الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( انسد مخرجه ) الأصلي قبلا كان أو دبرا بأن لم يخرج منه شيء وإن لم ينسد بلحمة كما قاله الفزاري ( وانفتح تحت معدته ) مخرج بدله ( فخرج ) منه ( المعتاد ) خروجه ( نقض ) إذ لا بد للإنسان من مخرج فأقيم هذا مقامه ( وكذا نادر كدود ) ودم ( في الأظهر ) لقيامه مقام المنسد في المعتاد ضرورة فكذا في النادر ، والثاني يقول لا ضرورة في قيامه مقامه في النادر فلا نقض ، والمعدة مستقر الطعام من المكان المنخسف تحت الصدر إلى السرة والمراد بها هنا السرة ، ومرادهم بتحت المعدة ما تحت السرة ، وبفوقها السرة ومحاذيها وما فوقها ( أو ) انفتح ( فوقها ) أي فوق المعدة بأن انفتح في السرة وما فوقها كما تقدم ( وهو ) أي الأصلي ( منسد أو تحتها وهو منفتح فلا ) ينقض الخارج منه المعتاد ( في الأظهر ) ; لأنه من فوقها بالقيء أشبه إذ ما تحيله الطبيعة [ ص: 113 ] تلقيه إلى أسفل ومن تحتها لا ضرورة إلى مخرجه مع انفتاح الأصلي ، والثاني ينقض ; لأنه ضروري الخروج تحول مخرجه إلى ما ذكر ، وعلى هذا ينقض النادر في الأظهر . ووقع للشارح في بعض نسخ شرحه زيادة لا قبل ينقض وصوابه حذفها كما حكيناه ، ولو انفتح فوقها والأصل منفتح فلا نقض كالقيء . وقوله أو فوقها هو ما في أكثر النسخ وحكي عن نسخة المصنف . وفي بعض النسخ أو فوقه : أي فوق تحت المعدة ، وهي تشمل الانفتاح في نفس المعدة الذي تقدم حكمه ، وحيث قيل بالنقض في المنفتح فالحكم مختص به لا يتعدى لغيره من نحو إجزاء الحجر وإيجاب وضوء بمسه وغسل بإيلاج فيه ، وهذا في الانسداد العارض .

                                                                                                                            أما الخلقي فمنفتحه كالأصلي في سائر الأحكام كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى والمنسد حينئذ كعضو زائد من الخنثى لا وضوء بمسه ولا غسل بإيلاجه ولا بإيلاج فيه قاله الماوردي وهو المعتمد وإن قال في المجموع لم أر لغيره تصريحا بموافقته أو مخالفته ويؤخذ من التعبير بالانفتاح أنه لو خرج من نحو فمه لا ينقض لانفتاحه أصالة

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ولو انسد مخرجه ) أي جنسه فيصدق بما لو انسد أحد مخرجيه ثم تفتحت له ثقبة ( قوله : وانفتح تحت معدته ) والمعدة بفتح الميم وكسر العين وبكسرهما وبفتح الميم أو كسرها مع سكون العين فيهما ا هـ شرح البهجة لشيخ الإسلام ( قوله : مخرج بدله ) قال سم على شرح البهجة الكبير : ولو تعدد هذا الثقب وكان يخرج الخارج من كل من ذلك المتعدد فينبغي النقض بخروج الخارج من كل سواء أحصل انفتاحه معا أو مرتبا ; لأنه بمنزلة أصليين م ر ويجوز للحليل الوطء في هذا الثقب وإن لم يكن للحليلة دبر ; لأن الممتنع هو الوطء في الدبر وهذا ليس دبرا م ر ا هـ بحروفه ( قوله : فخرج منه ) التعقيب الذي أفادته الفاء ليس مرادا ( قوله : وكذا نادر ) ينبغي أن يكون المراد بالنادر غير المعتاد فيشمل ما لم يعتد له خروج أصلا ولا مرة ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            ( قوله : ما تحت السرة ) أي مما يقرب منها فلا عبرة بانفتاحه في الساق والقدم وإن كان إطلاق المصنف يشمل ذلك فليراجع ( قوله : أو انفتح فوقها ) بقي ما لو انفتح واحد تحتها وآخر فوقها ، والوجه أن العبرة بما تحتها ، ولو انفتح اثنان تحتها وهو منسد فهل ينقض خارج كل منهما مطلقا أو لا ، إلا أن يكون أحدهما أسفل من الآخر أو أقرب إلى الأصلي من الآخر فهو المعتبر فيه نظر ا هـ سم على حج . أقول : ولا يبعد أن يقال ينقض الخارج من كل منهما تنزيلا لهما منزلة الأصليين ، وهو مقتضى ما تقدم عن حواشي البهجة فإنه أطلق في الثقب فيشمل المتحاذية وما بعضها فوق بعض ( قوله : بأن انفتح في السرة ) هذه الصورة لا يشملها لفظ الفرق لما مر أن المراد بالمعدة في كلامهم نفس السرة ، لكن ما ذكره هنا موافق لما قدمه في قوله وبفوقها [ ص: 113 ] السرة ومحاذيها وما فوقها ، وعليه فالتعبير بفوق إما مجاز في السرة وما فوقها ، أو هو بتقدير مضاف كأن يقال الأصل فوق تحتها ( قوله وعلى هذا ) أي الثاني ( قوله : كما حكيناه ) أي في قوله والثاني ينقض ( قوله : فالحكم مختص به ) أي النقض ، وأما الأصلي فأحكامه باقية ( قوله : لا يتعدى لغيره ) استثنى من ذلك في المجموع عدم النقض بالنوم به ممكنا . قال ابن حجر : وهو متجه للأمن حينئذ من خروج ريح أو غيره ا هـ سم . وسيأتي مثله في قول الشارح : ومثله ما لو نام متمكنا إلخ ( قوله : أما الخلقي فمنفتحه ) أي سواء كان على صورة الأصلي أم لا ( قوله : كالأصلي ) هل من ذلك حرمة استقبال القبلة به في الصحراء وندبه في غيرها ا هـ سم ، والمراد بقوله وندبه : أي ندب ترك الاستقبال كما يصرح به قوله فيما يأتي : ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها أدبا في البنيان .

                                                                                                                            وقول سم : هل من ذلك الظاهر ؟ نعم وهو مقتضى إطلاقهم ; لأنه حيث نزل منزلة الأصلي في سائر الأحكام كان في الاستقبال به مع عين الخارج انتهاك لحرمة البيت ( قوله ولا بالإيلاج فيه ) أي وهو جائز ( قوله : لانفتاحه أصالة ) اعتمد حج أن الفم ينقض ما خرج منه حينئذ ا هـ . قال سم عليه : هل ينقض حينئذ خروج ريقه ونفسه منه ; لأن خروج الريح ناقض ، والنقض بذلك في غاية الإشكال ، والمعتمد عند شيخنا الشهاب الرملي خلاف ذلك ، واختصاص هذا بما يطرأ انفتاحه دون المنفتح أصالة .

                                                                                                                            ( مسألة ) لو خلق إنسان بلا دبر بالكلية ولم ينفتح له مخرج وقلنا بما اعتمده شيخنا الشهاب الرملي من أن المنفتح أصالة كالفم لا يقوم مقام الأصلي فهل ينتقض وضوء هذا بالنوم الغير الممكن أخذا بإطلاقهم أن النوم الغير الممكن ناقض ؟ فيه نظر .

                                                                                                                            ويحتمل أن يقال بعدم النقض ; لأن علته أن النوم الغير الممكن مظنة خروج شيء من الدبر إذ لا دبر له ، ويحتمل النقض أخذا بإطلاقهم واكتفاء بأن النوم مظنة الخروج في الجملة : أي بالنظر لغير مثل هذا الشخص ، ولعل الأقرب الأول . لا يقال يؤيد الثاني أنه يحتمل الخروج من القبل ; لأنه لا أثر لاحتمال الخروج منه لندرته كما صرحوا به إلا أن يقال : تستثنى هذه الحالة فيقام فيها القبل مقام الدبر حتى في خروج الريح ، وفيه نظر فليتأمل ا هـ



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 112 - 113 ] قوله : فالحكم مختص به ) أي بالنقض ، ومراده اختصاص ما يتعلق بالنقض ليشمل ما سيأتي أنه لو نام متمكنا [ ص: 114 ] عليه لانتقض وضوءه




                                                                                                                            الخدمات العلمية