الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومما كان من الأحداث شمسون

وكان من قرية من قرى الروم قد آمن ، وكانوا يعبدون الأصنام ، وكان على أميال من المدينة ، وكان يغزوهم وحده ويقاتلهم بلحي جمل . فكان إذا عطش انفجر له من الحجر الذي فيه ماء عذب فيشرب منه ، وكان قد أعطي قوة لا يوثقه حديد ولا غيره ، وكان على ذلك يجاهدهم ويصيب منهم ولا يقدرون منه على شيء ، فجعلوا لامرأته جعلا لتوثقه لهم ، فأجابتهم إلى ذلك ، فأعطوها حبلا وثيقا ، فتركته حتى نام وشدت يديه ، فاستيقظ وجذبه ، فسقط الحبل من يديه ، فأرسلت إليهم فأعلمتهم ، فأرسلوا إليها بجامعة من حديد ، فتركتها في يديه وعنقه وهو نائم ، فاستيقظ وجذبها فسقطت من عنقه ويديه ، فقال لها في المرتين : ما حملك على ما صنعت ؟ فقالت : أريد أجرب قوتك وما رأيت مثلك في الدنيا فهل في الأرض شيء يغلبك ؟ قال : نعم شيء واحد ، فلم تزل تسأله حتى قال لها : ويحك لا يضبطني إلا شعري ! فلما نام أوثقت يديه بشعر رأسه ، وكان كثيرا ، فأرسلت إليهم ، فجاءوا فأخذوه فجدعوا أنفه وأذنيه وفقأوا عينيه وأقاموه للناس . وجاء الملك لينظر إليه ، وكانت المدينة على أساطين ، فدعا الله شمسون أن يسلطه عليهم ، فأمر أن يأخذ بعمودين من عمد المدينة فيجذبهما ، ورد إليه بصره وما أصابوه من جسده ، وجذب العمودين فوقعت المدينة بالملك والناس وهلك من فيها هدما . وكان شمسون أيام ملوك الطوائف .

التالي السابق


الخدمات العلمية