[ ص: 168 ] ( 9 ) باب ما يجوز من النفقة في القراض

1369 - قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا إنه إذا كان [ ص: 169 ] المال كثيرا يحمل النفقة ، فإذا شخص فيه العامل ، فإن له أن يأكل منه ويكتسي بالمعروف من قدر المال ويستأجر من المال إذا كان كثيرا لا يقوى عليه بعض من يكفيه بعض مؤونته ، ومن الأعمال أعمال لا يعملها الذي يأخذ المال ، وليس مثله يعملها ، من ذلك تقاضي الدين ونقل المتاع وشده وأشباه ذلك ، فله أن يستأجر من المال من يكفيه ذلك وليس للمقارض [ ص: 170 ] أن يستنفق من المال ، ولا يكتسي منه ، ما كان مقيما في أهله إنما يجوز له النفقة إذا شخص في المال وكان المال يحمل النفقة ، فإن كان إنما يتجر في المال في البلد الذي هو به مقيم ، فلا نفقة له من المال ولا كسوة . قال مالك ، في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا ، فخرج به وبمال نفسه ، قال : يجعل النفقة من القراض ومن ماله ، على قدر حصص المال .

[ ص: 168 ] ( 9 ) بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ النَّفَقَةِ فِي الْقِرَاضِ

1369 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا إِنَّهُ إِذَا كَانَ [ ص: 169 ] الْمَالُ كَثِيرًا يَحْمِلُ النَّفَقَةَ ، فَإِذَا شَخَصَ فِيهِ الْعَامِلُ ، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ وَيَكْتَسِيَ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ قَدْرَ الْمَالِ وَيَسْتَأْجِرَ مِنَ الْمَالِ إِذَا كَانَ كَثِيرًا لَا يَقْوَى عَلَيْهِ بَعْضَ مَنْ يَكْفِيهِ بَعْضَ مَؤُونَتِهِ ، وَمِنَ الْأَعْمَالِ أَعْمَالٌ لَا يَعْمَلُهَا الَّذِي يَأْخُذُ الْمَالَ ، وَلَيْسَ مِثْلُهُ يَعْمَلُهَا ، مِنْ ذَلِكَ تَقَاضِي الدَّيْنِ وَنَقْلُ الْمَتَاعِ وَشَدُّهُ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ ، فَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنَ الْمَالِ مَنْ يَكْفِيهِ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْمُقَارِضِ [ ص: 170 ] أَنْ يَسْتَنْفِقَ مِنَ الْمَالِ ، وَلَا يَكْتَسِيَ مِنْهُ ، مَا كَانَ مُقِيمًا فِي أَهْلِهِ إِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ النَّفَقَةُ إِذَا شَخَصَ فِي الْمَالِ وَكَانَ الْمَالُ يَحْمِلُ النَّفَقَةُ ، فَإِنْ كَانَ إِنَّمَا يَتَّجِرُ فِي الْمَالِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ بِهِ مُقِيمٌ ، فَلَا نَفَقَةَ لَهُ مِنَ الْمَالِ وَلَا كِسْوَةَ . قَالَ مَالِكٌ ، فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا ، فَخَرَجَ بِهِ وَبِمَالِ نَفْسِهِ ، قَالَ : يَجْعَلُ النَّفَقَةَ مِنَ الْقِرَاضِ وَمِنْ مَالِهِ ، عَلَى قَدْرِ حِصَصِ الْمَالِ .

التالي السابق

الشرح

30923 م - قَالَ أَبُو عُمَرَ : قَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى هَذَا الْبَابِ فِي دَرَجِ غَيْرِهِ ، وَلَا بُدَّ مِنْ إِعَادَةِ بَعْضِ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ ، لِيَكُونَ الْمَعْنَى الْمُرَادُ قَائِمًا فِي الْبَابِ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ .

30924 - اتَّفَقَ مَالِكٌ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَصْحَابُهُمَا أَنَّ الْعَامِلَ بِالْقِرَاضِ يُنْفِقُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ عَلَى نَفْسِهِ إِذَا سَافَرَ ، وَلَا يُنْفِقُ إِذَا كَانَ حَاضِرًا .

30925 - وَقَالَ الثَّوْرِيُّ : يُنْفِقُ فِي ذَهَابِهِ فِي سِفْرِهِ وَمُقَامِهِ ، وَلَا يُنْفِقُ رَاجِعًا .

30926 - وَقَالَ اللَّيْثُ : يَتَغَدَّى فِي الْمِصْرِ وَلَا يَتَعَشَّى .

30927 - وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا يُنْفِقُ فِي سِفْرٍ وَلَا حَضَرٍ إِلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ .

30928 - وَقَالَ أَصْحَابُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ :

( أَحَدُهَا ) : هَذَا .

[ ص: 170 ] ( وَالْآخَرُ ) : مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ .

( وَالثَّالِثُ ) : يُنْفِقُ فِي الْمِصْرِ بِمِقْدَارِ مَا بَيْنَ نَفَقَةِ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ .

30929 - وَلَهُمْ فِي فَرْضِ النَّفَقَةِ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ لَا يُنْفِقُ حَتَّى يُفْرَضَ لَهُ بِاتِّفَاقٍ لَهُ ، وَمِنْ رَبِّ الْمَالِ .

وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَا يُفْرَضُ لَهُ ، وَيُنْفِقُ هُوَ .

30930 - وَأَمَّا التَّابِعُونَ ; فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ الْمُضَارِبَ لَا يَأْكُلُ شَيْئًا مِنَ الْمَالِ ، وَإِنْ أَكَلَ أَوْ أَنْفَقَ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ .

30931 - ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، وَغَيْرُهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ .

30932 - وَذَكَرَ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ أَشْعَثَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : يَأْكُلُ وَيَلْبَسُ بِالْمَعْرُوفِ .

30933 - وَعَنِ الرَّبِيعِ ، عَنِ الْحَسَنِ مِثْلُهُ .

30923 م - قال أبو عمر : قد تقدم معنى هذا الباب في درج غيره ، ولا بد من إعادة بعض ما للعلماء فيه ، ليكون المعنى المراد قائما في الباب ، إن شاء الله عز وجل .

30924 - اتفق مالك ، وأبو حنيفة ، وأصحابهما أن العامل بالقراض ينفق من مال القراض على نفسه إذا سافر ، ولا ينفق إذا كان حاضرا .

30925 - وقال الثوري : ينفق في ذهابه في سفره ومقامه ، ولا ينفق راجعا .

30926 - وقال الليث : يتغدى في المصر ولا يتعشى .

30927 - وقال الشافعي : لا ينفق في سفر ولا حضر إلا بإذن رب المال .

30928 - وقال أصحابه في المسألة ثلاثة أقاويل :

( أحدها ) : هذا .

[ ص: 170 ] ( والآخر ) : مثل قول مالك .

( والثالث ) : ينفق في المصر بمقدار ما بين نفقة السفر والحضر .

30929 - ولهم في فرض النفقة قولان : أحدهما : أنه لا ينفق حتى يفرض له باتفاق له ، ومن رب المال .

والثاني : أنه لا يفرض له ، وينفق هو .

30930 - وأما التابعون ; فروي عن ابن سيرين أن المضارب لا يأكل شيئا من المال ، وإن أكل أو أنفق فهو دين عليه .

30931 - ذكره عبد الرزاق ، وغيره عن الثوري ، عن هشام ، عن ابن سيرين .

30932 - وذكر الثوري ، عن أشعث ، عن إبراهيم قال : يأكل ويلبس بالمعروف .

30933 - وعن الربيع ، عن الحسن مثله .