القلق والرهاب الاجتماعي والوساوس والخوف من المواجهة
2008-11-27 07:18:09 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا فتاة عمري 25 عاماً، عندي مشكلة نفسية ووسواس أن وجهي سيصبح أحمر اللون عندما أتحدث وأتعامل مع الناس، وهذا يسبب لي القلق والتوتر، والخوف والرهبة ومشاكل عديدة؛ لأنني بحكم عملي في شركة أتعامل يومياً من العديد من المدراء والزملاء والزميلات، بدأ هذا المرض يسبب لي مشكلة منذ سنتين وأحياناً يزداد، وأحياناً أشعر أني نسيت هذا الوسواس وأصبحت أفضل، ولكن سرعان ما أنتكس ويعود لي هذا الوسواس.
أصبحت أحياناً أتحاشى الناس بسبب خوفي الوهمي أن وجهي سيتلون باللون الأحمر، حيث إنه في كثير من الأحيان أثناء تحدثي مع أي شخص أبدأ بالخوف من أن يتحول وجهي إلى الأحمر، وبالفعل أتوتر ويتحول وجهي للأحمر، وهذا يسبب لي الكثير من المشاكل وبالذات في عملي، لا أعلم لماذا يحدث لي هذا؟
مع العلم أني ناجحة واجتماعية وجميلة، أشعر أني سجينة، وأشعر أني لو حللت هذه المشكلة أنني سأتحرر.
وأن عالمي كله سيتغير نحو الأفضل، ولكن هذه المشكلة تؤرقني ولا أدري كيف أتخلص منها، هل تنصحونني بالذهاب إلى أخصائي نفسي أم يكفي متابعتكم لي على هذا الموقع؟
أرجوكم ساعدوني، واشرحوا لي عن حالتي بالتفصيل، اعرضوا مشكلتي على أخصائي نفسي لعله يستطيع التواصل معي ومساعدتي، أريد حلاً جذرياً لمشكلتي، ليس لدي إلا الله ثم أنتم لحل مشكلتي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ روان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،، وبعد:
بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.
فإن حالتك بالتفصيل هي أنك تعانين من قلق، والقلق له عدة أفرع منها:
(1) القلق النفسي العام.
(2) القلق الذي يتحول إلى ظاهرة اجتماعية والذي يسمى بالرهاب الاجتماعي.
(3) الوساوس القهرية.
فأنت لديك قلق بمكوناته الرئيسية وهي المخاوف الاجتماعية والتي تولد عنها بعض الأفكار الوسواسية.
وبالنسبة لاحمرار الوجه هو ناتج من سرعة وكثرة تدفق الدم في هذه المنطقة عند حدوث القلق، وهذا من خلال عملية فسيولوجية بسيطة ومعروفة، وهي تحدث من خلال إفرازات بيولوجية معينة، إذن الحالة واضحة ومفهومة وهي - إن شاء الله تعالى – بسيطة جدّاً.
أنا أنصحك بالعلاج بالتجاهل، وأعرف أنه ليس سهلاً، ولكن الإنسان إذا اقتنع بأن ما يعاني منه هو مجرد قلق ويجب أن يتجاهل هذا القلق وألا يعيره اهتماماً، أعتقد أنه سيصل لنتائج طيبة جدّاً، وتجاهل القلق يمكن الوصول إليه أيضاً بعدم مراقبة الذات، فلا تراقبي نفسك ولكن راقبي الآخرين في وقت التعامل معهم، أي اجعلي كل انتباهك ينشد ويتحرك ويركز على الآخرين، كوني جيدة في استقبالهم وكوني حسنة في التعامل معهم، فهذا يجعلك تحسي بالرضا الداخلي، وهذا الرضا الداخلي هو من أكبر الحوافز النفسية الداخلية التي تقلل القلق النفسي.
يأتي بعد ذلك بعض العلاجات الضرورية التي ننصح بها كثيراً وإن كان البعض لا يطبقها، وأهم هذه العلاجات هي ممارسة ما نسميه بالعلاج الاسترخائي أو التمارين الاسترخائية، والاسترخاء بالطبع هو ضد القلق.
هنالك عدة أنوع من هذه التمارين أبسطها طريقة (طريقة جاكبسون Roman jackobson) وهي تتمثل في شد العضلات ثم بعد ذلك بسطها، وكذلك تمارين التنفس بأن يأخذ الإنسان شهيقا وزفيرا بقوة وبطء، فأرجو أن تتحصلي على أحد الأشرطة التي توضح كيفية إجراء هذه التمارين، وإذا كان هناك إمكانية لمقابلة أخصائية نفسية – وليس طبيباً نفسياً – لتوضح لك بالتفصيل وتدربك على إجراء هذه التمارين فإن هذا سوف يكون أمراً طيباً وأمرا جيدا.
بعد ذلك أنصحك دائماً أن تكوني إيجابية في تفكيرك، فإن القلق والتوتر والوساوس تعطي الإنسان دائماً الانطباع السلبي عن ذاته وعن ماضيه وحاضره ومستقبله، انظري إلى الأشياء الإيجابية والجميلة في حياتك، وهي كثيرة جدّاً بالطبع، وإن شاء الله سوف تطغى هذه الإيجابيات وتقلص من السلبيات.
يبقى بعد ذلك أن أنصحك بتناول أحد الأدوية الجيدة والممتازة والتي يعرف عنها أنها تعالج القلق والوساوس والرهاب الاجتماعي، كما أنها محسنة للمزاج وهي غير إدمانية وغير تعودية وخالية من الآثار الجانبية - بإذن الله تعالى - . وهذا العقار الذي أنصحك بتناوله يعرف تجارياً باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة حبة واحدة ليلاً لمدة شهر، ثم بعد ذلك أنصح لك بالجرعة العلاجية، وهي أن ترفعي الجرعة إلى حبتين في اليوم وتستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى حبة واحدة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر أخرى.
بتقييم نفسك على أسس جديدة وتحقير هذه الأعراض وتجاهلها، واستبدال الأفكار السلبية بأفكار إيجابية، وممارسة تمارين الاسترخاء، وتناول الدواء الذي وصفته لك والإكثار من الدعاء أن يرفع الله عنك هذه الأعراض، في رأيي إذا طبقت كل ذلك سوف تتمتعين بصحة نفسية ممتازة جدّاً.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وأسأل الله لك العافية والشفاء.
وبالله التوفيق.