الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القرآن كلام الله قديم النوع، حادث الآحاد

السؤال

قرأت في منظومة السفاريني، أن القرآن كلام الله القديم. قالها في شرحه مرارا، وقرأت في شرح السنة للالكائي أنه قال إن القرآن صفة من صفات ذاته، لم يزل به متكلما، ومن قال غير هذا، فهو كافر. وقرأت فيه قول وكيع أنه قال: من قال إن القرآن مخلوق، فقد زعم أن القرآن محدث، ومن زعم أن القرآن محدث فقد كفر. وكذلك كفر المواهبي والداني، وابن حمدان من زعم أن القرآن مخلوق، أو حادث، أو محدث، أو شك أو توقف في ذلك؛ لهذا بدأت أعتقد أن القرآن كلام الله القديم غير مخلوق، ولا محدث، ولا حادث، والقرآن من صفات ذاته، لم يزل به متكلما، حتى لا أقع في الكفر -والعياذ بالله- ولكني في نفس الوقت أعتقد أن الله يتكلم متى شاء، إذا شاء، وأن كلامه قديم، مع أنه يتكلم بمشيئته وقدرته. أنا لا أنكر هذا، ولكني أقول في نفس الوقت بقول اللالكائي والسفاريني؛ لهذا أعتقد أن القرآن قديم(حروفه ومعانيه) وأنه كلام الله القديم غير محدث، ولا حادث، ولا مخلوق، وهو كلامه صفة ذاته، لم يزل به متكلما، أعتقد هذا حتى أسلم من الكفر والعياذ بالله.
فهل فهمي كله صحيح؟ وهل عقيدتي كلها وقولي صحيح لا شيء علي فيه إطلاقا، ولست واقعا في كفر أو بدعة؛ لأني أخاف كثيرا أن أقع في كفر أو بدعة، لا سيما أني موسوس؟
إذا كنت أسأت فهم نصوص العلماء، ففسروها لي، وبينوا لي قصدهم؛ لأفهمها فهما صحيحا.
أرجوكم أن توضحوا لي هل عقيدتي المذكورة صحيحة، ولم أقع في كفر ولا بدعة؟ وهل لا شيء علي؟
بينوا لي، وانصحوني، وبينوا لي ما هو الصحيح الذي يجب أن أعتقده؛ لأنجو من الكفر، والشرك، والبدعة.
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فليس هذا السؤال إلا من أثر الوسوسة، التي إن تبعها صاحبها أفسدت عليه فكره، وكدَّرت عليه حياته! وقد سبق أن أجبنا الأخ السائل مرارا عن موضوع سؤاله هذا بما يكفي ويزيد، ولذلك لا نرى أن زيادة التفصيل تنفعه، بل قد تضره، وحسبه أن يرجع إلى جواب أحد أسئلته السابقة، ويعيد النظر فيه دون تكلف ولا تعمق، كالفتوى رقم: 324118 وما أحيل عليه فيها. وكالفتوى رقم: 54133 التي بيَّنا فيها أن كلام الله تعالى قديم النوع، حادث الآحاد. وكالفتوى رقم: 132146 التي نبهنا فيها على أن وصف كلام الله تعالى بالقديم يعني أنه غير مخلوق، وأن المراد بالقدم جنس الكلام لا آحاده، فلم يزل عز وجل متكلما متى شاء بما شاء.
وهنا ننبه السائل على أن الخوف من الوقوع في الكفر والبدعة وإن كان أمرا محمودا، إلا إنه إذا خرج عن حد الاعتدال والتوسط يضر صاحبه ويوقعه في الحرج، ويصير مذموما، والوسوسة في المسائل الدقيقة أمرها صعب، ولذلك فإذا وجد السائل في نفسه ضعفا وتأثرا بالوسوسة، فعليه أن يكتفي بالإجمال في هذه المسألة، وحسبه أن يعتقد ما كان يعتقده الصحابة الكرام، والسلف الأُوَل من أن القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق، وأنه سبحانه يتكلم بما شاء، متى شاء. ثم يتوجه بعد ذلك بكل همته للانتفاع بالقرآن الكريم وهدايته وأحكامه، وذلك بتدبره، والعمل به، والدعوة إليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني