الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كفارة سبق اللسان باليمين والحلف على أمر ماض كذبًا

السؤال

أنا منذ فترة أعاني من شكٍّ في بعض الأمور في الصلاة، فأنسى مثلًا كم ركعة صليت، وأشك إذا سجدت، أو قرأت الفاتحة، وأسترجع أشياء صارت معي، وفي إحدى المرات كنت غاضبة من عدم ترتيب إخوتي لغرفتهم، فقلت: والله، لن أرتبها أبدًا، ولا أذكر إذا قلت: لن أرتبها أبدًا، أو لا أدخلها أبدًا، وبعد ذلك رتبتها، ودخلتها، ولا أدري كم مرة؛ لأن القصة منذ زمن.
وفي إحدى المرات كنا نتناقش أنا وزوجي، وكانت الطبخة على الغاز، وقلت له: إذا لم تقل هذه الكلمة، فسأترك الطبخ، وأتممت الطبخ بعدها.
وفي إحدى المرات كنت أحمل ابنتي وهي تبكي، وفي لحظة غضب قلت لها: إن لم تسكتي، فسأضربك، من غير قصد، وسكتت بعد فترة، ولا أدري قدر المدة التي سكتت بعدها.
وأخي كان يبول على نفسه، فقلت له: إذا كررتها، فوالله العظيم، سأضربك، دون قصد، فهل يلزمني الكفارة عن جميع ما ذكرت؟
وذات يوم كنت غاضبة بسبب مشكلة في البيت، وحلفت، ولا أذكر صيغة الحلف بالضبط، فماذا أفعل؟
ومنذ تسعة شهور كانت هناك مشاحنات بيني وبين صديقتي، وكنا في لحظة غضب، وكانت تعاتبني على أشياء فعلتها، ولكنني لم أذكر إذا كنت قد حلفت كذبًا، أم لا، ويتهيأ لي أنني حلفت، ولكني غير قادرة على الجزم، فهل تلزمني الكفارة لكل ما سبق؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة، والسلام، على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما ما يعرض لك من الشكوك، فعليك أن تتجاهليها، ولا تبالي بها، ولا تعيريها اهتمامًا، فإنها من الوساوس، التي لا علاج لها سوى تجاهلها، والإعراض عنها، وانظري الفتوى: 51601.

وأما ما ذكرته من الوقائع: فمنه ما ليس بيمين أصًلا، وهذا لا شيء فيه، وذلك كالصورة الثانية، والثالثة، المسؤول عنهما.

وأما ما كان منه يمينًا:

فإن كانت تلك اليمين صدرت عنك من غير قصد، بل غلبةً وسبقًا على لسانك، دون عقد لها بقلبك، فلا يلزمك تجاهها شيء؛ فإن هذه يمين لغو، لا تلزم فيها كفارة، وذلك كالصورة الرابعة المسؤول عنها، وربما كانت الصورة الأولى من هذا الباب كذلك، فإن كانت صدرت منك عن غير قصد، فلا شيء علي.

وكذا ما كان على أمر ماض، فلا كفارة فيه، عند الجمهور؛ حتى وإن كنت كاذبة، ولكن تلزمك التوبة، إن تعمدت الكذب.

وأما ما قصدت عقده بقلبك من الأيمان، فهو الذي تلزمك فيه الكفارة، إذا حنثت.

وإذا شككت في انعقاد اليمين، فالأصل عدم انعقادها، ومن ثم؛ فلا يلزمك شيء.

وإذا تيقنت انعقادها، فعليك الكفارة لكل يمين حنثت فيه، عند الجمهور، وعند الحنابلة تجزئك كفارة واحدة لجميع تلك الأيمان، ولك أن تعملي بهذا القول؛ دفعًا للمشقة، وانظري الفتوى: 134759.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني