الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من وهب لها والدها مالا فردته ثم وجدته محفوظا لها بعد وفاته، هل عليها زكاته؟

السؤال

جزاكم الله خيرا على هذا الإنجاز، سؤالي يتعلق بالزكاة، كنت مخطوبة نهاية سنة 2004 وتم الاتفاق بين العائلتين على أن يتم الزفاف في صيف 2006، وبنهاية 2005 بدأت أجهز جهاز العروس، وكنت عاملة لكن أجري قليل جدا، وطبعا والدي ـ رحمه الله ـ هو من يتكفل بالمصاريف، فقررت أن أبدأ بشراء الأمور الرخيصة الثمن من أجرتي الشهرية والتي يمكنني استعمالها حتى وإن لم يتم الزفاف، وقدم لي والدي مبلغا قدره 50,000 دينار، لكنني قررت عدم استعمال هذا المبلغ إلا عندما يحين وقت شراء الأشياء الباهظة مثل الفراش والزرابي، لكن مع الوقت ظهرت بوادر تشير إلى أن الزفاف لن يتم، فأرجعت المبلغ لوالدي لكنه رفض أخذه قائلا إنه حتى وإن تم فسخ الخطبة من هذا الشاب سيكتب الله لك غيره وتستعملين هذا المبلغ لتحضير جهازك للزواج من رجل آخر، لكنني أصررت وقلت له: حين يأتي ذلك الوقت سنرى ما نفعل، ثم فعلا لم يتم الزواج ثم توفي والدي سنة 2008، وعندما قمنا بفتح حقيبته وجدنا ذلك المبلغ على حالته، وأخبرتني أمي أن هذا المبلغ لا يزال لي، وأن والدي تركه هكذا ليعطيني إياه في زواجي متى كتب الله لي الزواج، خاصة أنه كان قد قدم مبالغ لإخوتي ليساعدهم في تكاليف زواجهم، رغم أنهم كانوا عاملين، فأخذت ذلك المبلغ وتركته جانبا في المنزل إلى اليوم، وقررت ألا أستعمله إلا للزواج كما شاء والدي، وإنني لم أتزوج بعد، وقد تحسنت حالتي المادية ـ والحمد لله ـ بعد توظيفي وادخاري في حساب بنكي، لكنني لم أكن آخذ هذا المبلغ في الحسبان لحساب مبلغ الزكاة، فلم أكن أعلم إن كان ملكا لي محفوظا عند والدي؟ أم أنه يعتبر تركة يجب اقتسامها مع أمي وإخوتي؟ كما أنني أعلم أن أمي وإخوتي سيرفضون اقتسام هذا المبلغ؛ لعلمهم أن والدي قد أعطاه لي وقت كنت مخطوبة وأبقاه لي حتى بعد فسخ الخطوبة، فهل يستوجب علي جمعه مع باقي أموالي الموجودة في الحساب البنكي لتقدير مبلغ النصاب؟ وبالتالي هل يستوجب أن أخرج منه مبلغ الزكاة هو وحده في حين أنه مضت عليه سنوات لم أكن أحتسبه وتأخر بذلك وقت الزكاة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن المبلغ المذكور ليس ملكا خاصا بك ما دمت قد أرجعته للوالد، فالهبة لا بد لصحتها من الحوز، وإرجاعها يبطل حوزها،

وكونه أعطى مثلها من قبل لإخوانك لا يترتب عليه شيء هنا، وهو غير آثم بما فعل إن كان لتفضيله لهم سبب معتبر شرعا؛ كمساعدتهم في الزواج وما شابه...

وعليه؛ فإن الواجب تقسيم هذا المال على الورثة بحسب أنصبائهم المقررة لهم في الشرع، إلا إذا تنازلوا لك عنه فيصير ملكا لك حينئذ، وتجب عليك فيه الزكاة بعد مرور سنة هجرية عليه من وقت تنازلهم، إن بلغ نصابا بنفسه أو بما عندك من نقود أو عروض تجارة.

وفي حال عدم تنازلهم فينظر إلى حصتك أنت من هذا المال، وكذا باقي الورثة، فمن كان نصيبه في ذلك المال يبلغ نصابا بنفسه أو بإضافته إلى ما يملكه من نقود أخرى أو عروض للتجارة فإنه يزكيه عند قبضه عن جميع الأعوام الماضية، جاء في مطالب أولي النهى: (وتلزم) الزكاة (مالك نصاب، ولو) كان النصاب (مغصوبا) بيد غاصب أو من انتقل إليه منه أو تالفا، لأنه يجوز التصرف فيه بالإبراء والحوالة، أشبه الدين، فيزكيه ربه إذا قبضه لما مضى... إلى أن قال: (أو) كان موروثا وجهل (عند من هو) بأن علم موت مورثه, ولم يعلم أين مورثه، (ونحوه) كموهوب قبل قبضه, (ويزكي ما مر) من مغصوب , وما عطف عليه (إذا قدر) ربه (عليه). اهـ
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني