الحقائق العلمية في الاضطراب الوجداني الثنائي القطب وبيان درجاته
2009-12-20 09:07:18 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
د. محمد حفظك الله! أنا محتار: هل يوجد لدي اكتئاب ثنائي القطب أو مجرد اكتئاب فقط؟ والأعراض كما يلي:
ضيق، عدم استمتاع في الحياة، بكاء، تضخيم الأمور، أشعر بأن الحياة غريبة وبدون طعم، زيادة أو نقص في النوم، وكذلك عدم الرغبة الجنسية، والذي يزيدني حيرة أنه لا يضبط مزاجي ويريحه غير الليثيوم والسيروكويل، حيث آخذ بروزاك أو سيبرالكس أو سيمبالتا، ولا تفيدني كثيراً في رفع الاكتئاب إلا عند إضافة الدواءين السابقين مع أنه لا توجد لدي أي عوارض هوس إطلاقاً، ولكن فترة من الهدوء والراحة لمدة أربعة أيام ثم يعقبها فترة كآبة شديدة أربعة أيام تقريباً.. وهكذا.
ولقد جربت لامكتال وتجراتول وديباكين ولم تفد، فأرجو توضيح الأمر لي.
جزاك الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فحقيقة أشكرك على هذا السؤال الرائع والذي أحس فيه بمتعة علمية كبيرة، وأسأل الله لك الشفاء والصحة والعافية.
فإن هنالك كثيراً من النقاش وكثيراً من الجدل يدور حتى في المحافل العلمية حول تشخيص الاكتئاب النفسي، فهنالك حقيقة ثابتة وهي أن مريضاً ظهر لديه هوس -أي: ارتفاع وانشراح زائد في المزاج – هذا المريض معناه أنه يعاني من اضطراب وجداني ثنائي القطبية، بمعنى أنه سوف يكون عرضة للاكتئاب أيضاً، أو أن نوبات الاكتئاب تأتيه ولكنها بدرجة بسيطة جدّاً هو لا يشعر بها ولا يلحظها الآخرون. هذه حقيقة أولى.
والحقيقة الثانية: وهي أن مرض الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية قد يظل يظهر في شكل قطب واحد إما القطب الاكتئابي أو القطب الهوسي لسنين، والأغلب والذي نشاهده أكثر هو القطب الاكتئابي وليس القطب الهوسي، وهنالك أحد الأطباء النفسيين المعتبرين جدّاً ذكر أنه كان يتابع مريضاً لمدة ستة وعشرين عاماً وكان يعالجه من الاكتئاب النفسي، وبعد ستة وعشرين عاماً ظهرت لديه نوبة الهوس الأولى، وبالطبع هنا تم تغيير التشخيص إلى اضطراب وجداني ثنائي القطبية وليس اضطراباً وجدانياً أحادي القطبية.
الأمر الثالث: وهو الاستجابات الدوائية أيضاً ربما تساعد في التشخيص، بمعنى أن مثبتات المزاج هي مؤشر على أن الحالة التي يعاني منها الإنسان هي اضطراب وجداني ثنائي القطبية، مع إضافة معلومة مهمة جدّاً وهي أن أدوية الليثيم والسوركويل في حد ذاتها أيضاً لديها فعالية ضد الاكتئاب حتى من النوع أحادي القطبية، ولكنها لا يمكن أن تُعالج الاضطراب أحادي القطبية -أي: الاكتئاب ذو القطب المنفرد- لوحدها، لابد أن يضاف لها أدوية أخرى.
من هذا المنطلق أنا حقيقة أقول لك: إن الإجابة على سؤالك ليست سهلة، ولكن الذي أراه أن حالتك هي أقرب إلى الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية من الدرجة الثالثة أو الرابعة، وهذا مهم جدّاً؛ لأن الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية له الآن عدة محاور وعدة أنواع:
1) الاضطراب من الدرجة الأولى، وهنا تكون الحالة في شكل نوبات اكتئابية واضحة جدّاً، وكذلك نوبة هوس شديد تتطلب الدخول إلى المستشفى.
2) الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية من النوع الثاني، ربما تكون نوبات هوس موجودة وخفيفة، ولا تتطلب الدخول إلى المستشفى، وتظهر نوبات اكتئابية.
3) الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية من النوع الثالث، وهذا اضطراب يعالج كالاكتئاب غالباً بواسطة الأطباء، ولكن حين تُعطى الأدوية المضادة للاكتئاب يرتفع المزاج، وهذا النوع أيضاً له مشتق آخر وهو أن المريض لديه القطب الاكتئابي فقط، ولكن لديه تاريخ أسري قوي جدّاً للاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، وهذا ربما يجعله عُرضة لأن يظهر لديه القطب الهوسي في مرة من المرات.
4) والنوع الرابع اختلف العلماء فيه، ولكن البعض يرى أن الاستجابة لمثبتات المزاج هي دليل على أنه اضطراب من الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية ولكنه من النوع البسيط.
أنت ربما تكون في هذه المجموعة، وربما يكون اضطرابك أيضاً أحادي القطبية؛ لأن استجابتك للامكتال والدباكين لم تكن جيدة، واللامكتال والدباكين يعرف عنها أنها ليست لديها أي خاصية مضادة للاكتئاب، ولكنها فقط مثبتة للمزاج، أما الليثم وبالذات السوركويل فالخاصية لمقاومة الاكتئاب هي خاصية واضحة جدّاً.
عموماً: أرجو ألا تنزعج للأمر، والتداخل موجود في مثل هذه الحالات، وعليك الاستمرار على الدواء، والسوركويل حقيقة دواء بديع، أُدخل هذا الدواء في أول الأمر لعلاج مرض الفصام، ثم بعد ذلك اتضح أنه دواء ممتاز لعلاج الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، ثم بعد ذلك اتضح أنه علاج جيد جدّاً لعلاج الاكتئاب.
فيا أخي الكريم! أنا لا أريد أن أزيد من حيرتك، ولكني أقول لك: إن خلاصة الأمر هي الالتزام بالعلاج، وأنا أراك أقرب إلى الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية من النوع الخفيف، وأسأل الله لك الشفاء والعافية، وأشكرك كثيراً على تواصلك معنا في إسلام ويب.
وبالله التوفيق.