الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      600 حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار سمع جابر بن عبد الله يقول إن معاذا كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع فيؤم قومه [ ص: 232 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 232 ] باب إمامة من صلى بقوم وقد صلى تلك الصلاة

                                                                      ( إن معاذا كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع فيؤم قومه ) قال الخطابي : فيه من الفقه جواز صلاة المفترض خلف المتنفل لأن صلاة معاذ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هي الفريضة ، وإذا كان قد صلى فريضة فصلاته بقومه نافلة . وفيه دليل على جواز إعادة صلاة في يوم مرتين إذا كان للإعادة سبب من الأسباب التي تعاد لها الصلاة . واختلف الناس في جواز صلاة المفترض خلف المتنفل ، فقال مالك إذا اختلفت نية الإمام والمأموم في شيء من الصلاة لم يعتد المأموم بما صلى معه واستأنف ، وكذلك قالالزهري وربيعة . وقال أصحاب الرأي . إن كان الإمام متطوعا لم يجزئ من خلفه الفريضة ، وإذا كان الإمام مفترضا وكان من خلفه متطوعا كانت صلاتهم جائزة ، وجوزوا صلاة المقيم خلف المسافر ، وفروض المسافر عندهم ركعات وقال الشافعي والأوزاعي وأحمد : صلاة المفترض خلف المتنفل جائزة ، وهو قول عطاء وطاوس . وقد زعم بعض من لم ير ذلك جائزا أن صلاة معاذ مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم نافلة وبقومه فريضة قال وهذا فاسد إذ لا يجوز على معاذ أن يدرك الفرض وهو أفضل العمل مع أفضل الخلق ويتركه ويضيع حظه منه ويقنع من ذلك بالنفل الذي لا طائل فيه . ويدل على فساد هذا التأويل قول الراوي : كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء وهي صلاة الفريضة ، وقد قال صلى الله عليه وسلم إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة فلم يكن معاذ يترك المكتوبة بعد أن شهدها وقد أقيمت ، وقد أثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقه فقال عليه السلام " أفقهكم معاذ " انتهى .

                                                                      قلت : لا شك أن صلاة معاذ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت هي الفريضة وصلاته بقومه كانت نافلة ، ويدل عليه ما رواه عبد الرزاق والشافعي والطحاوي والدارقطني وغيرهم من طريق ابن جريج عن عمرو بن دينار عن جابر في حديث الباب [ ص: 233 ] زاد هي له تطوع ولهم فريضة وهو حديث صحيح . وقد صرح ابن جريج في رواية عبد الرزاق بسماعه فيه فانتقلت تهمة التدليس . قال الحافظ ابن حجر في الفتح : وأسلم الأجوبة التمسك بهذه الزيادة . وأجاب الحافظ عن تأويلات الطحاوي الركيكة جوابا حسنا وأورد في هذا الباب أبحاثا لطيفة مفيدة في فتح الباري فارجع إليه . قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي .

                                                                      باب الإمام يصلي من قعود




                                                                      الخدمات العلمية