عند الاختلاء بنفسي أتكلم مع الجدران، ساعدوني.

2009-12-08 07:36:06 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

الله يعطيكم العافية على الموقع.

مشكلتي من العنوان واضحة، عندما أختلي مع نفسي أو أكون وحيدة دائماً أتكلم وأتخيل أن الجدران أناس أعرفهم وأناس ما عرفهم وأتحدث معهم وأصطنع أحداثاً وقصصاً.

أحياناً أرجع لصوابي وعقلي، وأبكي من حالتي هذه، مع أنني إنسانة متفهمة للحياة ودائماً أطمح أكون أفضل مما عليه أنا.

أحياناً أسيطر على نفسي لكن أحياناً يصير هذا جزءاً من حياتي.

أحياناً تلقائياً أكون كذا لحالي فجأة أكلم الجدران ويبدأ الكلام :(لكن طبعاً هذا شيء مع نفسي بدون صوت لكن تخيلات لا غير، وأقدر أضبط نفسي وأكون إنسانة طبيعية مع الناس والعالم الذي حولي).

وأنا من جد أشفق على حالتي كأني شخصان الإنسانة الحقيقة والإنسانة الوهمية.

ما أدري ما هو سر هذه الحالة عندي؟


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ Silent حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن من الوهلة الأولى قد تعطي رسالتك انطباعا بأنك تعانين من اضطراب ذهاني -أي عقلي- وأن مخاطبتك للجدران هي جزء من الهلاوس التي قد يصاب بها الذهانيون.

ولكن حقيقة حين تأملنا في الأمر وجدنا أن الذي تعانين منه هو مجرد حالة نفسية قلقية تتمثل في وجود وساوس قهرية بُنيت على شيء من أحلام اليقظة وليس أكثر من ذلك.

إذن أنا الآن أقول: حالتك هي حالة عصابية نفسية وليست حالة ذهانية، وأعني بذلك أنك مرتبطة بالواقع وأن حكمك على الأمور سليم وأنك مستبصرة، مما يعني أنك لا تعانين من أي مرض عقلي.

أرجو أن يكون ذلك بشارة وأمراً مشجعاً بالنسبة لك.

وللتخلص من هذه الظاهرة عليك أن تحقري الفكرة نفسها، الإنسان يجب أن لا يستسلم لكل ما يأتيه من فكر، وإذا كنا نأخذ أو نستسلم لأي فكر لكانت الأمور مختلطة جدّاً على كثير من الناس.

بالنسبة لأحلام اليقظة يعتقد العلماء أن وجودها بدرجة معقولة لا بأس بها، لأنها تجعل الخيال أكثر خصوبة، كما أنها تمثل المتنفس أو صمام الأمان الذي من خلاله تخرج وتذهب الطاقات النفسية والأفكار النفسية السالبة، ولكن قطعاً الاسترسال فيها واجترارها يعتبر خللاً نفسياً.

إذن أنت مطالبة بتحقير هذه الفكرة، بأن تعيشي نوعاً من النقاش الذاتي مع نفسك (لماذا أنا أتخيل أن الجدران أناسٌ، هذا ليس صحيحاً، أنا عاقلة، أنا لست مضطربة عقلياً، هذا نوع من الوساوس القهرية، ويجب أن أحقر هذه الفكرة).

التمرين الآخر -وهو تمرين سلوكي جيد جدّاً- إذا طبقته بصورة صحيحة سوف تجدين فيه فائدة كبيرة: حاولي أن تتخيلي أن الجدران بها أناس تعرفينهم، وبعد أن تتأملي وتتفكري قولي لنفسك: (قف قف قف) والقصد هنا كأنك تخاطبين أفكارك الوسواسية.

والتمرين الآخر هو: وأنت في لحظة التأمل والخيال المسترسل نحو الجدران قومي بالضرب على يدك بقوة وشدة حتى تحسين بالألم، يجب أن يكون الألم واضحاً ومنفراً ومقززاً.

علماء النفس وجدوا أن التزاوج والربط بين الشعورين المختلفين -أي الوساوس والألم- يؤدي إلى إضعاف (ضعف) الوسواس وأحلام اليقظة.

كرري هذا التمرين عشر مرات متتالية بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء، -وإن شاء الله- سوف تجدين فيه خيراً كثيراً.

العلاج الآخر هو العلاج الدوائي، وأعتقد أن العلاج الدوائي سوف يفيدك كثيراً، فهنالك دواء يعرف تجارياً باسم (فافرين Faverin) ويعرف علمياً باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine) يعتبر علاجاً مثالياً في مثل هذه الحالات، أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة خمسين مليجراماً ليلاً بعد الأكل، استمري على الجرعة لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى مائة مليجرام ليلاً لمدة ستة أشهر، وهذه هي الجرعة العلاجية، استمري عليها -كما ذكرت- لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى خمسين مليجراماً ليلاً لمدة ستة أشهر أخرى، ثم توقفي عن تناول الدواء.

الدواء من الأدوية السليمة ومن الأدوية الفعالة وغير الإدمانية ولا يؤثر مطلقاً على الهرمونات النسوية.

لا بد أن توجهي طاقاتك الجسدية والنفسية والوجدانية نحو نشاطات أخرى، فعليك بالتركيز على الدراسة، ومحاولة التميز، وكوني أكثر التزاماً بدينك وعقيدتك، وتلاوة القرآن الكريم بتدبر وتؤدة إن شاء الله تصرف عنك هذا السوء.

وختاماً أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

www.islamweb.net