مظاهر ومعاني اليقين
2009-01-22 08:52:44 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه: (اللهم أقسم لي من خشيتك ما تحول به بيني وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغني به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علي مصائب الدنيا)، فما هو اليقين؟ وكيف يحصل الإنسان اليقين حتى تهون عليه مصائب الدنيا؟!
وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يرزقك برد اليقين، وأن يجعلك من عباده الصالحين وأوليائه المقربين، وأن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يوفقنا وإياك لطاعته ورضاه، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن اليقين هو أحد درجات الإيمان الراقية، فكما ورد في حديث جبريل عليه السلام أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، ثم سأله عن الإيمان، ثم سأله عن الإحسان، فأجابه النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: (الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك).
ويعتبر كثير من أهل العلم أن هذه هي درجة اليقين، فاليقين هو التصديق الكامل الجازم الذي لا تردد فيه، بحيث لا يعرض له شك ولا شبهة ولا ريب بحال من الأحوال، وذلك فيما يتعلق برؤية الله وفي موعود الله وفي حسن الظن بالله، فكل ما أمر به الله وكل ما ورد في كلامه - جل جلاله سبحانه - أو كلام نبيه محمد - عليه صلوات ربي وسلامه - آخذه على أنه حق لا شك فيه ولا ريب، سواء كان هذا موعود الله في القرآن أو في السنة.
ومعنى ذلك التصديق بآيات الله سبحانه وتعالى والتصديق بالوعد والوعيد والجنة والنار، تصديقاً جازماً لا تردد فيه، وأن هذا الكلام لو تحول إلى واقع ما زاد على أن يكون في نفسي كالحالة التي أعيش عليها الآن.
وإذا أردت أن تكون من أهل اليقين أو أن يرزقك الله اليقين وأن تعرف ذلك من نفسك فلا تمسي ولا تُصبح وفي قلبك أحد أحب إليك من الله تعالى، فينبغي أن يكون محبوبك الأول والأعظم والأكبر إنما هو الله جل جلاله سبحانه، فهذه منزلة من أعلى منازل درجات اليقين، لأنك إن أحببت الله ضحيت من أجل مرضاته بكل ما تستطيع من وقت وجهد ومال وغير ذلك.
وأيضاً لا يكن أحد من المخلوقين أخوف عندك من الله، فتخشى الله وحده ولا تخشى أحداً سوى الله كائناً من كان، مهما كانت قوته ومهما كانت سطوته ومهما كان جاهه ومهما كان سلطانه، فأنت تؤمن يقيناً بأن هؤلاء كلهم إنما هم عباد سيدك ومولاك لا يملكون من الأمر شيء، وإنما كما قال مولانا: ((قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ))[آل عمران:154].
وكذلك أيضاً أن تكون مرتبطاً بالله عز وجل في كل أحوالك، فترجوه وحده لا ترجو غيره، وتؤمِّلُ فيه ولا تؤمِّل في أحد سواه، وتحبه من أعماق قلبك حبّاً أعظم من محبتك لنفسك ولنور عينيك وللناس أجمعين، وتراقبه ولا ترقب أحد سواه، فإذا منَّ الله عليك بذلك، فإنك ستصل إلى منزلة اليقين الذي هو الدرجة الراقية من درجات الولاية (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، نسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياك على الحق، وأن يهدينا جميعاً صراطه المستقيم، وأن يرزقنا وإياك حلاوة الإيمان، وأن يمنَّ علينا جميعاً ببرد اليقين.
وبالله التوفيق.