الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إلقاء ما فيه كلمة توافق القرآن، أو اسما من أسماء الأنبياء في المهملات.

السؤال

ما وافق لفظ القرآن الكريم من كلمات, أو ما وافق اسما من أسماء الأنبياء، من أسماء الأشخاص .
ما الحكم فيه من ناحية الدخول به إلى بيت الخلاء، أو إلقائه في مكان غير محترم كسلة المهملات وغيرها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمجرد موافقة اللفظ لكلمة من كلمات القرآن، أو الاسم لاسم من أسماء الأنبياء، لا يجعل لذلك حرمة الألفاظ والأسماء المعظمة في الشرع.

قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى: فإن القرآن وكل اسم معظم، كاسم الله أو اسم نبي له، يجب احترامه وتوقيره وتعظيمه. انتهى.

والمقصود بأسماء الأنبياء ما يفهم منه أنه لنبي، بحيث يقرن به من العبارات ما يدل على ذلك، كمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عيسى عليه الصلاة والسلام، أو موسى كليم الله ونحو ذلك.

أما مجرد اسم محمد أو عيسى أو موسى، فلا يأخذ هذا الحكم، كما هو ظاهر تقييد الشبرملسي بذلك، حيث قال في حاشيته على نهاية المحتاج للرملي: (قَوْلُهُ: اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ أَوْ اسْمٌ مُعَظَّمٌ كَأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ، حَيْثُ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَتِهِمْ عِنْدَ الِاشْتِرَاكِ فِيهِ، انتهي.

وقال الجمل في حاشيته على شرح منهج الطلاب للأنصاري: (قَوْلُهُ: كَاسْمِ نَبِيٍّ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَسُولًا، وَكَذَا الْمَلَائِكَةُ سَوَاءٌ عَامَّتُهُمْ وَخَاصَّتُهُمْ، وَكُلُّ اسْمٍ مُعَظَّمٍ مُخْتَصٍّ، أَوْ مُشْتَرَكٍ، وَقُصِدَ بِهِ الْمُعَظَّمُ، أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ بِهِ. انتهى.

وإذا كان المكتوب مما لا يعظمه الشرع ككتب السحر والفلسفة، فإن أهل العلم قد اختلفوا فيما إذا كان يجب تعظيمه أو لا يجب...

جاء في الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز الاستنجاء بمحترم كالكتب التي فيها ذكر الله تعالى ككتب الحديث والفقه؛ لحرمة الحروف، ولما في ذلك من هتك الشريعة والاستخفاف بحرمتها، واختلفوا في الكتب غير المحترمة ومثلوا لها بكتب السحر والفلسفة، وبالتوراة والإنجيل إذا علم تبدلهما..

فذهب المالكية إلى أنه لا يجوز الاستنجاء بهذه الكتب؛ لحرمة الحروف..

وذهب الشافعية إلى أن غير المحترم من الكتب ككتب الفلسفة، وكذا التوراة والإنجيل إذا علم تبدلهما وخلوهما عن اسم معظم، فإنه يجوز الاستنجاء به.

وقال ابن عابدين من الحنفية: نقلوا عندنا أن للحروف حرمة ولو مقطعة. انتهى.

وقال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: قال الشيخ إبراهيم اللقاني: محل كون الحروف لها حرمة إذا كانت مكتوبة بالعربي، وإلا فلا حرمة لها إلا إذا كان المكتوب بها من أسماء الله، وقال عج: الحروف لها حرمة، سواء كتبت بالعربي أو بغيره، وهو ما يفيده ح وفتوى الناصر، قال شيخنا وهو المعتمد. انتهى.

والمالكية يرمزون بعج لعلي الأجهوري.

وبناء على ذلك، فالأحوط تجنب وضع تلك الكلمات والأسماء في سلة المهملات؛ مراعاة لمن يقول بحرمة الحروف، وأما مجرد دخول الخلاء بها فلا نرى فيه بأساً.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني