نصائح لفتاة تركت الالتزام والصلاة بعد أن كانت محافظة عليها

2009-08-16 20:52:41 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

أنا خائفة جداً، كنت أصلي وأقرأ القرآن ومؤمنة بربي، ولا أدري ماذا حصل لي! تركت الصلاة ولم أعد أقرأ القرآن ولم أفكر حتى أن أكمل صلاتي، زوجي يعرف بأني أصلي كل الصلوات، وعندما يسألني هل صليتِ؟ فأجيبه: طبعاً صليت، ماذا حصل لي؟ أين ذهب إيماني بالله؟ لا أعرف!


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سعاد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتقبل توبتك، وأن يردك إليه مرداً جميلاً، وأن يحبب إليك الإيمان، وأن يزينه في قلبك، وأن يكره إليك الكفر والفسوق والعصيان، وأن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فكما لا يخفى عليك من أن الحق تبارك وتعالى قد قال: ((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ))[الرعد:11]، ومعنى هذه الآية: أن العبد إذا كان على طاعة وعبادة واستقامة فإن الله تبارك وتعالى يحفظ عليه هذه النعمة، فإذا ما أحدث العبد أي نوع من التغيير كأن يكون قد ارتكب بعض المعاصي أو وقع في بعض المخالفات فإنه يعرض نفسه لغضب الله وعقابه؛ لأنه كما ورد: (ما من مصيبة تقع إلا بذنب، ولا تُرفع إلا بتوبة)، فأنت الآن كنت تقرئين القرآن وكنت تحافظين على الصلاة وكنت مؤمنة بالله تعالى، ولكن الذي حدث أنك تغيرت كلياً، تركت الصلاة ولم تعودي تقرئي القرآن، ولم تفكري حتى في إتمام صلاتك، مما اضطرك أن تكذبي على زوجك عندما يسألك: هل صليت؟ فتقولين: نعم.

إن هذا التغير لابد له من سبب؛ لأن الله تبارك وتعالى وضع هذه القاعدة في القرآن الكريم: ((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ))[الرعد:11]، وكما ذكرت لك أيضاً: (ما من مصيبة تقع إلا بذنب)، وأعتقد لا توجد هناك مصيبة أعظم من ترك الصلاة، يعني بعض الناس يعتبر المصيبة كالمرض أو فقد الولد أو الموت أو هكذا، ولكن حقيقة أعظم مصيبة أن يفقد الإنسان دينه، وأن يترك الإنسان صلاته، وأن يبتعد عن ربه.

فأنا أتمنى أن تنظري في نفسك، وأن تحاسبي نفسك، قطعاً ستجدين أن هناك سبباً، كأن تكوني ارتكبت ذنباً من الذنوب لا يعلمه إلا الله تعالى، فحرمك الله تبارك وتعالى هذه النعمة العظيمة التي كنت فيها، فأنا أرجو أن تحاسبي نفسك بارك الله فيك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والمعاصي، واعلموا أن العبد يُحرم الرزق بالذنب يصيبه وقد كان هُيئ له) فإذن لابد أن هناك شيئاً ما قد حدث بينك وبين الله، لعله ذنب خفي لا يعلمه إلا الله تعالى.
قطعاً لا يلزم أن يكون الذنب والعياذ بالله زناً أو فاحشة، قد يكون ذنباً آخر، بل قد تكون كلمة غيبة أو قد تكون نميمة، أو قد تكون كذباً على الزوج، أو قد يكون مثلاً شيء من هذه الأشياء وقعت أنت فيها، وكنت مصرة على ذلك، فعاقبك الله تبارك وتعالى بهذه العقوبة العظيمة والخطيرة جدّاً، وهي حرمانك من شرف الوقوف بين يديه، وحرمانك من قراءة القرآن الكريم.
فأتمنى أن تحاسبي نفسك محاسبة دقيقة، وأن تقومي بعمل جرد لأعمالك منذ أن بدأت في ترك الصلاة، قبل ذلك كنت بفضل الله تعالى تصلين وتقرئين القرآن، متى حدث هذا التغيير؟ حاولي أن ترجعي بذاكرتك إلى الوراء لتعرفي متى حدث التغيير، ثم حاولي أن تحللي الأسباب التي كانت في مثل هذا اليوم مثلاً، أنت كنت مثلاً تصلين العشاء ثم أصبحت ولم تصلي الصبح وبالتالي ضاع الظهر والعصر وضاعت الصلاة، لماذا؟ لابد أن يكون هنالك سبب، وأنا واثق أنك سوف تجدين سبباً أنت لعلك نسيته، لأنك تعلمين أن الإنسان ما سمي إنساناً إلا لنسيانه، فالإنسان ينسى، وكما قال الله تبارك وتعالى عن البشر: ((أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ))[المجادلة:6]، فمن الممكن أن تكوني قد نسيت هذا الذنب، وحرمت من هذه النعم، وكما أخبر الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم فلو نظرت معي أختي الكريمة لكل العقوبات التي ذكرها الله تبارك وتعالى وذكر أهلها، إنما كانت كلها بسبب المعاصي، بدءاً من أبينا آدم وأمنا حواء عليهم الصلاة والسلام إلى الآن، فآدم وحواء ما خرجا من الجنة إلا بسبب المعصية، وقوم نوح ما أهلكهم الله تعالى وأغرقهم جميعاً إلا بسبب المعاصي، وقوم عاد أيضاً ما أهلكهم الله تبارك وتعالى إلا بسبب معصيتهم لنبي الله هود عليه السلام، وقوم ثمود أيضاً ما أهلكهم الله تعالى إلا بسبب معصيتهم ومخالفتهم لأوامر الله تعالى وكلام نبيه صالح عليه السلام. وقصة أهل سبأ المذكورة في القرآن الكريم، الله ما عاقبهم إلا بسبب المعاصي، وكذلك قارون: ((إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى))[القصص:76]، فما خسف به وبداره الأرض إلا بسبب الكبر والغرور.

