الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            فصل في ذكر بعض مبطلات الصلاة وسننها ومكروهاتها . ( تبطل ) الصلاة ( بالنطق ) عمدا بكلام مخلوق ، وإن لم يكن بلغة العرب ( بحرفين ) ولو من حديث قدسي إن [ ص: 36 ] تواليا فيما يظهر قياسا على ما يأتي في الأفعال أفهما أو لا ، وإن كان لمصلحة الصلاة ، إذ أقل ما يبنى منه الكلام حرفان ، وتخصيصه بمفهم اصطلاح حادث للنحاة . والأصل في ذلك خبر مسلم { كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت { وقوموا لله قانتين } فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام } وروي أيضا { أنه صلى الله عليه وسلم قال لمن قال لعاطس يرحمك الله : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس } ( أو حرف مفهم ) كق من الوقاية ، وع من الوعي ، وف من [ ص: 37 ] الوفاء ، وش من الوشي ( وكذا مدة بعد حرف في الأصح ) ، وإن لم يفهم إذ المد ألف أو واو أو ياء فالممدود في الحقيقة حرفان .

                                                                                                                            والثاني لا تبطل ; لأن المدة قد تتفق لإشباع الحركة ولا تعد حرفين ، وفي الأنوار أنها لا تبطل بالبصق إلا أن يتكرر ثلاث مرات متواليات : أي مع حركة عضو يبطل تحريكه ثلاثا كلحى لا شفة كما لا يخفى ( والأصح أن التنحنح والضحك والبكاء ) ، وإن كان من خوف الآخرة ( والأنين ) والتأوه ( والنفخ ) من أنف أو فم ( إن ظهر به ) أي بواحد من ذلك ( حرفان بطلت ) صلاته لوجود منافيها ( وإلا فلا ) تبطل لما مر . والثاني لا تبطل بذلك مطلقا ; لكونه لا يسمى في اللغة كلاما ، ولا يتبين منه حرف محقق فكان شبيها بالصوت الغفل ، وخرج بالضحك التبسم فلا تبطل به لثبوته عنه صلى الله عليه وسلم فيها ( ويعذر في يسير الكلام ) عرفا كما يرجع إليه في ضبط الكلمة لا ما ضبطها به النحاة واللغويون .

                                                                                                                            ( إن سبق لسانه ) إليه لعذره بل هو أولى من الناسي لعدم قصده ( أو نسي الصلاة ) لعذره أيضا ، بخلاف نسيان تحريمه فيها فإنه كنسيان نجاسة نحو ثوبه . ولو ظن بطلان صلاته بكلامه ساهيا ثم تكلم يسيرا عمدا لم تبطل . والأصل في ذلك خبر الصحيحين عن أبي هريرة { صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 38 ] الظهر والعصر ، فسلم من ركعتين ثم أتى خشبة بالمسجد واتكأ عليها كأنه غضبان ، فقال له ذو اليدين : أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله ؟ فقال لأصحابه : أحق ما يقول ذو اليدين ؟ قالوا نعم ، فصلى ركعتين أخريين ثم سجد سجدتين } .

                                                                                                                            وجه الدلالة أنه تكلم معتقدا أنه ليس في صلاة ، وهم تكلموا مجوزين النسخ ثم بنى هو ، وهم فيها ، وأن ذا اليدين كان جاهلا بتحريم الكلام ، أو أن كلام أبي بكر وعمر كان على حكم الغلبة لوجوب الإجابة عليهما ( أو جهل تحريمه ) أي الكلام فيها ( إن قرب عهده بالإسلام ) ، وإن كان بين المسلمين فيما يظهر أو نشأ ببادية بعيدة [ ص: 39 ] عمن يعرف ذلك فيما يظهر أيضا للخبر المار . ويؤخذ منه أن الضابط لذلك أن ما عذر الشخص لجهله به وخفائه على غالبهم لا يؤاخذ به ، ويؤيده تصريحهم بأن الواجب علينا إنما هو تعلم الظواهر لا غير ، وخرج بجهل تحريمه ما لو علمه ، وجهل كونه مبطلا فتبطل به كما لو علم تحريم شرب الخمر دون إيجابه الحد فإنه يحد ، إذ حقه بعد العلم بالتحريم الكف .

                                                                                                                            ولو سلم إمامه فسلم معه ثم سلم الإمام ثانيا فقال له المأموم قد سلمت قبل هذا فقال كنت ناسيا لم تبطل صلاة واحد منهما ، ويسلم المأموم ويسجد للسهو ; لوجود الكلام بعد انقطاع القدوة . ولو سلم من ثنتين ظانا تمام صلاته فكالجاهل كما ذكره الرافعي في كتاب الصوم ( لا ) في ( كثيره ) فلا يعذر فيه فيما مر ( في الأصح ) وتبطل به ; لأنه يقطع نظمها ، وهيئتها ; ولأن السبق والنسيان في الكثير نادر . والثاني يسوي بينهما في العذر ; لأنه لو أبطل كثيره لأبطل قليله كالعمد ويرجع في القلة والكثرة للعرف .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( فصل ) في ذكر بعض مبطلات الصلاة حكمة ذكر هذا الفصل في باب شروط الصلاة مع أنه ليس منها أنه إذا طرأ عليها بعد استكمال الشروط أبطلها ( قوله : وسننها ) أي وبعض سننها : أي ما يسن فعله فيها أولها وليس منها ( قوله : ومكروهاتها ) معطوف كالذي قبله على مبطلات ( قوله : بالنطق ) أي من الجارحة المخصوصة دون غيرها كاليد والرجل مثلا ، فلا تبطل بالنطق بواحد منهما فيما يظهر . ونقل عن بعض أهل العصر البطلان بذلك فليراجع ، ويؤيد ما قلناه قول الشارح من أنف أو فم .

                                                                                                                            ونقل بالدرس عن خط بعض الفضلاء عن م ر أنه إذا خلق الله تعالى في بعض أعضائه قوة النطق وصار يتمكن صاحبها من النطق بها اختيارا متى أراد ويترك ذلك متى أراد كان ذلك كنطق اللسان فتبطل الصلاة بنطقه بذلك بحرفين . انتهى . وقياس ما ذكره أن يثبت للعضو الذي ثبت له تلك القوة جميع أحكام اللسان حتى لو قرأ به الفاتحة في الصلاة كفى ، وكذا لو تعاطى به عقدا أو حلا ، على أنه قد يقال هو بالنسبة إلى العقد والحل لا يتقاعد عن الإشارة المفهمة ، وهي صريحة من الأخرس إن فهمها كل أحد ( قوله : ولو من حديث ) إنما أخذه غاية لئلا يتوهم عدم البطلان به ; لكونه كلام الله تعالى لكن يبقى النظر في وجه دخوله في كلام المخلوقين ، ولعله أنه أراد بكلام المخلوقين ما ليس بقرآن ومنه الحديث القدسي ، وعليه فالمراد بكلام المخلوقين ما شأنه أن يتكلم به المخلوق ، والقرآن لما كان معجزا خارجا عن طوق البشر خص بكونه كلام الله تعالى ، وإن شاركه فيه الحديث القدسي في أنه كلام الله . [ ص: 36 ] قال حج : وكالحديث القدسي ما نسخت تلاوته ا هـ . وتبطل أيضا بالتوراة والإنجيل ، وإن علم عدم تبدلهما كما شمله قوله : م بحرفين من غير القرآن والذكر والدعاء .

                                                                                                                            ( قوله : أفهما أو لا ) أي ولو كانا غير مستعملين كأوع . انتهى سم على منهج .

                                                                                                                            والأولى التمثيل بنحو رذ مقلوب ذر من المهملات ، وإلا فأو مستعملة في كلامهم ( قوله : إذ أقل ما يبنى منه الكلام حرفان ) عبارة المحلي : والكلام يقع على المفهم وغيره الذي هو حرفان انتهى . أقول : قوله : الذي هو حرفان : أي بناء على ما اشتهر في اللغة ، وإلا ففي الرضى ما نصه : الكلام موضوع لجنس ما كرهت به سواء كان كلمة على حرف كواو العطف أو على أكثر من كلمة سواء كان مهملا أم لا ، ثم قال : واشتهر الكلام لغة في المركب من حرفين فصاعدا انتهى . ( قوله : فأمرنا بالسكوت ) هذا يفيد أن معنى القنوت السكوت ، وفي المصباح ما يصرح به وعبارته : القنوت مصدر قنت من باب قعد الدعاء ، ويطلق على القيام في الصلاة ومنه قوله : { أفضل الصلاة طول القنوت ودعاء القنوت } أي دعاء القيام ، ويسمى السكوت في الصلاة قنوتا ومنه { وقوموا لله قانتين } . انتهى .

                                                                                                                            وفي البيضاوي { وقوموا لله قانتين } أي ذاكرين انتهى . فقوله فأمرنا بالسكوت : أي عن كلام المخلوقين ( قوله : وروي أيضا إلخ ) أتى به لبيان المراد من الكلام في الحديث الأول ( قوله : لمن قال لعاطس ) واسم القائل معاوية بن الحكم انتهى شرح روض ( قوله : أو حرف مفهم ) ظاهره ، وإن أطلق فلم يقصد المعنى الذي باعتباره صار مفهما ولا غيره وقد يقال : قصد ذلك المعنى لازم لشرط البطلان ، وهو التعمد ، وعلم التحريم انتهى سم على حج . وقضية قول الشارح من الوقاية عدم الضرر حالة الإطلاق إلا أن يقال : إنها عند الإطلاق تحمل على كونها من الوقاية ، ويوجه بأن القاف المفردة وضعت للطلب ، والألفاظ الموضوعة إذا أطلقت حملت على معانيها ولا تحمل على غيرها إلا بقرينة ، والقاف من الفلق ونحوه جزء كلمة لا معنى لها ، فإذا نواها عمل بنيته ، وإذا لم ينوها حملت على معناها الوضعي .

                                                                                                                            قال حج : وأفتى بعضهم بإبطال زيادة يا قبل أيها النبي في التشهد أخذا بظاهر كلامهم هنا ، لكنه بعيد ; لأنه ليس أجنبيا عن الذكر بل يعد منه ، ومن ثم أفتى شيخنا بأنه لا بطلان به . انتهى حج ، وأقره سم . وقوله لا بطلان به : أي ، وإن كان عامدا عالما ( قوله : كق من الوقاية ) لا فرق في ذلك بين كسر القاف وفتحها ; لأن الفتح لحن ، وهو لا يضر فتبطل الصلاة بكل منهما ما لم يؤد به ما لا يفهم على ما يأتي ، ولو قصد بالمفهم ما لا يفهم كأن قصد بقوله : ق القاف من العلق أو الفلق مثلا قال شيخنا طب إلا أنه لا يضر ، وهو محتمل ، ومثله ما لو نطق بف قاصدا به أول حرف في لفظة في فيحتمل أنه لا يضر . انتهى سم على حج .

                                                                                                                            ولو أتى بحرف لا يفهم قاصدا به معنى المفهم هل يضر فيه نظر . ا هـ سم على منهج . أقول : والذي ينبغي عدم الضرر ; لأنه ليس موضوعا للإفهام ، ونقل في الدرس ببعض الهوامش عن م ر ما يوافق ذلك فلله الحمد والمنة . وقد يقال بالضرر ; لأن قصد ما يفهم يتضمن قطع النية ، وكأنه لما استعمل ما لا يفهم في معنى ما يفهم صار كالكلمة المجازية المستعملة في غير ما وضعت له ، ولعل هذا أقرب لما تقدم من تضمنه قطع النية . [ ص: 37 ]

                                                                                                                            [ تنبيه ] هل يضبط النطق هنا بما مر في نحو قراءة الجنب والقراءة في الصلاة ، أو يفرق بأن ما هنا أضيق فيضر سماع حديد السمع ، وإن لم يسمع المعتدل كل محتمل ، والأول أقرب . ا هـ حج . أقول : الأقرب الثاني ; لأن المدار على النطق وقد وجد ( قوله : وكذا كرهت بعد حرف ) أي بأن أتى بحرف ممدود من غير القرآن ، بخلاف ما لو زاد كرهت على حرف قرآني ولم يغير المعنى فإنه لا يضر ( قوله : وإن لم يفهم ) أي الحرف ( قوله : لا تبطل بالبصق ) أي حيث لم يظهر به حرفان أو حرف مفهم كما هو ظاهر . ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            ( قوله : أي بواحد من ذلك ) ظاهره أنه لو ظهر بالضحك حرف وبالبكاء مثلا حرف آخر لا يضر ، ولعله غير مراد بل الأقرب الضرر ، وإن كان من جنسين ; لأن مجموعهما كلام ، وإن اختلف سبب التلفظ به كما لو نطق بحرفين لغرضين مختلفين ، وعليه فكان الأولى في حل المتن أن يقول : أي بما ذكر ; ليشمل ما لو كان الحرفان بسببين ( قوله : لما مر ) أي من أنها لا تبطل بدون حرفين أو حرف مفهم ( قوله : مطلقا ) ظهر حرفان أو لا ( قوله : الغفل ) هو بالغين المعجمة المضمومة والفاء الساكنة كقفل المراد به الصوت الذي لا يفهم منه حروف كصوت البهائم وصوت المزمار ( قوله : فلا تبطل به ) أي ; لأنه لا يشتمل على حروف ( قوله : كما يرجع إليه ) أي العرف ( قوله : والنحاة واللغويون ) من أنها لفظ وضع لمعنى مفرد ، وعلى عدم الضبط بما ذكر يدخل اللفظ المهمل إذا تركب من حرفين أو كان مجموعهما جزء كلمة .

                                                                                                                            ( قوله : لم تبطل ) ، وهو ظاهر حيث لم يحصل من مجموعهما كلام كثير متوال ، وإلا بطلت ; لأنه لا يتقاعد عن الكثير سهوا ، وهو مبطل ، ثم عدم البطلان هنا قد يشكل عليه ما قالوه في الصوم من البطلان فيما لو أكل ناسيا فظن البطلان فأكل عامدا . وقد يجاب بأن من ظن بطلان صومه قد يجب عليه الإمساك فأكله بعد وجوب الإمساك عليه لتحريمه يدل على تهاونه فأبطل ولا كذلك الصلاة ، وفرق أيضا بأن جنس الكلام العمد كالحرف الذي لا يفهم مغتفر في الصلاة بخلاف الأكل عمدا فإنه غير [ ص: 38 ] مغتفر . ( قوله : والعصر ) عبارة شرح الروض أو العصر . ا هـ . وعليه فالواو هنا بمعنى أو ( قوله : ثم أتى خشبة ) يجوز أن تكون قريبة منه فوصل إليها بما دون الثلاث ، وأن تكون بعيدة لكنه لم يوال بين الخطوات ( قوله : فقال له ذو اليدين ) اسمه الخرباق ، وليس هو ذا الشمالين ، وسمي بذلك ; لأن يديه كان بهما طول .

                                                                                                                            وفي المصباح : وذو اليدين لقب رجل من الصحابة ، واسمه الخرباق بن عمرو السلمي بكسر الخاء المعجمة وسكون الراء المهملة ثم ياء موحدة وألف وقاف ، لقب بذلك لطولهما .

                                                                                                                            ( قوله : قالوا نعم ) أي أبو بكر وعمر كما يعلم من قوله أو أن كلام إلخ ، ولعل تعبيره بالجمع ; لكون المنسوب إلى بعضهم كالمنسوب إلى الكل ( قوله : وجه الدلالة ) قال سم : وقد اشتملت قصة ذي اليدين على إتيانه بست كلمات فيضبط بها الكلام اليسير . ا هـ . ولعله عد أقصرت الصلاة كلمتين وأم نسيت كذلك ويا رسول الله كذلك ( قوله : أو جهل تحريمه ) أي ما أتى به فيها ، وإن علم تحريم جنسه .

                                                                                                                            ويؤخذ من ذلك بالأولى صحة صلاة نحو المبلغ والفاتح بقصد التبليغ أو الفتح فقط ، الجاهل بامتناع ذلك ، وإن علم امتناع جنس الكلام فتأمل . ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            وقوله بقصد التبليغ : أي وإن لم يحتج إليه بأن سمع المأمومون صوت الإمام ، ولا يقال : إنه مستغنى عنه حينئذ فيضر ، وقوله نحو المبلغ : أي كالإمام الذي يرفع صوته بالتكبير لإعلام المأمومين ( قوله : أي الكلام فيها ) عبارة حج : أي ما أتى به فيها ، وإن علم تحريم جنسه إلى آخر ما ذكره . ا هـ . وهي تفيد أن من علم تحريم الكلام دون ما أتى به فيها لم تبطل صلاته ، بخلاف إطلاق الشارح . ( قوله : أو نشأ ببادية بعيدة ) ويظهر ضبط البعد بما لا يجد مؤنة يجب بذلها في الحج توصله إليه : أي إلى من يعرف ، ويحتمل أن ما هنا أضيق ; لأنه واجب فوري أصالة ، بخلاف الحج ، وعليه فلا يمنع الوجوب عليه إلا الأمر الضروري لا غير فيلزمه مشي أطاقه ، وإن بعد ، ولا يكون نحو دين مؤجل عذرا له ، ويكلف ببيع نحو قنه الذي لا يضطر إليه . ا هـ حج .

                                                                                                                            وكتب عليه سم ما نصه : قوله : ويظهر ضبط إلخ ، ويحتمل أنه يضبط بما لا حرج فيه : أي مشقة لا تحتمل عادة م ر ا هـ . وينبغي أن الكلام فيمن علم بوجوب شيء عليه وأنه يمكن تحصيله بالسفر . أما من نشأ ببادية ، ورأى أهله على حالة [ ص: 39 ] ظن منها أنه لا يجب عليه شيء إلا ما تعلمه منهم وكان في الواقع ما تعلمه غير كاف فمعذور ، وإن ترك السفر مع القدرة عليه ( قوله : للخبر المار ) أي ، وهو قوله : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر إلخ ، بناء على ما مر من احتمال أن ذا اليدين كان جاهلا بالتحريم ( قوله : ويؤخذ منه إلخ ) لكن هذا المأخوذ لا يتقيد بكونه نشأ بعيدا عن العلماء ، ولا كونه قريب عهد بالإسلام كما يفيده قوله : ويؤيده إلخ فليتأمل ، إلا أن يقال : مراده أن هذا من الظواهر فلا يعذر بعيد العهد بالإسلام حيث لم يكن ببادية بعيدة .

                                                                                                                            ( قوله : وخرج بجهل تحريمه ما لو علمه ) ولا يشكل هذا بما مر من عدم بطلان صلاة من تكلم ساهيا فظن بطلان صلاته إلخ ; لأنه حين تكلم ثم عامدا ظن أنه ليس في صلاة فعذر بخلافه هنا فإنه حيث علم تحريم الكلام فحقه أن لا يتكلم فلم يعذر ( قوله : كنت ناسيا ) أي ناسيا لشيء من صلاتي كبعض التشهد مثلا فتداركته وسلمت ثانيا ( قوله : ويسلم المأموم ) أي قبل طول الفصل ، وإلا فتبطل صلاته فقط ( قوله : فكالجاهل ) أي فيعذر في يسيره ، لكن ينبغي أن لا يتقيد ذلك بمن قرب عهده بالإسلام أو نشأ بعيدا عن العلماء ، ويؤيده ما تقدم في قوله لإمامه قد سلمت ( قوله : فيما مر ) أي فيما لو سبق لسانه أو نسي أو جهله .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 35 ] فصل [ ص: 36 ] قوله : إذ أقل ما يبنى منه الكلام حرفان ) أي غالبا كما قال الشهاب حج احترازا عما وضع على حرف واحد [ ص: 37 ] كالضمائر ( قوله : وفي الأنوار ) عبارته ولو بصق في الصلاة أو صدر صوت بلا هجاء لم تبطل ، لكن لو صدر ثلاث مرات متواليات بطلت انتهت . وإنما حمله الشارح على ما إذا كان معه نحو حركة عضو يبطل تحريكه وإن كان لا يناسب إلا بحث الأفعال الآتي لأجل تقييده بثلاث مرات ( قول المصنف إن ظهر به حرفان ) أي أو حرف مفهم أو ممدود كما يفيده صنيع غيره كالبهجة ( قوله : كما يرجع إليه في ضبط الكلمة ) فإنها فيه تشمل نحو ضربتك [ ص: 38 ] قوله : أو أن كلام أبي بكر وعمر إلخ ) يدل على أن المجيب هما فقط ، وهو كذلك في رواية لفظها { فقال ذو اليدين أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : كل ذلك لم يكن وفي القوم أبو بكر وعمر ، فلما قالا كما قال ذو اليدين قام وأتم الصلاة وسجد سجدتين } انتهت ، وهذه الرواية ظاهرها أنهما قالا مثل قول ذي اليدين : أي أقصرت الصلاة أم نسيت ، وهو لا يناسب قول الشارح ، وأن كلام أبي بكر وعمر كان على حكم الغلبة لوجوب الإجابة عليهما ; لأن ظاهره أنهما أجاباه بقولهما نعم أو نحو ذلك ، ويحتمل أن قوله في هذه الرواية مثل ما قال ذو اليدين مقول قولهما : أي إنهما قالا هذا اللفظ : أي الأمر كما قال ذو اليدين فلا ينافي جواب الشارح المذكور فتأمل ( قوله : أي الكلام فيها ) عبارة الشهاب حج كشيخ الإسلام في شرح المنهج : أي ما أتى [ ص: 39 ] به فيها وإن علم تحريم جنسه ( قوله : ولو سلم من ثنتين ) أي وتكلم يسيرا عمدا كما صرح به في شرح الروض .




                                                                                                                            الخدمات العلمية