الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من رمى صيدًا ووجده حيًّا حياة مستقرة، وشروط حِلّ الصيد

السؤال

إذا أردت أن أصيد طيرًا بالبندقية، أو أذبح طيرًا، أو ما أشبه ذلك، فهل هناك نية أنويها، أم لا توجد نية؟ وإذا أصبت طيرًا، ووجدته حيًّا، فهل أسمّي عليه مرة أخرى، وأذبحه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يجب عليك أن تنوي أنك تصيد لله، أو تذبح لله، وإنما يشترط ألا تهلّ بذبحك وصيدك لغير الله تعالى، وأن تذكر اسم الله على صيدك أو ذبيحتك، وانظر الفتوى: 74712.

وقد ذكر الفقهاء أن الصيد يحلّ بشروط أربعة، هي:

أن يكون الصائد ممن يحلّ صيده، وهو: المسلم، والكتابي.

وأن تكون الآلة التي يصيد بها -إن كان يصيد بآلة- محدّدة، بحيث تنهر الدم، وتقتل بحدّها، لا بعرضها، وإن اصطاد بجارحة، فشرطها أن تكون معلّمة.

والشرط الثالث: أن يقصد الصيد عند رميه، فلو رمى عابثًا، أو لا يريد صيدًا، فأصاب صيدًا، لم يحلّ.

والشرط الرابع: أن يذكر اسم الله عند إرسال سهمه، أو جارحته.

واختلفوا فيما إذا نسي التسمية، والجمهور على أنه يحلّ، خلافًا للحنابلة.

فإذا توفرت الشروط الأربعة المذكورة؛ حلّ الصيد، ولو لم ينوِ أنه يتقرّب به إلى الله تعالى.

وإذا رميت صيدًا، ثم وجدته حيًّا حياة مستقرة؛ فيجب عليك أن تذكيه.

وأما إن وجدته حيًّا حياة غير مستقرة، أو لم يتسع الوقت لتذكيته؛ فإنه يحلّ بمجرد صيده، قال البهوتي في شرح الإقناع: (فَصْلٌ وَإِنْ أَدْرَكَ الصَّيْدِ، وَفِيهِ حَيَاةٌ غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ، بَلْ) وَجَدَهُ (مُتَحَرِّكًا كَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، فَهُوَ كَالْمَيْتَةِ، لَا يَحْتَاجُ إلَى ذَكَاةٍ) لِأَنَّ عَقْرَهُ ذَكَاةٌ لَهُ، فَيَحِلُّ بِالشُّرُوطِ الْأَرْبَعَةِ الْآتِيَةِ (وَكَذَا لَوْ كَانَ) لِلصَّيْدِ (فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَوْقَ حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، وَلَكِنْ لَمْ يَتَّسِعْ الْوَقْتُ لِتَذْكِيَتِهِ) فَيَحِلُّ بِالشُّرُوطِ الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّهُ بِعَدَمِ الِاتِّسَاعِ لِتَذْكِيَتِهِ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَذْكِيَتِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَجَدَهُ مَيِّتًا (وَإِنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لَهَا) أَيْ: لِتَذْكِيَتِهِ (لَمْ يُبَحْ) الصَّيْدُ (إلَّا بِهَا) أَيْ: بِتَذْكِيَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ، أَشْبَهَ سَائِرَ مَا قُدِرَ عَلَى ذَكَاتِهِ (وَإِنْ خَشِيَ مَوْتَهُ، وَلَمْ يَجِدْ مَا يُذَكِّيهِ بِهِ؛ لَمْ يُبَحْ أَيْضًا) لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ لَا يُبَاحُ بِغَيْرِ التَّذْكِيَةِ، إذَا كَانَ مَعَهُ آلَةُ الذَّكَاةِ، فَلَمْ يُبَحْ بِغَيْرِ التَّذْكِيَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ مَعَهُ آلَةُ الذَّكَاةِ، كَسَائِرِ الْمَقْدُورِ عَلَى تَذْكِيَتِهِ. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني