الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                    معلومات الكتاب

                    استشراف المستقبل في الحديث النبوي

                    الدكتور / إلياس بلكا

                    تقديم

                    عمر عبيد حسنة

                    الحمد لله الذي امتن علينا بهداية الوحي، الذي يشكل دليل الحياة ويحدد مقاصدها، ومنحنا العقل المؤهل للنظر والملاحظة والتفكير والمقارنة والمقاربة والمقايسة والاستقراء والاستنتاج، منحنا الذاكرة؛ مخزن المعلومات ومستودع الذكريات، وأودع فيها القدرة على استرجاع الماضي وقت الطلب، كما منحنا الذكاء، وأودع فيه القدرة على تحليل الماضي وقراءته، واستخلاص عبرته للإفادة منها في الحاضر وحسن النظر والتقدير لأبعاد المستقبل، ووضع العقل المستضيئ بهداية الوحي في فضاء لا نهاية له، ودعاه إلى النظر والتفكير والتبصر في هـذا الفضاء الكبير من عالم الأنفس والآفاق؛ ابتداء من الدعوة إلى التفكير بكيف بدأ الخلق؟ وارتقاء حتى ينشئ الله النشأة الآخرة،

                    فقال تعالى: ( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة ) (العنكبوت:20) .

                    فالتوغل في التاريخ، وقراءة دروسه وعبره منذ بدء الخليقة وحتى نهايتها؛ حتى النشأة الآخرة هـو أمر من الله سبحانه وتعالى ، والنظر والتفكير هـو عبادة وطاعة لله، وميدان ذلك ووعاؤه هـو تاريخ الحياة والأحياء، [ ص: 5 ] واستكناه سنن الله في الأنفس والآفاق الممتدة إلى يوم القيامة، والنظر في فضاء لا حدود له وجوانب سيرورة الحياة بكل تنوعاتها.

                    ذلك أن الهدف من السير والنظر واضح، يتمثل في استصحاب التجارب والمعارف والكشوف والمعلومات لتحقيق الاعتبار؛ والاعتبار يرشد إلى الصوابية في بناء الحاضر، ويمنح القدرة على عبور الماضي والحاضر إلى استشراف المستقبل، وامتلاك الرؤية على تصويب الخلل وتجنب الإصابات.

                    ولعلنا نسارع إلى القول: إن هـذه الفريضة من التفكير في سيرورة الحياة وتاريخ الأمم والشعوب، وقيام وسقوط الحضارات، وعلى رأسها تجربة النبوة هـو السبيل لاكتشاف قوانين السقوط والنهوض، أو إن شئت فقل: السنن التي تحكم الحياة، أو القواعد والقوانين الاجتماعية والنفسية والمادية التي تحكم الحياة والأحياء؛ فالتاريخ يبقى هـو المصدر الأساس لاكتشاف السنن والقوانين في الأنفس، وهو المختبر الحقيقي للفعل البشري، والنظر فيه هـو الذي يمكن من ملاحظة ومتابعة اطراد السنن وعدم تخلفها،

                    يقول تعالى: ( سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا ) (الأحزاب:62) .

                    والصـلاة والسـلام على معـلم الناس الخير، الذي جعل النظر والتفكير والبصـيرة والاستدلال هـو وسيلة الدعوة والسبيل إلى الإيمان،

                    يقول تعالى: ( قل هـذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ) (يوسف:108) ،

                    فتحققت نبوته، وامتدت رسالته، وآمن به الناس من خلال [ ص: 6 ] سنن الله في الحياة والأحياء، وتميزت معجزته بالخلود والامتداد والعطاء من خلال عزمات البشر الخاضعة لهذه السنن والنواميس، بعيدا عن التفكير الخرافي والخوارقي والقفز من فوق الأسباب انتظارا للنتائج، حتى ليمكن القول: إن استشراف المستقبل والإخبار عما سيقع في قابلات الأيام -وهو الصادق المصدوق- جاء نوعا من الإعجاز، ولفت النظر لما يكون، واستشرافه من خلال مقدماته؛ من خلال استقراء التاريخ، وقراءة الحاضر والتدريب على كيفية التعاطي مع هـذه السنن؛ فالحاضر لا يخرج عن أن يكون مستقبلا للماضي وماضيا للمستقبل.

                    والسبيل لاستشراف المستقبل يتمثل في النظر في المقدمات والسنن الفاعلة، وبذلك يتأهل الناظر لإبصار المستقبل والإعداد له، حتى جعلت قصص الأنبياء ومسيرة النبوة منجما لا ينضب على الزمن للنظر والاعتبار،

                    يقول تعالى: ( وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ) (هود:120) ،

                    ( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ) (يوسف:111) .

                    وبعد:

                    فهذا «كتاب الأمة» السادس والعشرون بعد المائة: «استشراف المستقبل في الحديث النبوي»، للدكتور إلياس بلكا ، في سلسلة «كتاب الأمة»، التي تصدرها وقفية الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني، رحمه الله، للدراسات والمعلومات (مركز البحوث والدراسات سابقا) في دولة قطر، في سعيها الدائم لإعادة تشكيل العقل المسلم، في ضوء هـدايات الوحي، [ ص: 7 ] ومعاودة إعمال العقل وإحياء دوره؛ لاستيعاب مقاصد الوحي والعمل على إخراج الأمة المسلمة، صاحبة الرسالة الإنسانية؛ لتحقيق الشهود الحضاري وإلحاق الرحمة بالعالمين.

                    ولعل من الإشكاليات الخطيرة والمعادلات الصعبة في حياة مسلمي اليوم، والتي ما تزال مستعصية على الحل وتقديم الإجابة المقنعة وتوليد الثقافة المطلوبة؛ ليكون المسلم في مستوى إسلامه وعصره: ما يعانيه عالم المسلمين من الانشطار المعرفي، والخضوع لرد الفعل، بعيدا عن الاتزان وضبط النسب بين مجالي معرفة الوحي ودورها ووظيفتها، وميدان معرفة العقل ودورها ووظيفتها.

                    ذلك أن من الأهمية بمكان إدراك العلاقة التلازمية بين الوحي والعقل، والوصول إلى حل المعادلة الصعبة، وإبصار أسباب إشكالية التخلف والتراجع الحضاري، وأن مصدر معرفة الوحي هـو الله؛ خالق كل شيء، العالم بكل شيء:

                    ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) (الملك:14) ،

                    وأن محلها الإنسان؛ لاستنقاذه وهدايته، وتقديم الإجابة الشافية عن الاستفهامات التي ما تزال تستعصي على مدركات الحواس أو معرفة العقل؛ وأن وسائل معرفة العقل هـي الحواس وما يقع ضمن نطاقها، وأن محلها أشياء الإنسان ووسائله وأدواته وآليات كسبه، وأن مصدري المعرفة مختلفان، وأن محلي المعرفة مختلفـان، وأن العلاقة بين معرفة الوحي ومعرفة العقل قائمة على التكامل والتشارك وليس التضاد والتقابل؛ لذلك فوضع الإنسان أمام [ ص: 8 ] الخيار الصعب، الذي يؤدي إلى نوع من الانشطار الثقافي والمعرفي يؤدي إلى الضلال، ويحول دون أي تقدم وارتقاء وكشف وإبداع.

                    إن معرفة الوحي عند من يزعمون أنهم يقفون من وراء العقل، لا تخرج عن كونها نوعا من الغيبيات، والغيبوبات الذهنية وأحلام اليقظة وسيلة تعطيل ملكات الإنسان، ودعوة إلى انطفاء الفاعلية، والانتهاء إلى الجبر والاستسلام، وفي المقابل فإن العقل عند بعض من ينحازون إلى معرفة الوحي وظواهر النصوص هـو سبة، ومحل تهمة، ودليل فسوق وابتداع ومروق وخروج عن قيم الدين؛ لذلك بات الاتهام بالعقلانية والعقلانيين وسيلة لمحاصرة العقل، وإبعاد الناس عن رجس التفكير.

                    وفي تقديرنا: ما لم يصوب هـذا النسق المعرفي، وتنضبط النسب، وتأخذ كل من المعرفتين أبعادها في حياة الناس وكسبهم، ويطلق لها العنان للقيام بوظيفتها وأداء رسالتها بالتوازي مع المعرفة الأخرى فسوف يستمر الارتهان لفخاخ فكرية موهومة، وصـور من التدين المغشـوش، وحسبنا أن نقول: إن وجود العقـل شرط لصحة الإيمان بالوحي، وشرط لصحة تكاليفه « فإذا أخذ ما وهب سقط ما وجب »؛ فالعقـل هـو محل خطاب الوحي، والعقل هـو دليل الوحي، واعتماد البرهان والدليل وهو عمل العقل هـو دليل وسبيل الإيمان.

                    لذلك فإن إقحام الوحي في مجال العقل وعمله في إبداع الخطط والبرامج، ونصوصه تتناهى والحياة ممتدة لا تتناهى يفقد الوحي وظيفته [ ص: 9 ] ويخرجه عن مهمته، ويقلل من شأنه، ويدفع الإنسان إلى تجاوزه والانسحاب من ساحته والعمل على فصله عن حركة الحياة؛ كما أن إقحام العقل في ميدان الوحي والطلب إليه الإجابة عما لا يطيق ولا يقع تحت حواسه واستنتاجه وطاقته، ومحاولة تأليه العقل وجعله مصدر القيم ومحلها في الوقت نفسه يفقد العقل مهمته، ويبدد قدرته، ويبعثر رقعة التفكير، وينتهي إلى تشكيل الإنسان القلق العاجز عن الإجابة عن الأسئلة الكبرى، التي ميدانها الوحي، فيخسر بذلك العقل والدين.

                    لذلك فتحرير مصدر المعرفة، وتحديد ميدانها، وانطلاق كل من العقل والوحي للاضطلاع بدوره في بناء الإنسان، الذي يبني الحياة هـو المعادلة المطلوبة للإنجاز الحضاري والترقي الإنساني؛ ذلك أن اعتماد معرفة الوحي للإجابة عن كل شيء، والجنوح إلى المذهب العرفاني الباطني غير المنضبط بضوابط الشريعة والوحي باسم التدين أدى إلى التوهم باستمرار الوحي وانتقاله من شخص إلى شخص، وما يتطلب ذلك من ادعاء العصمة للبشر، والوقوع في علل تدين الأمم السابقة، والسقوط في نوع من الغنوصية.

                    كما أن تأليه العقل ليقوم مقام الوحي، والادعاء أن الإيمان بالوحي كان يشكل مرحلة الطفولة البشرية، وأن العقل أصبح اليوم قادرا على الكشف والمعرفة الكلية هـو نوع من اختزال الإنسان وتجريده من شعوره وأشواقه وروحه وتطـلعاته، بليد لا شعـور له ولا عاطفـة ولا أشواق ولا روح، وتحويله إلى آلة، وصيرورته إلى نوع من الوجودية البوهيمية. [ ص: 10 ] فمن تأليه العقل وعدم الإيمان بغيره عند بعض الفلاسفة، إلى إسقاط العقل بالكلية عند الكثير من المذاهب الوجودية، واعتباره الصورة المزيفة للإنسان؛ لأن العقل يشكل ضغوطا على الإنسان، يطلب منه التكيف مع واقع ويدفعه إلى مسالك استجابة لظروف وتقاليد وعقائد خارجة عن غرائز الإنسان وشهواته، لذلك فالعقل يحمل لصاحبه المتاعب، وهو يريد أن يفعل ما يحلو له، وخاصة الهروب من الأسئلة الكبرى التي تلح عليه دائما: كيف بدأت الحياة؟ وكيف ستنتهي؟ وهل الموت يعتبر الانطفاء النهائي؟ وأثر ذلك على حياته وسلوكه وعلاقاته وسعيه وعقله؟ لذلك يقول بعض الفلاسفة: إننا مهما اشتغلنا وانشغلنا في النهار في ميدان العمل والضجيج وأصوات الآلات وصخب الحياة فإننا عندما نأوي إلى الفراش ليلا ترتسم أمامنا الأسئلة الكبيرة، التي لا نجد لها جوابا مقنعا: كيف بدأ العالم؟ وكيف سينتهي؟ وهل الموت يعني الانطفاء النهائي؟

                    ولا شك عندي أن الوحي ملك العقل أدوات النظر، ومعيار التقدير والتقويم، ووسائل تحديد الهدف، والمقصد حماية له من التيه والضياع، ولطاقاته من الهدر والضلال، ولفته إلى مجموعة من القوانين والسنن التي تحكم الحياة والأحياء، وطلب إليه النظر فيها، والتعامل معها، والقدرة على تسخيرها، واعتبر التسخير لها هـو السبيل الأجدى للقيام بأعباء الاستخلاف وإقامة العمران، وقدم له نماذج من المقارنة والمقاربة والقصص والتحولات الاجتماعية وأسباب السقوط والنهوض؛ ليكون على بينة من أمره، ويأخذ [ ص: 11 ] حذره، ويتحقق بعبرة التاريخ، فالعاقل هـو من يعتبر بغيره، والأحمق هـو الذي يصير عبرة لغيره.

                    ولعلنا نقول هـنا: إن بؤرة الرؤية المستقبلية ونقطة الانطلاق الأساس في النهوض وإبصار المستقبل من خلال مقدماته، أو التمكن من تشكيل المستقبل والمداخلة في بنائه إنما تتحقق من خلال اعتماد المنهج السنني، ومحاولة الكشف عنه وملاحظة اطراده في الحياة، ومن ثم تأتي مرحلة التسخير والقدرة على المداخلة في المقدمات من خلال القانون ذاته.

                    وقد يكون من العجب العجاب الاعتقاد والإيمان أن الله لم يخلق الحياة عبثا، وإنما خلقها وفق نظام محكم دقيق منضبط، والإيمان أن المعجزة هـي عمل جار على غير السنن والأسباب المطردة التي ألفها الناس؛ لفتا لنظرهم، وارتقاء بهم إلى الإيمان بقوة عليا قادرة على خرق هـذه السنن والأسباب، التي يخضعون لها ويخضع لها الكون؛ لأن خالق الأسباب التي يسير عليها الكون والحياة هـو وحده القادر على خرقها، ومع ذلك لا يحاولون كشف هـذا النظام الدقيق، وهذه السنن الجارية المطردة؛ حتى يتمكنوا من فهم سيرورة الحياة وإدراك النتائج من المقدمات، وامتلاك القدرة على التسخير؛ سواء في ذلك عدم المعاندة ومحاولات الارتطام بسنن الحياة والانتظام والانسجام مع هـذه السنن والقوانين، في سعيهم واجتماعهم وأنشطتهم جميعا، أو الارتقاء بعد الإحاطة بهذه السنن والقوانين إلى محاولة المداخلة في مقدماتها؛ لتحقيق قدر أكبر من التسخير، واستشراف المستقبل، والتخطيط [ ص: 12 ] لحسن بنائه، أو ما اصطلح ابن القيم رحمه الله تعالى على تسميته في: «مدارج السالكين» بـ: «مغالبة قدر بقدر»، الأمر الذي يمنح الإنسان سعيا مخططا ومدروسا؛ لتحقيق مردود مستقبلي أكبر.

                    فمغالبة الأقدار ليست الخروج والتمرد وإنكار القدر وعدم الإيمان به، بل على العكس من ذلك فهي نوع من أرقى أنواع الإيمان؛ حيث القدرة القصـوى على التسخـير بالمغـالبة: " «نفر من قدر الله إلى قدر الله» " ، لذلك يقول رحمه الله قولته الذهبية: «ليس المسـلم هـو الذي يستسلم للقدر، وإنما المسلم الحق هـو الذي يغالب القدر بقدر أحب إلى الله». هـذه المغالبة، وهذا الإدراك المترافق مع الإيمان باطراد السنن هـو الذي يمنحنا القدرة على استشراف المستقبل، والمداخلة في مقدماته، في الحاضر، والتخطيط لما نريده عليه.

                    ولا يمكن إبصار المستقبل أو رؤيته أو استشرافه إلا من خلال كشف المنهج السنني لحركة الحياة والأحياء.

                    وهذه السنن، أو هـذه القوانين، أو الأسباب التي تحكم الحياة والأحياء هـي سنن إلهية، تمثل إرادة الله سبحانه وتعالى ، هـي أقدار الله وأوامره وإرادته في تسيير الكون، وأن عدم الإيمان بها وإدراكها وكشفها ومن ثم القدرة على تسخيرها هـو اختلال في الإيمان، واستسلام وجبرية وعطالة وانطفاء فاعلية وانحسار رؤية، ليس لاستشراف المستقبل والتخطيط له وإنما لبناء الحاضر. [ ص: 13 ] أيضا يقول تعالى: ( سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا ) (الأحزاب:38) ،

                    هـذه السنن المطـردة هـي أقـدار الله تعالى -كما أسلفنا- التي خلقها لتسير عليها الحياة، والتي تتطلب فهما، ومن ثم القدرة على المغالبة والتسخير.

                    لذلك فإن من أهم مصادر معرفة هـذه السنن وإدراك اطرادها إنما هـو استشراف الماضي، رؤية الماضي، والتوغل في التاريخ وتحليل أحداثه، والوصـول إلى القوانين التي حكمته وحركته، أو على الأقل انتظمت حركته،

                    يقول تعالى: ( قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين ) (الأنعام:11) ، ( هـذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين ) (آل عمران:138) .

                    ونحب أن نؤكد، مرة بعد مرة، أن هـذه السنن إلهية تعمل بإرادة الله، وبما أودع فيها من قدرة، وأن الخروج عليها يتطلب معجزة، حيث المعجزة -من بعض الوجوه- دليل اطرادها، وأن الخروج عليها أو تعطيلها لا يكون إلا من خالقها سبحانه وتعالى ، وأن التاريخ هـو مصدر المعرفة والاهتداء إلى هـذه السنن والقوانين.

                    إن التاريخ الذي يطلق عليه: «أبو العلوم الاجتماعية» هـو الماضي، وإن استشرافه والتعرف على قوانين حركته هـو الذي يحقق لنا العبرة، ويؤهلنا للعبور إلى الحاضر والمرور إلى المستقبل:

                    ( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ) (يوسف:111) ؛

                    فالعبور والاعتبار إنما هـو نوع من [ ص: 14 ] المقايسة والمقارنة والبصيرة والقدرة على رؤية المستقبل، من خلال ما يمنح الماضي من معرفة هـذه السنن.

                    لذلك فقد لا نستغرب أن النبوة، رغم الوحي، طلب إليها -لأنها منوطة بعزمات البشر وهداية البشر- الاعتبار بقصص السابقين من الأنبياء مع أقوامهم، وكيف أن بعض المقدمات الشاذة انتهت إلى العواقب الخطيرة،

                    يقـول تعـالى: ( نحن نقص عليك أحسن القصص ) (يوسف:3) ،

                    ويقول تعالى: ( ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك ) (النساء:164) ،

                    ( وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك ) (هود:120) ،

                    ( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ) (يوسف:111) .

                    وقد تكون الإشكالية اليوم في القراءة القاصرة والمنقوصة لآيات القرآن الكريم، وسيطرة بعد واحد على ذهنية المتدبر، هـو بذل الجهد في استنباط الحكم التشريعي، وهو بذلك يحاصر النص، ويحاصر نفسه، ويضيق واسعا، وينتقص من الفضاء الكبير، الذي يتيحه النص حتى يمتد إلى المستقبل، العالم غير المنظور، من مثل قوله تعالى في سورة الحشر:

                    ( هـو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار ) (الحشر:2) ،

                    فكثير من المجتهدين لم يبصروا من الآية [ ص: 15 ] إلا أنها دليل على القياس التشريعي، وهذا طيب ومطلوب، لكن الآية إضافة إلى ذلك نزلت في تأسيس وتأصيل قانون اجتماعي وسنة ماضية إلى يوم القيامة؛ وهي أن عمل المقدمات نفسها يفضي إلى النتائج نفسها؛ فالمعروف أن الآية نزلت في يهود بني النضير وما فعلوا، وما انتهوا إليه من العواقب الوخيمة، ومن ثم عقب تعالى على ذلك بقوله: ( فاعتبروا يا أولي الأبصار ) ، فإذا فعل المؤمنون فعلهم أصابهم ما لحق بهم؛ فالاعتبار هـو -في أبسط معانيه- عبور الإنسان من إحدى ضفتي النهر (الحاضر) إلى الضفة الأخرى (المستقبل) وتعدية الرؤية، والوصول إلى نتيجة مفادها أن الذي يفعل المقدمات يقع بالنتائج.

                    وبالإمكان القول: إن اكتشاف قوانين المادة، من مثل قانون الجاذبية وغيره، هـو الذي مكن العلماء من مغالبتها والخروج عليها وليس إلغاؤها، وإرسال مركبات الفضاء واختراع الطيران. كما أن اكتشاف قوانين العضوية ووظائف الأعضاء ومغالبتها هـو الذي أدى إلى بناء علوم الطب والصيدلة والهندسة الوراثية؛ وهكذا يمكن تفسير التقدم العلمي والإنجاز العلمي والوصول إلى القناعة الراسخة أن ما تحقق إنما جاء نتيجة الكشف عن قوانين الأشياء.

                    صحيح أن السنن والقوانين التي تحكم المادة (سنن الآفاق) واقعة تحت الحس والمشاهدة، ومحكومة إلى حد بعيد بالنتائج القريبة، التي تترتب فورا على المقدمات، التي قد تحصل ضمن عمر الإنسان، ومن هـنا جاء الإيمان بها والإقبال عليها والتقدم صوبها؛ لأنها على أهميتها ودقتها ملموسة واضحة، [ ص: 16 ] يمكن إدراكها بسهولة ومن ثم استخدامها وإدراك اطرادها ونقلها وعولمتها؛ أما السنن والأقدار الاجتماعية التي تحكم الحياة والأحياء (سنن الأنفس) فالعبرة فيها بالعواقب البعيدة، وليس بالنتائج القريبة، بل قد تكون النتائج القريبة التي تحصل تنسلك في إطار المقدمات؛ ذلك أن العواقب والمآلات بطيئة وبعيدة ومديدة، قد تقتضي جيلا أو أجيالا تقضي قبل أن تراها، لذلك تبقى عصية على الإدراك على غير صاحب البصيرة.

                    وقد يكون من الأمور اللافتة أن القرآن الكريم -مصدر المعرفة والثقافة والتشريع والتربية... إلخ- يتحدث عن المقدمات وما يترتب عليها من العواقب والمآلات، وكأنها معادلات رياضية صارمة ويقينية الحدوث:

                    ( إن ينصركم الله فلا غالب لكم ) (آل عمران:160) ،

                    ( إن تكونوا صالحين ) (الإسراء:25) ،

                    ( ذلك خير وأحسن تأويلا ) (النساء:59) ،

                    ( ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور ) (الشورى:43) .

                    بل لعل القرآن، أو الوحـي بشكل عام، الذي يتحدى بالعواقب اعتبر الفقـه في الدين لا بد أن يقود إلى معرفة التأويل والمآلات، وقد وصف الله الكفار في أكثر من موقف خاسر النتائج والعواقب بأنهم

                    ( قوم لا يفقهون ) (الحشر:13) .

                    ( وكان من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما : «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل. ) (أخرجه أحمد) ، ولعل الواو في: «وعلمه [ ص: 17 ] التأويل» هي من عطف البيان، فالفقه الحقيقي هـو معرفة العواقب والمآلات وحسن تقديرها.

                    وما أدري إلى أي مدى يمكن أن أقول: إن سنن الأنفس -على مستوى الفرد والمجتمع- غالبا ما تكون متأتية من معرفة الوحي، الذي لفت النظر إليها، ونص على اطرادها، وطلب إلى الإنسان تسخيرها؛ ذلك لأن محلها الإنسان نفسه، وفعلها في نطاق الإنسان والمجتمع، بينما السنن الكونية سنن الآفاق المادية قوانين المادة وأشياء الإنسان متأتية من معرفة العقل، ومحلها أشياء الإنسان.

                    وعلى الرغم من التخلف في اكتشاف سنن الأنفس أو آيات الأنفس عن سنن الآفاق أو آيات الآفاق فلقد بلغت اليوم شأوا بعيدا عند أهل الحضارة الغالبة؛ فمنهج الاستقراء والاستنتاج واستطلاعات الرأي العام وتحولاته والاستبيانات وبناء المستقبل أو تشكيل المستقـبل في ضوئها، وقياس المستقبل على الحاضر يكاد لا يخطئ، ولئن كانت قراءة الأنواء والظواهر المناخية وتحركات الأرض أصبحت تنبئ بدقة عن نزول الأمطار وهبوب الرياح وحدوث الزلازل والكوارث البيئية؛ ليأخذ الإنسـان حذره في الإعداد لها والتعامل معها، فإن الدراسات التي تقوم على آيات الأنفس، أو سنن الأنفس، على الرغم من بطئها وصعوبة قياسها وارتباطها بالعواقب، إلا أنها أصبحت أشبه بالرؤية الهندسية، ولا نقول الرؤية الفلسفية، لبناء مستقبل العالم. [ ص: 18 ] وتبقى إشكالية ما تزال عصية عن الوضوح؛ لكونها ملتبسة بمفهومات لم تحرر بعد وبشكل كاف، فيما نرى، وهي أن هـذه السنن هـي أقدار الله كما أسلفنا:

                    ( سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا ) (الأحزاب:38) ،

                    وقوانينه لتنظيم الكون، وأن اعتمادها هـو إيمان بقدر الله، بل لعل ذلك أعلى أنواع الإيمان إيجابية، وأن التوكل يعني اعتمادها، خاصة أنها ليست من وضع الإنسان وخلقه، وإنما هـي إرادة الله ونظامه وتكليفه، فاعتمادها واكتشاف الفجوات والخلل في عدم اطرادها لإصلاح المقدمات لا يمكن أن تشتم منه رائحة الشرك، كما يحلو لبعض المتواكلين وأصحاب الفهم المتخلف، وإنما هـو دليل على الإيمان والتوحيد والخضوع لأقدار الله وأنظمته في بناء الكون وتقدير سيرورته، واعتمادها في تحقيق مهمة الاستخلاف الإنساني.

                    وعليه فإن العدول عن قراءة واكتشاف السنن وتسخيرها كمقدمات وأسباب، وانتظار الخوارق والمعجزات (النتائج) هـو صور من التدين المغشوش والتفكير المعوج.

                    وقضية أخرى تكاد تكون ملتبسة في بعض الأذهان أيضا؛ وهي دلالة مصطلح: «الغيب»، والخلط بين الغيب والمستقبل؛ ذلك أن المستقبل المطروح هـنا هـو من « عالم الشهادة »، المقدر من المقدمات، المدرك من السنن الجارية، الذي سوف ينكشف للإنسان شيئا فشيئا

                    ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم ) (فصلت:53) ؛

                    و « عالم الغيب » هـو عالم ما بعد الموت ، [ ص: 19 ] الـذي يستعـصي على الحواس؛ إضافة إلى أن مصطلح « الغيب » قـد يطـرح ويراد به الماضي، وقـد يطرح ويراد به الغائب عن سـاحة المشاهدة، وقد يطرح ويراد به المستقبل، وقد يطرح ويراد به العالم الآخر. فالتدبر هـو السبيل إلى تحديد المصطـلح ودلالته، بحسب السياق وبيان المحظور من المباح.

                    وقد نستغرب أو لا نستغرب أن رؤية المسلم المستقبلية المتأتية من معرفة الوحي، لم تقتصر على «عالم الشهادة»، وإنما تمتد حتى العالم الآخر، واعتبار «عالم الشهادة» وطبيعة تشكيله هـو المقدمة لتلك النتيجة والعاقبة؛ حتى إننا لنرى في «عالم الشهادة» الكثير من المقاربات المحسوسة لمشاهد القيامة وما يحتوي عليه العالم الآخر، لذلك فالرؤية بالنسبة للمسلم لا تقتصر على الحاضر وإنما تمتد في عمق التاريخ، منذ النشأة الأولى، كما تمتد في عمق المستقبل وعالم ما بعد الموت وبعد أن ينشئ الله النشأة الآخرة.

                    ولعلنا نقول أيضا: إن المسلم، بما أتاحت له معرفة الوحي من الرؤية قادر على تشكيل مستقبله وامتداد فعله حتى بعد الموت، وذلك بالولد الصالح، نبت المستقبل؛ والصـدقة الجارية، استمرار الامتداد والفعل والأثر بعد الموت؛ والعلم المستدام الدائم العطاء، ( فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. ) (أخرجه مسلم) ، أليس هـذا نوع مميز من تشكيل المستقبل، والتحكم به، حتى في عالم ما بعد الموت؟ [ ص: 20 ] وقضية أخرى، قد يكون من المفيد طرحها للتأمل، أو فتح ملفها واستدعاء الاهتمام بها، خاصة وأن إخبار الله سبحانه برؤية الآيات في الأنفس والآفاق مستمر لبني البشر حتى تقوم الساعة؛ وهي: ما هـو نصيب الإنسان من أسماء الله وصفاته؛ من العـلم والحلم والشكر والصبر والود والرحمة والستر والعفو وعلم الغيب والشهادة... إلخ؟ وإلى أي مدى يبلغ نصيب الإنسان من التدرج والارتقاء في العلوم والمعارف والصفات والخصائص؟

                    ولقد لفت نظري في هـذا المقام ملمح انتهيت إليه بعد تدبر قوله تعالى:

                    ( إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير ) (لقمان:34) ،

                    كيف أن السياق تغير من محل علم إلى محل علوم أخرى؛ فعلم الساعة عنده تعالى حصرا، أما بقية الأمور؛ من نزول الغيث وعلم ما في الأرحام... إلخ، فله سياق لغوي آخر، يحمل دلالات أخرى، وقد جاء علم الإنسان البسيط النسبي اليوم وما وصل إليه من علم الأنواء والأمطار والرياح ونوع الجنين ليأخذ حيزا من هـذا العلم المطلق، وأن ما بقي من أسرار هـي في علم الله ينكشف بعضها مع الزمن؛ فهل يعتبر التفكير والكسب في ذلك عدوانا على علم الله، وعدم الاعتراف بصفات الكمال له سبحانه، أم أن من الاعتراف بالعلم المطلق للخالق سبحانه محاولة كسب العلم النسبي للإنسان المخلوق؟ [ ص: 21 ] وبعد:

                    فهذا الكتاب يمكن أن نصفه بأنه محاولة اقتحام لساحة محظورة، ورؤية لقضية ما تزال مهمشة في العقل المسلم، بل تكاد تكون من المحظورات، وبناء بصيرة من خلال قراءة الماضي ومقدمات الحاضر وصولا إلى تشكيل تصور لعالم غائب عن مطاولة الحواس، يتجاوز البصر إلى البصيرة، والحكم إلى الحكمة، ويرتقي من المقدمة إلى النتيجة، ويلاحظ اطراد السنن وفاعليتها، فيعدي الرؤية من الحاضر المشاهد إلى المستقبل الغائب عن ساحة الحواس، ويبصر في المقدمات النتائج، ومن الأحداث الكبرى المآلات والعواقب؛ حيث لا بد أن نعترف بأن الغوص في «المستقبليات» ما يزال لا يستقبل براحة إيمانية كافية، وما يزال يتداخل مع بعض الالتباسات والتأثيمات، وعلى أحسن الأحوال محاولة الكثير منا الهروب من مثل هـذه الدراسات وإيثار السلامة وإغلاق باب النظر والاجتهاد، على الرغم مما يحمل ذلك من رؤية حسيرة ويخبئ من مفاجآت مقبلة لم نعد لها؛ لأننا نعدل عن إبصارها ودراسة احتمالاتها والقفز من فوق مقدماتها باسم الدين وسلامة العقيدة.

                    إن أحاديث الفتن كلها تقريبا فيما وراء أنها إخبار من الصادق المصدوق هـي رؤية مستقبلية، جاءت على سبيل التحذير والتخويف وضرورة الإعداد لها، ومحاولة التخفيف من آثارها السلبية، من أهمية إصلاح المقدمات حتى لا تدركنا النتائج السلبية؛ وما أشراط الساعة والإخبار [ ص: 22 ] بأماراتها إلا رؤية مستقبلية تتطلب الإعداد والاستعداد بفعل المقدمات المنجية من هـولها.

                    أما الفهم المتخلف فذهب بها في اتجاه آخر، ( فقول الرسول صلى الله عليه وسلم : تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة. ) (أخرجه أحمد) ، دفع كثيرا من الباحثـين إلى عـد الفرق وإعـادة عدها؛ لتصل إلى الرقم المطلوب دون جدوى، بينما المطلوب -فيما نرى- أن يختبر الإنسان سلوكه ومدى انطباقه على مـا كان عليه الرسـول صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ ليطمئن على سلامة المصير. وكذلك عندما سئل صلى الله عليه وسلم عن أشراط الساعة قال للسائل ذاته: ( ويلك، وما أعددت لها. ) (أخرجه البخاري) .

                    فهل تمنحنا هـذه الأحاديث مؤشرات على أهمية امتداد التفكير إلى عالم المستقبل، والتبصر بعالم الغد، من خلال استشراف الماضي والسنن التي حكمته، وقراءة الحاضر والمقدمات التي تحكمه لرؤية المستقبل وكيفية تشكيله والإعداد له؟

                    وختاما:

                    ألا يحق لنا أن نقول: إنه لا فقه ولا حياة منتجة دون استصحاب أبعاد الزمن الثلاثة: الماضي، الحاضر، المستقبل، وإن إسقاط أي بعد من هـذه الأبعاد التي تحكم حياة الإنسان عن ساحة النظر والتفكير تحت شتى الذرائع سوف يشكل انهداما واختلالا في مسيرة الحياة، وانحشارا في زمرة من وصفهم الله بقوله:

                    ( ذلك بأنهم قوم لا يفقهون ) (الحشر:13) . [ ص: 23 ] إن تجريم وتأثيم النظر صوب المستقبل والإعداد له، في ضوء استشراف الماضي وقراءة الحاضر، هـو نوع من التفكير المعوج والتدين المغشوش يتناقض مع أصل الخلق وهدف الخلق، ويعتبر نقيصة للإنسان، الذي يتجه عضويا إلى التفكير بمستقبله؛ حتى لنجد في تكوينه العضوي وجود عينيه في أعلى قامته، بحيث يستطيـع النظر إلى أبعد ساحة أمامه، فليس الاستشراف إلا الارتفاع إلى أعلى، والصعود إلى الشرفة العالية؛ ليتمكن من النظر المديد ومعرفة ما في الأفق البعيد.

                    فالحاضر -كما أسلفنا- هـو مستقبل الماضي وماضي المستقبل،

                    وقول الله سبحانه وتعالى : ( غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين ) (الروم:1-3) ،

                    مؤشر على أهمية النظر إلى مستقبل الأحداث والتحركات الاجتماعية ودلالاتها ومآلاتها.

                    فهل يمكن أن تكون هـذه المحاولة التي نقدمها ثغرة في الجدار المسدود؟

                    ونود أن نلفت النظر أننا رأينا اختيار: «استشراف المستقبل في الحديث النبوي» عنوانا للكتاب، حيث كان عنوانه: «المستقبلية: استشرافا وتخطيطا في الحديث النبوي»؛ لعله يساهم بإثارة الاهتمام والإغراء بقراءة الكتاب، نتمنى أن نكون وفقنا لذلك.

                    والله غالب على أمره. [ ص: 24 ]

                    التالي السابق


                    الخدمات العلمية