الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ عدم قبول المجهول ] إذا علم هذا فالحجة في عدم قبول المجهول أمور :

أحدها : الإجماع على عدم قبول غير العدل ، والمجهول ليس في معنى العدل في حصول الثقة بقوله ليلحق به .

الثاني : أن الفسق مانع من القبول ، كما أن الصبي والكفر مانعان منه ، فيكون الشك فيه أيضا مانعا من القبول ، كما أن الشك فيهما مانع منه .

الثالث : أن شك المقلد في بلوغ المفتي مرتبة الاجتهاد ، أو في عدالته ، مانع من تقليده ، فكذلك الشك في عدالة الراوي يكون مانعا من قبول خبره ; إذ لا فرق بين حكايته عن نفسه اجتهاده ، وبين حكايته خبرا عن غيره .

والحجة لمقابلة قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا [ الحجرات : 6 ] ، فأوجب التثبت عند وجود الفسق ، فعند عدم الفسق لا يجب التثبت ، فيجب العمل بقوله ، وهو المطلوب .

وبأن النبي صلى الله عليه وسلم قبل شهادة الأعرابي برؤية الهلال ، ولم يعرف منه سوى الإسلام ، بدليل أنه قال : ( ( أتشهد أن لا إله إلا الله ؟ ) ) قال : نعم ، قال : ( ( أتشهد أن محمدا رسول الله ؟ ) ) قال : نعم ، قال : ( ( يا بلال ، أذن في الناس أن يصوموا غدا ) ) . أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي . فرتب العمل بقوله على العلم بإسلامه ، وإذا [ ص: 61 ] جاز ذلك في الشهادة جاز في الرواية بطريق الأولى .

وأجيب عن الأول بأنا إذا علمنا زوال الفسق ثبتت العدالة ; لأنهما لا ثالث لهما ، فمتى علم نفي أحدهما ثبت الآخر ، وعن الثاني بأن القضية محتملة من حيث اللفظ ، وليس في الحديث دلالة لعدم معرفة عدالته بعد ذلك ، وأيضا فقضايا الأعيان تتنزل على القواعد ، وقاعدة الشهادة العدالة ، فيكون النبي صلى الله عليه وسلم قبل خبره لأنه علم حاله ، إما بوحي أو بغير ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية