الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل في قضائه في نكاح التفويض

ثبت عنه أنه ( قضى في رجل تزوج امرأة ، ولم يفرض لها صداقا ، ولم يدخل [ ص: 94 ] بها حتى مات أن لها مهر مثلها ، ولا وكس ولا شطط ، ولها الميراث وعليها العدة أربعة أشهر وعشرا ) .

وفي " سنن أبي داود " عنه أنه ( قال لرجل : أترضى أن أزوجك فلانة ؟ قال : نعم ، وقال للمرأة : أترضين أن أزوجك فلانا ؟ قالت : نعم ، فزوج أحدهما صاحبه ، فدخل بها الرجل ، ولم يفرض لها صداقا ، ولم يعطها شيئا ، فلما كان عند موته عوضها من صداقها سهما له بخيبر ) .

وقد تضمنت هذه الأحكام جواز النكاح من غير تسمية صداق ، وجواز الدخول قبل التسمية ، واستقرار مهر المثل بالموت وإن لم يدخل بها ، ووجوب عدة الوفاة بالموت وإن لم يدخل بها الزوج ، وبهذا أخذ ابن مسعود وفقهاء العراق وعلماء الحديث ، منهم : أحمد ، والشافعي في أحد قوليه .

[ ص: 95 ] ( وقال علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت رضي الله عنهما : لا صداق لها ) وبه أخذ أهل المدينة ومالك والشافعي في قوله الآخر .

وتضمنت جواز تولي الرجل طرفي العقد كوكيل من الطرفين ، أو ولي فيهما ، أو ولي وكله الزوج ، أو زوج وكله الولي ، ويكفي أن يقول : زوجت فلانا فلانة ، مقتصرا على ذلك ، أو تزوجت فلانة إذا كان هو الزوج ، وهذا ظاهر مذهب أحمد . وعنه رواية ثانية : لا يجوز ذلك إلا للولي المجبر ، كمن زوج أمته أو ابنته المجبرة بعبده المجبر ، ووجه هذه الرواية أنه لا يعتبر رضى واحد من الطرفين .

وفي مذهبه قول ثالث : أنه يجوز ذلك إلا للزوج خاصة ، فإنه لا يصح منه تولي الطرفين لتضاد أحكام الطرفين فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية