نصائح وتوجيهات في التصرف مع رغبة الأم في السكنى معها في ظل رفض الزوجة

2008-09-07 09:35:41 | إسلام ويب

السؤال:
أنا شاب متزوج منذ عامين، ولدي طفل، قمت باكتراء منزل منذ ثلاثة أشهر وسكنت فيه، وبعد ذلك وبمناسبة زواج أختي رجعت إلى المنزل من أجل المساعدة في التحضير للمناسبة، وبعد زواج الأخت طلبت مني الأم البقاء معها في المنزل، وهذا بعد زواج الأخت ونجاح الأخرى في شهادة البكالوريا، لكن الزوجة رفضت هذا الأمر تماماً.

أرجوكم أعطوني الحل المناسب للمشكلة، وجزاكم الله خيراً.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ مسلم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يفرج كربتك وأن يقضي حاجتك، وأن يجعل لك من لدنه وليّاً ونصيراً، وأن يصلح ما بين زوجتك ووالدتك وأخواتك، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – فإنه وكما لا يخفى عليك أن من حق المرأة المسلمة شرعاً أن يكون لها بيت مستقل تعيش فيه براحتها وتأخذ فيه حريتها، وتكون هي المالكة له والمتصرفة فيه؛ لأن هذا حقها كما قال الله تبارك وتعالى: (( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ))[الطلاق:6]، فحق المرأة أن يكون لها سكن يتناسب مع مقومات الحياة الزوجية الطبيعية، فلا يكون ضيقاً عليها، ولا يكون فيه اختلاط بأحد يُخشى منه أن يطلع على عوراتها أو أن يستمع إلى صوتها أو أن يقيد حريتها، هذا الأصل الشرعي الأول.

أما فيما يتعلق بالإقامة مع الوالدة فإن هذا أمر يتوقف فعلاً على رضا زوجتك، وبما أنها ترفض الأمر رفضاً تاماً - كما ذكرت – فأنا أقول أولاً: هل قد سبق لكم أن أقمتم مع أمك أم لا؟ فإذا كان قد سبق لكم الإقامة مع والدتك فلعلَّ زوجتك أخذت صورة عن الحياة المختلطة وأصبح لديها قناعة بأنها حياة غير طبيعية، وأنها قد تؤدي إلى مزيد من المشاكل، وأنه لا يوجد هناك الالتزام التام ما بينها وبين أمك، خاصة إذا كان في بيت واحد، وفي هذه الحالة يكون هذا من حق زوجتك، إلا أنك تطلب منها تبريراً لهذا الأمر، وفي العموم هذا من حقها، لعلها وجدت أن الأمور ما كانت مستقرة فأرادت أن تستريح وأن تريح حتى لا تحدث مشاكل ما بينك وبين أهلك.

أما إذا كانت لم تجرب هذا من قبل فاطلب منها بداية بحوارٍ هادئ - بعيداً عن الأسرة وعن أي أحد - بيان الأسباب التي من أجلها اتخذت هذا الموقف وأخذت هذا القرار ورفضت الإقامة مع أمك، فحاول أن تناقشها في هذه الأسباب إذا كانت أسبابا تافهة، وحاول أن تقنعها - بارك الله فيك – واستعن عليها بالله تعالى، فما دام لا يوجد هناك سبب وجيهة فمن الممكن بشيء من التنازل وشيء من التسامح وشيء من التراضي أن تستقيم الحياة وأن تقوم الحياة بلا مشاكل، استمع إلى وجهة نظرها واطلب منها الأسباب التي أدت إلى رفضها للإقامة مع أمك، فإن قدمت أسباباً وجيهة ووجدت هذه الأسباب مقنعة فعلاً فاعتذر لأمك وقل لها: أنا لا أريد مشاكل بينك وبين زوجتي، وأخشى أن أفقد واحدة منكما، فأنت أمي التي لا أستطيع أن أستغني عنها بحال، وهذه أم ولدي التي أصبحت أيضاً لا أستطيع أن أستغني عنها، إن لم يكن لنفسها فعلى الأقل لولدي حتى لا يعيش يتيماً وأنا حيٌ موجود. وأنا واثق بأن أمك - بإذن الله تعالى – سوف تلتمس لك العذر وتقبل كلامك؛ لأن قلب الأم ألطف وأعطف على ولدها من قلب الزوجة، فالزوجة تريد حقها وتريد سعادتها وتريد راحتها وتريد حريتها، أما الأم فإنها تضحي وستضحي وأنها سبق أن ضحت بالغالي والنفيس من أجلك، فلن تقف في وجه سعادتك أبداً واستقرارك مع زوجتك، ولذلك أقول:

اطلب من زوجتك أسباباً وجيهة للرفض، خاصة إذا لم تكن قد عاشت مع أمك من قبل ولم تعرف طبيعة الحياة مع الوالدة، فإذا رفضت فقل لها: دعينا نجرب ولو شهراً واحداً. واترك البيت الذي استأجرته على ما هو عليه، وحاولوا واعرض عليها التجربة، فقل لها: دعينا نجرب شهراً، إن وجدنا الأمور مستقرة فإن أمي في حاجة إليَّ خاصة أن أختِي قد تزوجت، وأختي الثانية تحتاج إلى من يقف بجوارها وبجوار أمي للاستعانة بي على ظروف الحياة، فإذا لم تقبل بالإقامة الدائمة فاعرض عليها -بارك الله فيك- التجربة أو الإقامة ولو على سبيل التجربة لمدة شهر أو شهرين، وقل لها: صدقيني إذا كان الأمر غير طبيعي فأنا الذي سأقول لك: هيا بنا نرحل، لأني لا أريد مشاكل لا معك ولا مع الوالدة.

أما إذا كانت الأمور طيبة فلماذا نحرم أنفسنا البر؟! وبيِّن لها فضل بر الوالدة، وأنها شريكتك في الأجر، وأنها كلما صنعت معروفاً لأمك فكأنما صنعته لك شخصياً، وأن أجرها عند الله عظيم، وأنا واثق من أنك ستنجح - بإذن الله تعالى – في القضاء على هذه المسألة.

فأقول: اجتهد – حفظك الله ورعاك – في مسألة إقناعها، أو اطلب منها – كما ذكرت – ولو على سبيل التجربة الإقامة لمدة شهر أو شهرين، وبيِّن لها – كما ذكرت – فضل خدمة الوالدة وفضل الصبر عليها، وأنك ستكون سعيداً جدّاً كلما كان هناك انسجام ما بينها وبين والدتك، وأنها إذا كانت تحبك فعلاً فلتحاول أن تقف معك في إرضاء أمك، وقل لها: اجعليها مكان أمك، فإذا كانت هذه أمك وأقامت عندنا في البيت هل من المعقول أن نتخلى عنها؟ فحاول معها، فإذا استجابت وانصاعت فهذا ما نرجوه، وإذا لم تستجب وأصرت على موقفها فأرى أن تعتذر لأمك – كما ذكرت – وأن تعود بزوجتك وولدك إلى البيت الذي تم استئجاره، وتتولى أنت زيارة أمك بقدر الاستطاعة، والإقامة معها لمدة كافية، وأن تُشعرها بأنك لن تتخلى عنها لا لزوجتك ولا لولدك، وإنما أنت رجل تريد أن تدير الأمور بأقل قدر ممكن من الخسارة.

وأنا أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأسأل الله أن يشرح صدر زوجتك لكي تعينك على بر أمك والإحسان إليها والإقامة معها.

هذا وبالله التوفيق.

www.islamweb.net