الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام المضاربة الفاسدة والشرعية، وحساب وإخراج الزكاة

السؤال

استثمرت مبلغ خمسين ألف جنيه في مشروع لدى صديق مقابل عائد شهري لي أنفقه في متطلبات الأسرة الشهرية، وعند الحول أخرج الزكاة الشرعية عن الخمسين ألفًا هذه حسب الشرع 2,5%. فهل هذا جائز؟ أم أخرج 10% شهريًّا حسب قيمة الربح الشهري والذي ينفق تمامًا خلال الشهر؟
أم أنتظر للحول وأخرج 10% من إجمالي الأرباح الشهرية التي حصلت عليها خلال العام، والتي في العادة عند الحول لا يتوفر منها شيء؟
أفيدوني، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا كان المقصود أنك دفعت مالًا لصديقك لأجل الاستثمار, واشترطت عليه أن يدفع لك مبلغًا معينًا كل شهر, فهذا العقد من قبيل المضاربة الفاسدة, كما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 160113. والواجب فسخ هذه المعاملة، والتوبة إلى الله منها، وتستحق أنت رأس مالك مع الربح, ويستحق صديقك أجرة مثله يجتهد في تقديرها أهل الخبرة في هذا المجال؛ قال في المغني: أن الربح جميعه لرب المال؛ لأنه نماء ماله، وإنما يستحق العامل بالشرط، فإذا فسدت المضاربة فسد الشرط، فلم يستحق منه شيئًا، ولكن له أجر مثله. نص عليه أحمد, وهو مذهب الشافعي. انتهى.

وفي بدائع الصنائع للكاساني: وأما حكم المضاربة الفاسدة ... وإنما له أجر مثل عمله سواء كان في المضاربة ربح أو لم يكن. انتهى.

وهناك قول لبعض أهل العلم يفيد أن صديقك يستحق ربح مثله بدل أجرة المثل, وهذا القول رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية, كما جاء في الفتوى المحال عليها سابقًا.

وزكاة رأس المال واجبة عليك كل سنة, وقد كنت تخرجها كما ذكرت, أما ما تأخذه شهريًّا من الربح, ثم تنفقه في حاجاتك, فلا زكاة فيه, إلا إذا كنت تنفقه بعد حلول الحول, فإنك تزكيه مع رأس المال؛ لأنه تابع له, كما سبق في الفتوى رقم: 35949.

أما إذا كنت قد دفعت مالك لصديقك ليعمل فيه ويستثمره على أن يدفع إليك نسبة من الربح إن وجد، وغير ضامن لرأس المال إن حصلت خسارة، فهذه مضاربة شرعية صحيحة. والفرق بينها وبين الصورة الأولى كون رأس المال مضمونًا في الأولى غير مضمون في الثانية. وكذلك العائد الشهري في الأولى عائد ثابت، وأما في الثانية فهو نسبة من الربح (نصف أو ثلث أو غيرهما)، ولك بحسبها قلة وكثرة، وهكذا ...
وبخصوص زكاة المضاربة الصحيحة: فإنها تكون كل سنة، وقد اختلف أهل العلم في الذي تكون عليه، هل هو رب المال أم أنها تكون في الربح؟ وقد رجح بعض أهل العلم أنها تكون في الربح، كما سبق في الفتوى رقم: 115620 وهي بعنوان: زكاة مال المضاربة تكون في الربح.

وعلى هذا القول؛ فإنك في المضاربة الصحيحة لست ملزمًا بإخراج زكاة مالك على النحو الذي كنت تفعله، بل تخرج من مال المضاربة كل سنة، ثم إن بقي بعدها ربح فإنه يكون بينك وبين عامل المضاربة بحسب النسبة التي اتفقتما عليها عند عقد المضاربة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني