الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان ذلك من الوفاء بحق الربوبية والقيام بحق العبودية مقتضيا للصلاح أمر بإدامته بالنهي عن ضده في قوله : ولا تفسدوا أي : لا تدفعوا فسادا في الأرض أي : بالشرك والظلم ، فهو منع من [ ص: 420 ] إيقاع ماهية الإفساد في الوجود ، وذلك يقتضي المنع من جميع أنواعه فيتناول الكليات الخمس التي اتفقت عليها الملل ، وهي الأديان والأبدان والعقول والأنساب والأموال بعد إصلاحها والظاهر أن الإضافة بمعنى اللام وهي إضافة في المفعول ، أي : لا تدنسوها بفساد بعد أن أصلحها لكم خلقا بما سوى فيها من المنافع المشار إليها بقوله يغشي الليل النهار الدال على الوحدانية الداعي إلى الحق إقامة للأبدان ، وأمر بما أنزل من كتبه على ألسنة رسله - عليهم الصلاة والسلام - إقامة للأديان فجمع إلى الإيجاد الأول الإبقاء الأول .

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان ذلك ربما اقتضى الاقتصار بكمال التذلل على مقام الخوف - نفى ذلك بقوله وادعوه خوفا أي : من عدله; ولما كان لا سبب للعباد من أنفسهم في الوصول إليه - سبحانه - عبر بالطمع فقال : وطمعا أي : في فضله ، فإن من جمع بين الخوف والرجاء كان في مقام الإحسان وكأنه مشاهد للرحمن ، ما زجره زاجر الجلال بسياط سطوته إلا دعاه داعي الجمال إلى بساط رأفته ، ومن حاز مقام الإحسان كان أهلا للرحمة إن رحمت الله أي : إكرام ذي الجلال والإكرام لمن يدعوه على هذه الصفة ، وفخمها بالتذكير لإضافتها إلى غير مؤنث فيما قال سيبويه ، فقال : قريب وكان الأصل منكم ، ولكنه أظهر تعميما وتعليقا للحكم بالوصف فقال : من المحسنين

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية