مخاوف شديدة من الموت ووساوس قهرية حول الغيبيات والذات الإلهية

2008-10-29 06:21:06 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أعاني من مخاوف شديدة من الموت وما بعد الموت، وأشعر بأني مهما فعلت سأعذب في القبر، وأفكر في الموت كثيراً، وأشعر كل يوم بأني سأموت، ونتيجة لذلك أصبحت أفكر بالأمور الكونية وكيفية خلق الكون والذات الإلهية، وأشعر أني سأجن من شدة التفكير، وهذا جعلني أخاف من الجنون أو الذهان.

وعندما أصلي أو أقرأ القرآن لا أشعر بالخشوع نتيجة تفكيري في ذلك، وقد بدأت حالتي بنوبات الهلع بعد أربعين يوماً من الولادة، وأشعر بضيق شديد، ولا أستطيع التمتع بالحياة كما كنت سابقاً، وأشعر بأن الكون والناس غريبون، وأعلم في قرارة نفسي أنها وساوس لكني لا أستطيع التخلص منها، فأصبح ذلك يكدر صفو حياتي ويسبب لي المشاكل، فماذا أفعل؟!

وجزاكم الله خيراً.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عبد الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن هذه الأعراض تدل على أن لديك وساوس قهرية، وهذا يظهر في خوفك من الموت، وأنك سوف تعذبين في القبر، وبعد ذلك التفكير الشديد حول الذات الإلهية وشعورك بأن الناس حولك غرباء أو أن الكون متغير.

والوساوس القهرية هي نوع من القلق، يكون مرات في صورة أفكار أو في صورة أفعال أو يأتي في صورة مخاوف أو معتقدات أو خيالات أو طقوس، وهكذا، وهو أمر سخيف ومؤلم للإنسان، والإنسان يعلم أنه ليس حقيقيا، ولكن تسلط الأفكار يجعله لا يستطيع أن يتخلص منها، وإذا حاول التخلص منها ربما يحس بالقلق.

ويجب أن تتفهمي طبيعة هذه الحالة، فأنت لا تؤاخذين على مثل هذه الأفكار مطلقاً؛ لأنها مسلطة عليك، وهناك علاجات سلوكية وعلاجات دوائية، وهذا النوع من الوساوس يستجيب بصورة جيدة وفعّالة للعلاجات الدوائية، ولكن يجب ألا تتجاهلي العلاجات السلوكية.

وعليك أن تحقري هذه الأفكار، ولا نستطيع أن نحقر فكرة الموت؛ لأن الموت حقيقة ولا شك في ذلك، ولكن الإنسان يقنع نفسه أن الأعمار بيد الله ويسأل الله أن يحسن خاتمته، وأن يسعى لآخرته بعمل الصالحات، وهذا إن شاء الله تعالى يفتح له بابا في الجنان بإذن الله تعالى.

ويجب أن نسعى لما يجعلنا سعداء لما بعد الموت؛ لأن الموت حقيقة، والرسول صلى الله عليه وسلم حين خُيّر بين الحياة والموت قال: (بل الرفيق الأعلى).. فالموت حقيقة ولا شك في ذلك، وأعرف تماماً أنك متفهمة لذلك، ولكن الوساوس هي التي جعلتك تكونين مشغولة بالأمر بصورة مرضية.

أؤكد لك أنك لن تصابي بالجنون ولن تصابي بالذهان، والكثير من مرضى الوساوس ينتابهم هذا الأمر، وهناك أمر هام أن النوبات قد بدأت معك بنوبات هلع بعد أن أتممت فترة النفاس الأولى، وهذا يدل أن المتغيرات الكيميائية والبيولوجية ربما تكون لعبت دوراً في ذلك.

إذن استبدلي هذه الأفكار السلبية بأفكار مضادة، فالموت حق ولكن تقابله الحياة، وأنت تبلغين من العمر العشرين، فأنت في قمة الشباب ولديك بيت ولك زوج ولك ذرية وهذا أمر طيب، فلابد أن تستذكري ذلك، ولابد أن تحقري هذه الأفكار، ولابد أن تستبدليها بأفكار مضادة كما ذكرت لك، ويجب أن تشغلي نفسك في واجباتك ما بين المنزل وما بين الدراسة وتكونين فعالة وتتواصلين مع الآخرين.

يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، فالأدوية المضادة للوساوس أثبتت فعاليتها بصورة قاطعة ولكنها تتطلب الالتزام والالتزام الشديد في تناولها، ومن أفضل الأدوية التي سوف تساعدك هو العقار الذي يعرف علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، ويسمى تجارياً باسم (بروزاك Prozac)، فأرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة عشرين مليجراما (كبسولة واحدة) في الصباح، ويفضل أن تتناوليه بعد الأكل، وبعد أسبوعين ارفعي الجرعة إلى أربعين مليجراما، واستمري على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، وهذه هي الجرعة المعقولة، وبعد مرور ستة أشهر خفضي الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم توقفي عن تناوله.

وتوجد أدوية أخرى بديلة منها عقار (زيروكسات Seroxat) وعقار سبرالكس Cipralex وعقار زولفت Zoloft وعقار فافرين Faverin، كلها أدوية جيدة وفعالة، ولكن البروزاك يتمتع بأنه لا يؤدي إلى شعور بالكسل، كما أن الإنسان يحس أن درجة اليقظة لديه ممتازة.

فاتبعي الإرشادات السابقة، وأرجو أن تتناولي الدواء بالصورة التي وصفتها لك، ونحن - إن شاء الله - على تفاؤل أنك سوف تعود لك صحتك النفسية وتتمتعين بالحياة الدنيا بكل انشراح وبكل أمل بإذن الله تعالى.

ويمكنك الاستزادة بالاطلاع على العلاج السلوكي للخوف من الموت في الاستشارات التالية: (259342- 264181- 265858- 230225-266237).

وبالله التوفيق.

www.islamweb.net