأما ما يتعلق بالمكياج ومواصفات فستان الزفاف، فإذا كانت أمور لا تتعارض مع الشرع فإن المكياج جائز والمرأة لها أن تتزين لزوجها، ولها أن تضع من العطور ما تحب وما تشتهي، ما دام ذلك لن يكون إلا لزوجها فقط، وأتمنى أيضاً أن لا نكون من المغالين في مواصفات فستان الزفاف، وتوسطي مع زوجك في الأمر ولا تختلفا؛ لأن الخلاف لا يأتي إلا بشر، والله تبارك وتعالى يقول: (( وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا ))[الأنفال:46].

وأتمنى دائماً أن تستعملا الحوار للتفاهم فيما بينكما، ونتناقشوا دائماً واعرضوا كل مسألة على بساط البحث، وتنازلي فيما فيه إرضاء الله تبارك وتعالى وما يوافق هدي النبي صلى الله عليه وسلم حتى وإن كان في ذلك خلافٌ لرغبتكم.

نسأل الله لكما التوفيق والسداد وأن يجمع بينكما على خير وأسأله تبارك وتعالى أن يجعلك عوناً لزوجك على طاعة الله سبحانه وأن يجعل زوجك عوناً لك على طاعته، ولا تفكر في أمر الانفصال مطلقاً تحت أي ظرف؛ لأن هذه بداية الفشل الذي أتمنى أن يعافيك الله أنت وخطيبتك منه، وأتمنى أن نسمع عنكما أنكما أصبحتما عروسين رائعين يضع كل واحد منكما يده في يد الآخر لتؤسسا لنا أسرة مسلمة تضع لبنة في صرح الإسلام العظيم.

وبالله التوفيق.

www.islamweb.net