فلو نظرت معي بارك الله فيك في القرآن الكريم وفي سنة النبي المصطفى محمد عليه الصلاة والسلام لوجدت أن السبب الرئيسي في الحرمان من الطاعة والعبادة والأرزاق إنما هي المعاصي، فأنا أتمنى أن تكوني صادقة مع نفسك، وأن تبدئي في الرجوع إلى الوراء، إلى أول يوم بدأت فيه تتركي الصلاة، لماذا هذا الأمر؟
إن وجدت شيئاً فاستغفري الله تبارك وتعالى وتوبي إليه، وتوقفي عن هذا الذنب نهائياً، واعقدي العزم بارك الله فيك على ألا تعودي إليه، وخذي القرار أن ترجعي إلى الصلاة وستجدين الأمر سهلاً بإذن الله تعالى.

على فرض أنك لم تذكري ذنباً معيناً ماذا تفعلين؟ خذي القرار أيضاً بأنك تعودي وأن تلزمي نفسك بهذا الأمر، ولا مانع أن تخبري زوجك، بأن تقولي: (بأنني أمر بظروف صعبة، وأحياناً تفوتني بعض الصلوات فحاول أن تذكرني)، لا تستحي لأن هذا حق؛ لأن تارك الصلاة كافر والعياذ بالله رب العالمين، فالله تبارك وتعالى يقول: ((فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا))[مريم:59]، وابن عباس رضي الله تعالى عنهما يقول: (الغي وادٍ في جهنم تستجير جهنم من حره، أعده الله لتارك الصلاة والمتكاسل عنها)، والله تبارك وتعالى يقول: ((فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ))[الماعون:4-5]، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر).

فأنت الآن على خطر عظيم، لو توفاك الله تعالى فستذهبين إلى شيء لا يسرك ولا يرضيك، فخذي بارك الله فيك من الآن بمجرد قراءة هذه الاستشارة أن تصلي الفرض الذي أنت فيه، وبعد ذلك حاولي أن تقاومي؛ لأن الشيطان الآن يعتبرك من جنوده وحريص على أن تظلي تاركة للصلاة حتى تكوني من أهل النار معه والعياذ بالله، ولذلك احرصي على أن تأخذي القرار الجازم من داخلك أن تبدئي الصلاة، حتى ولو بالمحافظة على الفروض في المرحلة الأولى وترك النوافل، حتى تعودي إن شاء الله إلى دائرة إيمانك تصلي الفروض والنوافل.

كذلك القرآن الكريم إذا كنت تقرئين جزءاً يومياً، ابدئي في قراءة ولو صفحة واحدة، ثم اليوم الثاني صفحتين، وثلاثاً وأربعاً، حتى تعودي إلى ما كنت عليه.

أكثري من الاستغفار والتوبة، أكثري من الدعاء والإلحاح على الله أن الله يعيد إليك نعمة الصلاة والقرآن ونعمة الإيمان. فأنت على خطر عظيم، والآجال بيد الله والأعمار بيد الله، فتوبي إلى الله تعالى واستغفريه، وتعلقي بالله تعالى، وأبكي بين يدي الله وقولي: (يا رب أعدني إليك يا رب، يا رب أعدني وأعني على الرجوع إليك يا رب)، لأنك أنت الخاسرة، الله تبارك وتعالى يقول: (يا عبادي! إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني)، الله غني عن عبادتك، ولكننا نعبد الله تعالى حتى نكون أهلاً لرضوان الله والجنة، فنحن نعبد الله لمصلحة أنفسنا، كما أننا نأكل الطعام لمصلحة أنفسنا ونلبس الملابس لمصلحة أنفسنا، فنحن كذلك نصلي لمصلحة أنفسنا، وإلا فالله تبارك وتعالى غني عن العالمين جل جلاله.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، والهداية والرشاد، وأن يردك إليه مرداً جميلاً.
ويمكنك الاستفادة من الاستشارات التالية حول وسائل تقوية الإيمان: (244768237831 - 229490-17069-16751^).

هذا وبالله التوفيق.

www.islamweb.net