الزوجة كثيرة المجادلة والمعتزة برأيها وكيفية التعامل معها
2009-01-18 09:43:34 | إسلام ويب
السؤال:
أنا متزوج، ولي طفلة من زوجتي، عيبها أنها تجادل كثيراً، وترى دائماً أنها على صواب، ما العمل فأنا أريد الحفاظ على بيت الزوجية من التفرقة؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يُسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله –تبارك وتعالى– أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يصلح لك زوجتك، وأن يعينها على التخلص من تلك العادة الذميمة، إنه جوادٌ كريم.
بخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل– من أن زوجتك عيبها أنها تجادل كثيراً، وترى دائماً أنها على صواب، فأقول: هذا مع الأسف الشديد إنما هو ثمرة من ثمار التربية الخاطئة، فإن زوجتك قطعاً رُبيت في بيئةٍ كانت هذه طبيعتها؛ لأن الجدل واعتقاد الإنسان أنه لا يُخطئ دائماً -مع الأسف- أمراض تنتقل إلينا من المحيط الأسري الأول الذي ننشأ فيه ونترعرع داخله.
هي حقيقة من المسائل العويصة فعلاً؛ لأن هذا الأمر الجدلي يقتنع صاحبه بأنه على الحق وأنه على صواب، وقد يُزين له الشيطان هذا الأمر، ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن الجدل، بل إن الله - تبارك وتعالى - حتى مع غير المسلمين يقول: ((وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ))[العنكبوت:46]، والنبي عليه الصلاة والسلام بين حال من ترك الجدال ولو كات محقاً، ويقول عليه الصلاة والسلام: (أنا زعيمٌ ببيتٍ بأعلى الجنة لمن ترك المراء -أي الجدال- ولو كان محقّاً).
إذن الجدال هذا أمر مهلك وأمر حقيقةً يؤدي إلى الضغينة والحقد والكراهية في النفوس؛ لأن الجدال ليس كالحوار، فهناك فرق ما بين الحوار والجدال، فالحوار يلتقي مع الجدال في أن كل واحد منهم عبارة عن حديث أو مناقشة بين طرفين، ولكنهما يفترقان في النتيجة، فالجدال هو اللذاذة في الخصومة وما يتصل بذلك، وتؤدي إلى التخاصم بالكلام ويؤدي إلى التعصب للقول، ويؤدي إلى اعتزاز الإنسان بنفسه، ولذلك نهانا الله -تبارك وتعالى– عنه، والنبي -عليه الصلاة والسلام– حذر منه، والجدل هو عبارة عن دفع المرء خصمه عن إفساد قوله بحجة أو شبهة أو يبين له أن كلامه غير صحيح، ولذلك أقول لك:
إن الجدل مذموم حقيقة، والمرأة التي تُبتلى بالجدال -أو الرجل الذي يبتلى بالجدال– إنها تكون امرأة مُزعجة لنفسها ولغيرها، لأنها دائماً عندما تتكلم تريد أن تُثبت صحة كلامها، وأن تثبت صحة اعتقادها، بل إنها قد يصل بها الأمر أنها قد تعادي الطرف الآخر حتى تثبت أنها أفضل وأن كلامها صواب، ولذلك تكون فعلاً كما ذكرت مزعجة للبيئة التي تكون فيها أو للمجتمع الذي تحيا فيه، وهو مرضٌ يتسلل إلى الإنسان منذ نعومة أظفاره من البيئة التي رُبي فيها؛ لأن من الملاحظ أن الولد الذي ينشأ في أسرة أصوات أهلها مرتفعة يكون صوته مرتفعاً، والذي ينشأ في بيئة أصوات أهلها منخفضة يكون صوته منخفضاً، والذي ينشأ في بيئة ليس عندهم هذا المكر أو الدهاء أو الخداع لا يعرف هذه الأمراض، أما الذي ينشأ في بيئة كلها كذب وكلها جدل وكلها خداع ونفاق يصبح أستإذن مخضرماً في هذه الأمراض كلها.
كذلك أيضاً زوجتك ضحية تربية خاطئة، هذه التربية كما ذكرت كانت تربية قائمة على الجدل، فكأنها تشربت هذه العادة الذميمة مع الأكل والشرب ومع الهواء الذي تستنشقه، ولذلك هي تحتاج إلى مساعدة لأنها مسكينة وتعتبر مريضة، فتحتاج إلى مساعدة وتحتاج إلى صبر، فأنا أقول:
أول شيء: أتمنى أن تصبر عليها.
ثانياً: أن تجتهد ألا تثير معها أي قضايا جانبية تؤدي بها لأن تدخل هذه المعركة، وحاول - بارك الله فيك – أن تدفعها من عملية الجدل، بمعنى إن تكلمت أن تكتفي بالكلمات الأولى ولا تضطرها إلى أن تكثر الحديث أو الكلام حتى لا تقع في الجدال الذي يجعلها تنتصر لنفسها ولو كان على حسابك أو على حساب ابنتها أو على حساب الحياة الزوجية بالكلية.
أتمنى أن تدعو لها أن يعافيها الله -تبارك وتعالى- من ذلك؛ لأنه -ومع الأسف- يخشى أن هذا المرض الشديد والداء العضال ينتقل منها إلى ابنتك؛ لأن البنت عندما تخرج وتجد أمها تجادل في كل صغيرة وكبيرة وتجادل بالحق وتجادل بالباطل وتجادل بالخير وتجادل بالشر فإنها سوف تكتسب تلك الصفة الذميمة وتُصبح مزعجة أيضاً لزوجها كما أنك منزعج الآن من زوجتك، ولذلك أتمنى أن تجتهد في الدعاء لها وأن تبين لها - بارك الله فيك – بعيداً عن ابنتك بأن هذا الجدل ما أثاره أحد إلا وكان مصيره الفشل، ولذلك حتى الشرع نهانا أن نجادل غير المسلمين إلا بالرفق وبالحسنى وألا يكون هدفنا الانتصار وإنما بيان الحق.
أتمنى -بارك الله فيك– إذا تيسر لك أن تقرأ كتاباً يتكلم عن الحوار والتفاهم ويتكلم كيف تحاور، ويوجد كتاب اسمه (ويبقى الحب ما بقي الحوار)، لعل الله - تبارك وتعالى - أن يكرمك وتجده وأنا لا أذكر مؤلفه، وإن كان مؤلفه عربياً لعله مصري أو سعودي، فتجده -إن شاء الله تعالى – في المكتبات الإسلامية، أو أي شيء يتكلم عن الحوار أو يتكلم عن أدب الحوار.
أتمنى أن تحضر هذه المادة وقد تدخل أيضاً على الإنترنت فتجد هذه الكتب أو هذه المواد موجودة في موقع البحث (جوجل) فتستطيع أن تستخرج هذه المواد وتحاول أن تتناقش فيها مع امرأتك، وأن تشعرها بأنك منزعج من هذه الصفة وأن هذه الصفة ذميمة وأنها قد تؤدي إلى انفصال الحياة الزوجية ويوقفها عن أداء دورها ورسالتها في الحياة، وأن هذه الصفة مع الأسف الشديد قد تنتقل إلى ابنتنا وقد تتعلم هذه الصفة وتصبح مزعجة أيضاً لكل من تتعامل معه.
أتمنى أن تُشعر زوجتك أولاً بخطورة ما تفعل، وأن تجعلها تعتقد هذا يقيناً حتى يكون لديها استعداد أن تقبل منك توجيهات أو نصائح أو تعليمات، وقل لها: (ما رأيك أن نحاول أن ندخل على موقع البحث جوجل مثلاً أو غيره لنكتب كلمة الجدال ونرى الآثار المترتبة عليها)، وتحاولون أن تتعرفوا مع بعض على الآثار المترتبة على هذه الصفة المذمومة، وما الفرق ما بين الجدال والحوار، ثم بعد ذلك كيفية التخلص من الجدال، والجدال المذموم والجدال المحمود، كل هذا من الممكن لو أقنعتها واستطعتم أن تدخلوا على أي موقع بحثي ستجدون كلاماً كثيراً جدّاً وتجدون طرقاً للتخلص من الجدال - بإذن الله تعالى – والمعافاة منه.
أسأل الله تعالى أن يعافي زوجتك من هذه الخصلة الذميمة وأن يرزقك الصبر عليها، كما أسأله -تبارك وتعالى- أن يوفقك للدعاء لها كثيراً أن يعافيها الله من ذلك لأنها مريضة؛ لأن هذا الجدل مرض نفسي يترتب عليه أن يُزعج الإنسان من يتعامل معه وألا يتنازل أبداً عن موقفه حتى وإن كان في ذلك خراب الديار وفناء الأعمار.
هذا وبالله التوفيق.