الخلاف بين الزوجين ينبغي ألا يصل إلى الأهل
2008-11-08 13:15:03 | إسلام ويب
السؤال:
أنا عقدت قراني من سنة وشهرين، وكانت علاقتنا حسنة، ولكن كل فترة لابد أن تحدث مشكلة! مرة أخفى علي راتبه، ولكنها انتهت - الحمد لله - ولكن هذه المرة كنت أتحدث معه ومع أختي على الماسنجر، وطلبت مني أختي أن أريها ملابسي الجديدة، فوافقت وأريتها وزوجي في نفس الوقت الملابس، ولما عرف بذلك غضب، وقال لي أختك ليس لها دخل بحياتنا، وليس من شأنها أن تعرف ما يعجبني من ملابسك، ولكن في الأخير انتهى الحديث بأنه أخطأ في حق أختي بألفاظ مختلفة، وقال لي: أنت السبب في كرهي لأختك، ونحن منذ 4 أيام لا نتحدث أبداً.
وحاول عدة مرات أن يكلمني علماً بأني قد حكيت لأهلي كل شيء، وهم ينتظرون اتصاله لكي يحاسبوه أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Otete حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله - تبارك وتعالى - أن يبارك فيك وأن يُكثر من أمثالك، وأن يجمع بينك ويبن زوجك على خير، وأن يصرف عنكما كيد شياطين الإنس والجن، وأن يجعل حياتكما مليئة بالتفاهم والمحبة والوئام والاحترام والتقدير والانسجام.
وبخصوص ما ورد برسالتك – ابنتي الكريمة الفاضلة – فإني أحب أن أُبين لك أمراً مهماً جدّاً، وهو أنه كلما طالت فترة الانتظار قبل الزواج كلما تفجرت المشاكل باستمرار، هذا عبارة عن شيء طبيعي جدّاً في حياة الناس، تطول فترة الخطوبة، تكثر المشاكل في فترة الخطوبة، تطول فترة العقد قبل الدخول تكثر المشاكل؛ لأن بُعد الأفراد عن بعضهم بعضاً يؤدي أحياناً إلى سوء فهم بعض التصرفات، لأنك أنت تعيشين في مكان وهو في مكان آخر وقد يسمع منك كلمة أنت لا تقصدينها فتقع في نفسه، وقد تسمعين أنت كلمة يحدث لك نفس الشيء، تصرف معين قد يكون بالنسبة لك عادياً ولكنه بالنسبة له قد يكون منفرا أو قاسيا أو مؤلما، ولذلك لن تتوقف هذه المشاكل حقيقة – صدقيني – إلا بالزواج، ومن هنا فأنا أقول:
إذا كان بمقدوركما أن تعجلا بالزواج فهذا خير؛ لأن هذه المشاكل الآن رغم أنها تافهة إلا أنها تؤلم النفس، يعني لا يمر شهر أو أسبوعان إلا وتحدث مشكلة نتيجة كلمة معينة أو تصرف معين أو عبارة معينة فتكون النتيجة أن تظل النفوس تشحن بهذه المشاكل، وحتى يمكن لعله أن يأتي يوم العرس فيشعر الإنسان بعدم السعادة؛ لأنه يشعر بأنه لا يوجد هناك جو من التفاهم بينه وبين الطرف الآخر الذي سوف يكون في أحضانه بعد دقائق معدودات.
فهذه سمة عادية لفترة طول الخطبة هذه، سنة وشهران إلى الآن الله أعلم متى ستدخلون، وقطعاً نحن الآن في أول العام الدراسي.
فالله أعلم فيما يبدو أنكما لن تتزوجا إذا أردتم ذلك وكنتم جادين إلا بعد نهاية العام الدراسي، ولكن لو أخذت بنصيحتي واستطعت أن تتزوجي اليوم قبل الغد لكان ذلك أحسن وأفضل؛ لأن هذه المشاكل سوف تنتهي نهائياً وتصبح مشاكل بسيطة جدّاً كمشاكل أي أسرة من الأسر؛ لأن هناك أسرة مر عليها ثلاثون أو أربعون عاماً ولم تختلف مرة واحدة، رغم أنه توجد خلافات في وجهة النظر ما بين الزوج والزوجة، ولكن يمكن احتواؤها؛ لأن الإنسان عندما يرى الطرف الآخر يحاول أن يتلمس له العذر، يسأله عن الشيء الذي في نفسه فيجيبه عليه بلا واسطة ولا مسنجر ولا جوالات ولا اتصالات، وإنما مباشرة.
هذا يجعل المشاكل مهما كانت محصورة في إطار ضيق جدّاً ويجعلها لا تتفاقم.
إذن هذا الأمر الأول بالنسبة لطبيعة هذه الحياة.
الأمر الثاني: اسمحي لي أنا أعتبر أنك أخطأت عندما كلمت أهلك في موضوع كلام زوجك عن أختك، لأنك أنت الآن عقدت المشكلة ولم تحليها، فالآن أهلك ماذا يفعلون؟ ينتظرون اتصاله لكي يحاسبوه، إذن معنى ذلك أننا دخلنا في محكمة وأدخلت أنت أطرافاً لا علاقة لهم بالمشكلة، هذا بينك وبين زوجك لماذا تدخلين أهلك فيها، وهذا معناه أنك إنسانة أيضاً تحتاجين إلى شيء من التوجيه، رغم أنك ما شاء الله فاضلة وعمرك الآن اثنان وعشرون عاماً، يعني على قدر من الوعي والثقافة، إلا أن خبراتك الاجتماعية قليلة، فالمرأة التي تشكو زوجها لأهلها لا تفهم شيئاً؛ لأن زوجك سيصبح أقرب إليك من أبيك وأمك، هذه مسألة كان ممكن أن تمر عاديا، وأنت الآن ستشحنين الأنفس، وتؤدين إلى وجود فجوة ما بين أهلك وزوجك، وهو الآن كالزعلان وتكلم في أختك لمجرد أنها رأت ملابسك، فالآن ماذا سيفعل مع أبيك وأمك؟ ولذلك أقول:
إذا لم يكن قد اتصل إلى الآن فحاولي أن تقولي لأهلك اعتبروا الموضوع منتهيا ورجاءً لا تكلموه في شيء؛ لأنك بذلك تهدمين الثقة التي بينك وبينه، هو يشعر الآن بأنك تقربين أهلك عليه، نعم هم قطعاً كذلك، ولكن هذا الشعور يؤلم، أنا أريد الآن عندما أعقد على امرأة تكون لي وحدي وأكون أنا أفضل إنسان في حياتها، أفضل من أبيها وأمها بل وأفضل من نفسها. فأنت أخطأت واسمحي لي أن أقول: ذكرك الموضوع لأهلك هذا خطأ.
إذا لم يكن قد تكلم معك إلى الآن فأرجو أن تكلمي أهلك وتقولي لهم: (اعتبروا أن الموضوع قد انتهى ودعوني أحل المشكلة بنفسي مع زوجي؛ لأن هذا الأمر قد يؤذيه وقد يؤلمه)، ولابد أن تراعي مشاعره - بارك الله فيك – مهما كانت الظروف؛ لأنك ستبدئين معه حياة طويلة، فأنت الآن - بارك الله فيك – اثنان وعشرون عاماً مع أبيك وأمك قد تظلين مع زوجك ستين عاماً أو سبعين عاماً، فبعض الحياة الزوجية تستمر لمائة عام.
إذن هو الآن حالياً مستقبلك وأهلك ماضيك، فينبغي أن أتعامل مع المستقبل بروح المستقبل وينبغي أن أشعر مستقبلي بأن أحافظ عليه وأن أهتم بأمره.
هذه المسائل التي حدثت أعتقد أنها هي نقاط بسيطة، يعني الراتب والحمد لله انتهت المسألة، وموضوع الملابس، هذا تقدير منه، يعني أنا شخصياً لا أرى في الأمر شيئاً؛ لأن أختِي وأنا واحد، وكونها ترى الملابس الداخلية أو الخارجية لا يوجد هناك أي مشكلة، ولكن هو رأى الأمر على خلاف ذلك.
وهذه طبعاً وجهات نظر متفاوتة، وهذا شيء طبيعي جدّاً، أنت قد تنظرين لشيء فترينه شيئاً عادياً، وغيرك يراه جريمة، أنت قد تنظرين لأمر فترينه كبيراً جدّاً كالجبل، غيرك يراه كحبة الرمل، فوجهات اختلاف النظر هذه شيء طبيعي جدّاً في حياة الناس، فالرجل كانت له وجهة نظر، وأنت لك وجهة نظر، واختلفتما، والأمر انتهى.
حاول الاتصال بك وقال لك أنت السبب في أنك جعلتني أكره أختك، وحاول عدة مرات أن يكلمك بعد ذلك ولكنك رفضت، هذا خطأ؛ لأنه المفروض مهما كان، عندما يتكلم معك أن تتكلمي معه وأن تبيني وجهة نظرك بأدب وهدوء لأنه زوجك، هذا زوجك وغداً سيصبح أبا لأولادك، فينبغي أن تشعريه بالاهتمام، وينبغي أن تشعريه بالتقدير، وينبغي أن تشعريه بأنك على استعداد أن تسامحيه في أي شيء ما دام الأمر طبيعياً عاديا، يعني ليس هناك أشياء كبيرة مثلاً وإنما هي أشياء بسيطة كهذه.
ولذلك أنا أقول: أنت جانبت الصواب ولم توفقي في علاج المشكلة، ولذلك أقول وأكرر الكلام الذي ذكرته: إذا لم يكن قد أتصل فحاولي أن تكلمي أهلك ألا يكلموه بهذا الخصوص، وأنا أتمنى أن تتصلي أنت به، وأن تتفقدي أحواله، وأن تسألي عن أخباره، لا يلزم أنك تتكلمين في المشكلة، تقولين له: (أنا فقدتك وأنت لم تتصل من فترة فأحببت أن أطمئن عليك)، هذه رسالة رائعة تمحو كل أثر لهذه المشكلة السابقة، وبعد ذلك بالهدوء وبالتفاهم سينتهي كل شيء.
وأتمنى ما دمت في المملكة أن تذهبي إلى مكتبة اسمها مكتبة جرير يوجد كتاب بعنوان: (ويبقى الحب ما بقي الحوار)، هذا كتيب رائع يستطيع - إن شاء الله تعالى – أن يضع لك قواعد للحوار مع زوجك، ويديم المحبة والمودة بتوفيق الله تعالى - بإذن الله تعالى - . فأتمنى أن تقرئي هذا الكتاب أو أي كتاب عن فن الحوار مع الزوج أو الأولاد أو غيره، حتى تكوني زوجة رائعة في المستقبل.
أسأل الله لك التوفيق والسداد والهداية والرشاد، وأسأله أن يجمع بينك وبين زوجك على خير، وأن يُذهب عنك كيد شياطين الإنس والجن، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.